تهديد ووعيد

تهديد ووعيد
م. عبدالكريم أبو زنيمة

ما إن لاحت في الأُفق بوارق عودة الحياة إلى طبيعتها بعد توقف بعض مجرياتها بعد الأزمة التي تسببت بها جائحة كورونا، حتى بدأت الشاشات الإعلاميّة ووسائل التواصل الاجتماعي تعج بفرسان التهديد والوعيد لمحاربة ومحاسبة الفساد وإنقاذ البلاد -منذرةً باقتراب موعد إجراء الانتخابات النيابيّة قريبًا-، وبعض هؤلاء “الفرسان” لا يتورعون عن مداهمة أي تجمعٍ مهما صغر حجمه في زمن قوانين الطوارئ التي تحضر التجمعات عارضين عليهم بضائع منتهية الصلاحية ومتفاخرين بصولات وجولات لم يشهد عليها ولها احد في زمنهم الغابر وبذات الوقت يهددون ويتوعدون ما ستشهده ساحة وغى حربهم ضد الفساد المنتظرة.
ما سنشهده في الأيام القادمة سيكون معارضة خالصة وسيوف مشرعة بوجه نهج الفساد، سيتزين ويرتدي المتسلقون والانتهازيون وحتى اللصوص عباءات شرف المعارضة الوطنية وسيزاحمون في الساحات الاعلامية والاجتماعية والوطنية القامات الوطنية التي أفنت عمرها مدافعةً عن الوطن وثوابته الوطنية ولقمة عيش المواطن وكرامته.
لقد تناسى هؤلاء أنَّهم من مخلفات الزمن الغابر الذي ساهم في تأسيس نهج الفساد ورعايته حتى استفحل في كل مفاصل الدولة والمجتمع، لقد كنتم يا أصحاب المعالي وأصحاب العطوفة والسعادة والباشوات تنعمون بجاه ونفوذ السلطة والمناصب ونعيمها عندما كانت مقدرات الوطن تسلب وتنهب، أغمضتم أعينكم عن رؤية كل اللصوص والمارقين والمندسين والمخربين الذين شوهوا كل جميل في هذا الوطن، لم تحركوا ساكنًا لمواجهة رياح الخراب التي نخرت كل أعمدة وركائز هذا الوطن، كنتم شركاء بهذا الدمار الذي حلّ بنا بطأطأتكم رؤوسكم وتمرير كل القرارات التدميرية التي بصمتم عليها جبناً أو جهلاً أو طمعًا بمنفعة، لقد أغمضتم أعينكم يا سادة بالوقت الذي كان عليكم أن تفتحوها، وصمتّم بالوقت الذي كان عليكم فيه أن ترفعوا أصواتكم عاليًا بوجه كل أشكال الخيانة، فلا تتنافخوا اليوم على وطن أضعتموه بصنعكم وبنائكم مركب الفساد الذي يمخر عباب الوطن! وكنتم أجبن من أن تتصدوا وتواجهوا أو حتى تصرحوا عمّا كان يجري ويحلّ بنا ويحاك ضدنا.
قريبًا سنرى هؤلاء بعباءات الوطنية والشرف في طول البلاد وعرضها كأبطال ونجوم مسرحية الديمقراطية والانتخابات، الديمقراطية الإسميّة المزيفة التي كرست وتكرس ما خططت له بريطانيا وورثته عنها أمريكا لإدارة المنطقة بواجهات عربية – دويلات ضعيفة مفككة وغارقة في الفساد تعتمد على الدعم الخارجيّ لضمان بقائها، ستجرى الانتخابات وسنشهد فصلاً جديدًا من فصول الفساد ومرحلة من مراحل دحرجة الوطن إلى الهاوية ليسهل تحقيق الحلم الصهيوني بإقامة الدولة اليهودية؛ الأمر الذي يتطلب ترحيل الفائض الديمغرافي من الفلسطينين لحسم الصراع في الجانب الآخر من الضفة الغربية، سيفوز فيها أصحاب النفوذ وسماسرة بيع الوطن وعشاق السفارات الغربية والمدرجين على جداول التزوير وعدد محدود من المعارضة الوطنية لأغراض الزينة والإعلام، سيتبدد التهديد والوعيد فور إعلان نتائج التزييف والتزوير وسنشهد بازار بيع وشراء الضمائر على أنغام أنين الوطن . أما الأحزاب السياسية فسيتجلى دورها في المشاهد الاستعراضيّة لكومبارس المسرح الانتخابيّ وأغاني الأوبيرا على أصوات طبول كسر ظهر الفساد!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى