عرس ومعازيم / د.رياض ياسين

عرس ومعازيم
عن الانتخابات البرلمانية الأردنية اتحدث،وتحديدا تصريحات الهيئة المستقلة للانتخاب،بوصول مليون استفسار إلى الموقع الرسمي للهيئة المستقلة حول اجراءات العملية الانتخابية، وقراءة ذلك على انه يعني إقبال كثيف على المشاركة. ومبدئيا أقول،فقد جرت العادة ان يتم في الاعراس توجيه الدعوات للمئات وقد يحضر نصف العدد في أحسن الاحوال وقد يحضر ربعه وهكذا.
المنطق يقول ان كثرة الاسئلة تدل على أمرين ،الاول ان الجمهور فاهم المعادلة ومتحمس تماما وحابب يتأكد فقط من بعض المسائل، وإما ليس فاهما ولا مستوعبا آلية الانتخاب والقوائم المجزوءة وخرائط التحالفات المقسومة في كل دائرة انتخابية ،وكأنها استنساخ لفكرة الصوت الواحد ولكن بإضافة اصوات اخرى محصورة في قوائم مجزوءة هذه المرة.
يواجه المرشحون على مايبدو صعوبات بالغة في تشكيل القوائم الانتخابية، ومردّ ذلك الى أن اتساق فكرة القوائم جاءت مفاجئة لمن كانوا قد تربعوا على عرش الفوز في الصوت الواحد بجهودهم المالية وحظوتهم العشائرية والمناطقية في المجلسين الأخيرين بصورة اكثر تركيزا.الإشكاليات الناشئة لدى المرشحين قد تتعدى هذه المرة إقناع الجمهور ببرامج وخطابات الى محاولة إقناع الجمهور بمبررات تشكيل القائمة على هذا النحو او ذاك،والملاحظ لما يتسرّب عن بعض القوائم وجود تلاقي مؤقت لشخصيات توجهاتها غير منسجمة وتكويناتها السياسية غير واضحة وليس لديها اي رؤية سياسية بل السعي الى التحالف مع من لديه حظوة كبيرة بالفوز على حساب البرنامج والوطن والعمل السياسي.
التحدي الأكبر الأول الآن بالنسبة للهيئة المستقلة التي تمثل الدولة رغم انها حيادية في إدارتها العملية الانتخابية،ورئيسها وزير سابق لحكومة وضعت القانون وساهمت في صياغته وتمريره لمجلس النواب الذي أكاد اجزم انه لم يكن على دراية كافية بابعاد وخفايا القانون وتكنيكاته،وكل ماكان مطروحا في حينه هو القفز على النقد الذي واجهه قانون الصوت الواحد لياتوا ببديل مختلف مهما كانت ديباجته وتكنيكاته.
وقد نحسب للقانون أنه يتيح الفرصة امام الجميع للانخراط في الترشيح ضمن قوائم لتقديم خطاب يرتقي نسبيا بالحياة البرلمانية ولو مبدئيا من ناحية الشكل حيث ان القوائم تتيح التحالف وهذا لم يكن متوفرا خلال الصوت الواحد،ولكن تبقى معضلة القوائم في طغيان مرشح على آخر،فالتركيبة الفسيفسائية للقائمة غير الناضجة سياسيا تعيدنا الى مربع الصوت الواحد،انطلاقا من ان نضوج الناخب على اسس سياسية وحزبية غير متوفر،والقانون لا يراعي فكرة انتخاب القائمة كاملة بل مجزوءة،وبالتالي تتشتت البرامج بتششت القوائم في كل دائرة انتخابية فرعية.
كل ذلك قد لا يشكل خطرا على العملية برمتها بقدر مايشكل حجم المشاركة المزمع والمتوقع والمطمئن نتيجة مشاركة بعض القوى السياسية الحزبية والشعبية ذات الثقل الاجتماعي والشعبي،فمشاركة جماعة الاخوان المسلمين من خلال حزب جبهة العمل الاسلامي سيكون مطمئنا لجهة مشاركة شعبية واسعة مضمونة مطمئنة للهيئة المستقلة واجهزة الدولة، فهي بهذا المعنى صمام امان لنجاح العملية في شكلها الانتخابي في وقت مبكر نسبيا ولن يكون هناك حاجة للتمديد او التأجيل سواء في موعد الاقتراع أو تاجيل موعد يوم الانتخابات كما حددته الهيئة المستقلة.
مانشرته دائرة الاحوال المدنية مؤخرا حول نسب المؤهلين للمشاركة في الانتخابات، ووجود حوالي مليون ناخب خارج البلاد يعني ان الدولة بكل تأكيد قد اعدت العدة لتمكين هؤلاء من الانتخاب، فالقانون لا يحظر على من هو خارج البلاد بالإدلاء بصوته في هذا العرس، إلا إذا كان هؤلاء ليسوا من المعازيم على هذا العرس الوطني.
rhyasen@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى