هل من سبيل لإيقاف قانون الجرائم الالكترونية؟

على خلفية إعتقال الاستاذ الجامعي
هل من سبيل لإيقاف قانون الجرائم الالكترونية؟
د. معن علي المقابلة

بات قانون الجرائم الالكترونية سيف مسلط على كل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ، وخاصة الناشطين السياسيين ، فمنذ ان دخل هذا القانون حيز التطبيق قبل خمس سنوات والتعديلات الي طرأت عليه تم اعتقال وتوقيف العشرات ان لم يكن المئات بتهم تتعلق بأرائهم السياسية وكشفهم عن مواطن الخلل في إدارة الدولة.
زَعْم الحكومات المتعاقبة من وراء تشددها في مواد هذا القانون والتي تصل للحبس من سنة الى ثلاث سنوات او غرامة مالية ، انها تسعى لحماية المجتمع والموظف العام من الافتراء عليه اوما أُخذ يعرف باغتيال الشخصية، الا ان المتتبع لسياسات الحكومات الأردنية المتعاقبة يلاحظ انها سياسة دولة ضاقت ذرعاً بالرأي الاخر الذي يخالف رأيها ، وما يؤكد انها سياسة دولة ان الامر لم يقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي ، ففي عام 1997م اصدرت الحكومة قانوناً معدلاً لقانون المطبوعات والنشر ادى الى إغلاق ثلاثة عشر صحيفة اسبوعية ، الا ان هذه الصحف عادت للصدور في قرار عادل وتاريخي لمحكمة العدل العليا بعدم دستورية القانون ، وبعد خمسة عشر عاماً عدلت الحكومة قانون المطبوعات والنشر وذلك للحد من تأثير المواقع الاخبارية الالكترونية وجلبها لبيت الطاعة الحكومي ما ادى الى إغلاق مئتين وواحد وتسعين موقعاً إخبارياً ، واشترطت على هذه المواقع او من يريد تأسيس موقع الحصول على ترخيص من دائرة المطبوعات والنشر وهي مؤسسة تابعة للحكومة ، لتأتي ثالثة الأثافي باصدار هذا القانون قانون المطبوعات والنشرليؤكد ان الدولة بكل مؤسساتها مصرة على خنق الحريات العامة.
كان اخر الموقوفين على خلفية هذا القانون أحد اساتذة العلوم السياسية في جامعة اليرموك وهو الاستاذ الدكتور محمد بني سلامة على خلفية نشره بوست على صفحته الخاصة في الفيس بوك يتهم احد الوزراء الحاليين بإجراء تعيينات وترفيعات مخالفة للقانون ، وقد جاء توقيف بني سلامة بتهمة التشهير والاساءة كونه نشر بالاسماء ما اعتقد انها تعيينات مخالفة للقانون مما ادى الى تقدم بعض من وردت اسمائهم فيما نشره على صفحته بشكوى ضده يتهمونه فيها بالتشهير والاساءة كما اوضحوا هم في رسالة نشروها للدفاع عن انفسهم.
انبرى الكثير من زملاء وطلاب وناشطي الحراك الشعبي في الدفاع عن بني سلامة وتم إطلاق هاشتاقات تطالب بالافراج عنه، مع ان قضية الدكتور بني سلامة قضية بين طرفين لم تكن الدولة طرف فيها وانما شكوى من قبل الاشخاص الذين وردت اسمائهم في ما نشره عبر صفحته واعتبروها اساءة وتشهير بهم فلم يكن إعتقال وانما استدعاء ثم توقيف على ذمة الشكوى وكان التوقيف يوم الخميس ليتم احتجازه يومي الجمعة والسبت كونهما عطلة رسمية، وقد يكون هذا التوقيت مقصوداً، اثناء كتابة هذا المقال تم الافراج عن الدكتور بني سلامة يبدو انه تم تسوية بينه وبين المشتكين ، وهنا اود ان اوجه مقالي لكل من انبرى للدفاع عن الدكتور بني سلامة، واخص بالذكرزملاءه من الاكاديميين، وطلابه ممن هم على مقاعد الدراسة وممن تخرج وتبوؤا مواقعهم في الدولة وتتلمذوا على يديه مبادئ العلوم السياسية وحقوق الانسان ومبادئ الديمقراطية، والحقوقيين وكل الناشطين وللدكتور بني سلامة نفسه بعد ان فك الله كربته ، ان هذا القانون الذي تم توقيف الدكتور بني سلامة على خلفيته وقبله المئات آلا يحتاج منا جميعاً موقفاً حاسماً والبدء بحملة منظمة لإلغائه والاكتفاء بقانون العقوبات الاردني فقط ، فهذا القانون يتعارض مع نص الدستورالاردني الذي كفل حرية الرأي، وميثاق حقوق الانسان الذي وقع عليه الاردن ، وكل المواثيق الدولية، فحتى لا نضيع الفرصة مرة اخرى فقد حذرنا في الحراك الشعبي قبل سنوات من تبعات هذا القانون اذا ما تم تمريره ولم يساندنا احد حتى وقع الفاس بالراس ، ولم يعد احد بمنأى عن الوقوع في شباك هذا القانون.
اخيراً وليس آخراً ، هذا القانون لن يوفر احد اكاديميين وناشطين وحقوقيين وصحفيين وقضاة، ولا استبعد ان إيقاف الدكتور بني سلامة واختيار نهاية الاسبوع لهذ الإقاف لإيصال رسالة ترهيب للقطاع الاكاديمي الغائب اصلاً عن التفاعل بالقضايا الوطنية، والمفارقة في هذا القانون انه يتم إيقاف المُشتكى عليه مباشرةً اسبوع او اكثر على ذمة القضية بصرف النظر عن مكانته او وظيفته ، وقد تكون شكوى كيدية بحيث اصبح هذا القانون عصى غليظة على الجميع.

د. معن علي المقابلة
باحث وناشط سياسي
Maen1964@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى