بداية النهاية

#بداية_النهاية

م. #أنس_معابرة

البعض يعتقد أن ما يقوم به الاحتلال الصهيوني في غزة هو انتقام لما حصل لهم في السابع من أكتوبر، حين فاجأهم شباب المقاومة بهجوم بريّ وبحريّ وجويّ، هاجموا العديد من المستوطنات المحيطة بغزة، وقتلوا وأسروا المئات من المستوطنين الغاصبين للأرض، في عملية نوعية شهد العالم كله ببراعتها وحسن تنفيذها.

ربما يكون هذا حقيقة، أو جزء من الحقيقة، ونحن نعرف أن اليهود خبراء في عالم الحقد والدسائس والمكائد، ولكن حسبما أعتقد أن السبب الحقيقي وراء هذا الهجوم الهمجيّ الذي يتحدى العالم والقوانين الدولية صراحة يختلف عن دافع الانتقام وحسب.

مقالات ذات صلة

يهدف الاحتلال من خلال هذا الهجوم الذي يتبرأ منه المجرمون والسفاحون إلى اشغال العالم عما حدث في السابع من أكتوبر، يريد أن يمسح ذكريات هذا اليوم من ذاكرة سكّان العالم اجمع، لا يريد أن يتحدث بما حصل في ذلك اليوم السياسيون ولا المحللون العسكريون، بل لا يريد أن يذكر أحد ذلك، حتى لو كان في صالون حلاقة، ولكن لماذا؟

لكي نجيب عن هذا التساؤل؛ نحن بحاجة إلى أن نفهم الأساس الذي قامت عليه دولة الاحتلال، فهي قائمة على أساس مجموعة من المستوطنات “الكيبوتس”، وهو تجمع يضم عدد من المستوطنين الذي يعملون في مجال ما، وتقوم الدولة بتأمين الحماية لهم، ويمكن اعتبار كل كيبوتس دولة شيوعية لها موازنتها وقوانينها الداخلية.

وعلى هذا الأساس؛ تدعو دولة الاحتلال اليهود من جميع انحاء العالم إلى القدوم والإقامة بها، والتمتع بجواز السفر، ووظيفة مرموقة، ومنزل لائق خلال عدة أيام من القدوم، مع وعود بحياة مستقرة اقتصادياً ونفسياً وأمنياً، وهو السبب الذي ترى فيه معظم اليهود في دولة الاحتلال من مزدوجي الجنسية، لانهم حصلوا على جنسية دولة الاحتلال حديثاً.

غلاف غزة يحتوي على ما يقارب خمسين كيبوتس يقطنها حوالي 50 ألف مستوطن، يعملون في الزراعة غالباً، وتحرسهم قوات النخبة، أقوى وأفضل القوات في دولة الاحتلال حسب زعمهم، بل يقولون بأنها الأفضل على مستوى العالم.

ما حصل في السابع من أكتوبر هو بداية النهاية لدولة الاحتلال، فلقد نسف جميع الأسس التي قامت عليها دولة الاحتلال، وكشف لليهود القادمين من مختلف دول العالم بأن الحياة غير مستقرة في فلسطين، ولن يهدأ الفلسطينيون حتى يعودوا إلى اوطانهم وديارهم، وان الجيش وقوات النخبة غير قادرة على تأمين حياتهم واعمالهم، وأن السياسيين قد غدروا بهم وتركوهم في غلاف غزة للموت، بينما هم يتحصنون في العاصمة، وبالتالي عادوا – أو سيعودون – إلى أوطانهم الاصلية، وألقوا بجواز سفر دولة الاحتلال في سلة المهملات، حيث مكانه الصحيح.

أما أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين؛ فلقد وجدوا أنفسهم في بيئة قابلة للانهيار في اية لحظة، وفي منطقة تتربع على صفيح ساخن جاهز للانفجار، فلماذا يجلس منتظراً لحظة انهيار الأسواق وخسارة أمواله؟ وبالتالي فضّل العودة إلى وطنه حيث الاستثمار اكثر أمناً، والحياة أكثر استقراراً.

بل حتى العسكريين في جيش الاحتلال، يموتون في كل لحظة رعباً من الأهوال التي سمعوها من زملائهم عن بسالة مقاتلي المقاومة، وفضّل الكثير منهم الهرب من الخدمة العسكرية والعودة إلى وطنه، ومن يقاتل اليوم في جيش الاحتلال ما هم إلا مرتزقة من مختلف دول العالم، يقاتلون في سبيل المال فقط.

تشير التقديرات إلى أن عدد جنود المقاومة لا يتعدى 30 ألف مقاتل، محاصرون منذ عدة سنوات، وبإمكانيات بسيطة، وتدريب بدائي، هاجموا غلاف غزة، وتغلبوا على قوات النخبة، وأرهقوا الجيش الذي لا يُقهر، وقتلوا المئات منهم، ودمروا المئات من الأليات العسكرية، ولا شك لدي بأنهم قادرون على الانتصار حسبما وعدهم الله، فنسأل الله لهم الثبات والسداد.

ربما كان ما فعله جنود المقاومة الابطال رسالة لنا وللجيوش العربية والإسلامية، دولة الاحتلال وتساندها اقوى دول العالم بالعدة والعتاد والمرتزقة، وبأدق وسائل التكنولوجيا الحديثة، ويعجزون عن مواجهة 30 ألف مقاتل، فما بالك بجيوش جرارة؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى