والسياسة بلا خلق !! / منصور ضيف الله

والسياسة بلا خلق !!

الاشياء في عمان عادية ، عادية الى درجة الصفاقة والبلادة ، الناس يمضون بسرعة ، الشوارع تلهث تحت وقع الاقدام ، والزمن شيخ هرم ، يضحك ثم يمد لسانه وينتظر ، يا الله ، كم هو مفجع ان ينتظر الزمن ، يفرك يديه ويغرق بقلق القادم . العادية هنا مظهر خادع ، ثمة إثارات تحتاج من يلتقطها ، يعيد إمساكها ، يغرق في تفاصيلها ويغيب .

كانتا امرأتين حورانيتين ، من درعا البلد ، ومن عائلتين معروفتين ، تجمد الحديث ، علت البرودة أطراف الكلام ، الغرباء يصعب لقاؤهم كما يصعب افتراقهم . انفتح الوجع تدريجيا ، طلع الثقة غزا اطاريف الورد ، وتسلل دفء يقتل برودة الجو وصقاعته . الانوثة في احيان كثيرة مشروع مؤقت ، فخلف جلد كل امرأة رجل ، المسالة فقط في اكتشافه ، وقيادة زمامه ، والقائه على الطاولة كما يفعل لاعبو الورق . درعا جرح مفتوح ، كرة ظلت تتدحرج في خريطة السياسة والنفوس ، تكبر او تصغر ، حسب وقائع الارض . لكن السؤال الاهم لماذا درعا ، لماذا درعا ؟ ولدرعا تاريخ طويل في الدولة السورية ، بصراحة لم يكن سؤالا بحتا ، ولم تكن مناجاة ذاتية ، مزيج من وجع والم ، وفرد ومجموع . تلتقط الحديث ام مصطفى ، امرأة سرها في عينيها ، على غير عادة نساء الارض ، درعا لانها اسرائيل ، ودرعا لانها امريكا ، ودرعا لان ثمة مشروع عالمي ينفذ . الحكومة العاليمة مزيج من صليبية متشددة ويهودية عتيقة ، ونظام مالي عالمي معقد ، كلها تريد حماية اسرائيل . الجنف كتاب تاه ، اختطفته اصابع خفية ، وتاه . تلتفت الي : هل ستتدحرج الكرة الى بقاع اخرى ؟ واصمت . ثمة ذئب يربض في عينيها ، وكومة من رجال حلموا بالحرية والكرامة . غاب الرجال ، غابت الحرية ، وبقيت الكرامة هناك ، ربما في سويسرا . احاول استراق بعص الانوثة ، لعلي ازرع شيئا من دفئها في ارجاء المكتب ، ويتأبى الامر . تدور اقداح الشاي ، باردة لكنها لذيذة . ينفجر المكان بصمت شجي ، تصر السيدة على : لاثمن ، ضيافة لبدوي تكلم بصراحة ، وارفض . درعا كريمة ، واهلها شرفاء ، لكن الحروب لا ترحم ، والسياسة بلا خلق . والشهداء لن يعودوا . نتوادع بعد ان اصبحنا اصدقاء ، الشوارع تضج بالغلابى ، وعمان تغرق بعادية مجنونة .

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى