ما الذي حصل في الاعتصام ؟ / يوسف القرشي

ما الذي حصل في الاعتصام ؟
خلال الأيام العشرين الماضية أقام عدد من طلاب الجامعة الأردنية أوتدة اعتصامهم أمام رئاسة جامعتهم ، وبعكس ما اعتقد الكثير ممن رآهم ، فقد استطاعوا أن يحدثوا جلبة لم تستطع تجاهلها وسائل الإعلام كثيراً ، وعدا بعض المحاولات لتشويه شخوص أو ” أجندات ” المعتصمين كان التعامل العام مع هذا الاعتصام مختلفاً عن غيره .
لنتعترف بالحقيقة ؛ لسنا في الأردن ولعين بالاعتصامات لا حكومة ولا شعباً ، فضلاً عن عدم إيماننا بجدواها في تحقيق المطالب ، ما أثبتته تجارب عديدة على مدى سنوات وسنوات ، ولربما كان غالبنا ينظر إلى هؤلاء الشباب من نفس المنظار وذات التجربة : ليسوا إلا مجموعة من الشباب الفارغ الذي وجد ما يشغله ، وسرعان ما سينسى ويرجع لدراسته وملهياته ويضع هذا الهم الذي هو أكبر منه ومن كل الطلبة جانباً ، وسيكتب بعض المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي يفرغ فيها غضبه على إدارة الجامعة الطماعة ، ثم يخلد إلى النوم .
لكنهم خيبوا أمالنا جميعاً ، وأثبتوا أنهم أقدر من غيرهم على حمل مسؤولية الأجيال التي تليهم ، فمعظمهم – بالمناسبة – لم يكن لينالهم قرار رفع الرسوم ، لكنهم فضلوا أن يستظلوا السماء ويلتحفوا الأرض ليكونوا جسر أمان يعبر عليه من بعدهم ، ربما دون أن يحس أن دونه أرضاً تحكي قصص التضحيات .
بعيداً عن القصص التي يمكننا أن ننسجها من شماغات نشامى الاعتصام ، سؤال لا بد من جوابه : ما الذي جعل اعتصام الأردنية ينتج ما لم ينتج غيره ؟ ويحظى بهذه التغطية والدفاع من العديد من الشخصيات الإعلامية والوطنية هنا وهناك ؟
لكلٍّ نظريته .. ولكني أعتقد أن السبب الرئيس ، هو أن هؤلاء الشباب استطاعوا أن يزيلوا الفروقات التي بينهم ليصلوا إلى هدف واحد وضعوه نصب أعينهم ، أبعدوا السياسة التي فرقتهم وبعثترهم ، وطلقوا خلافات الأيدلوجيا -ولو طلاقاً رجعيا – ليحل محلها هم الطالب وقضيته أولاً وأخيرا ، فلم تجد وسائل الإعلام إلا هتافاً مدروساً ، و بيانات متزنة ، ابتعدت عن الشخصنة والتجريح للأشخاص والهيئات ، وعلقت عباءة الجهويات والقبليات جانباً ، إلى الحد الذي دفع بعض الصفحات ووسائل الإعلام إلى تلفيق بعض الهتافات دون أي مصدر ، ليثيروا بعض البلابل هنا وهناك .
ولكن الأردن أثبت أنه أقوى بشبابه وعقلائه ؛ شبابه الذين يدافعون عن حقوقهم ، وعقلائه الذين يتقبلون الشباب ويعرفون همهم ويعلمون أن الاستجابة لمطلب كمثل هذا ليس فيه إهانة لمؤسسة ولا لهيئة وإنما هو ميل لصالح الطالب الصالح ..الذي يعرف الآن أن وطنه يريده هو بالذات ، ولا يتخلى عنه إذ جارت عليه ظروفه … لقد مال الميزان هذه المرة لصالح الدولة والمواطن ، وعلى الكفة الثانية ..طاش أقوام لا نعرف من هم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى