هل المراجعات ضرورية؟ / سالم الفلاحات

هل المراجعات ضرورية؟
المراجعة في اللغة على وزن المعاودة لفظا ومعنى .

تتبعت الايات التي وردت فيها مشتقات( رجع ) في كتاب الله فوجدت غالبيتها العظمى جاءت لتدلل على المعنى الايجابي المرغوب فيه وقد وردت في اكثر من مائة وعشر مرات .

فقد جاء في سورة الملك: ( فارجع البصر هل ترى من فطور ).

وفي سورة يوسف وردت مرارا ومنها : (لعلي ارجع الى الناس لعلهم يعلمون ).

(لعلهم يعرفونها اذا انقلبوا الى اهلهم لعلهم يرجعون) وجاء ايضا قول الله تعالى وجاء ايضا (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما اخذتم عذاب عظيم ).

وقوله تعالى ( عبس وتولى ، ان جاءه الاعمى ، وما يدريك لعله يزكى ).

وكذا في حديث رسولها صلى الله عليه وسلم : لو استقبلت من امري ما استدبرت لفعلت كذا وكذا.

وقوله:ــ يبعث الله على راس كل مائة عام لهذه الامة من يجدد لها دينها ,و هذا في امور الدين فما بالك في الاداريات في الدنيا ؟

وقوله بعد الرسالة عن حلف الفضول :ــ لو ادعى الى مثله في الاسلام لأجبت.

وقوله :ــ لولا عمر لهلك الناس , في اسرى بدر وهكذا ……

· المراجعة ليست تراجعا ,

· المراجعة نقد ذاتي أمرنا به أمرا ، فمن استوى يوماه فهو المغبون.

وفقه الفاروق “حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوا اعمالكم قبل ان توزن عليكم”.

· المراجعة تعني التدقيق والفحص ثم التصحيح والانطلاق.

· المراجعة تقع في دائرة الحديث الشريف( يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتاويل الجاهلين ).

منْ أحوج منا وابصر والزم بالمراجعات الدائمة نحن في الحركة الإسلامية.

ليس منا في الغالب الا و بنى بيتا او استاجره ليسكن فيه ,فهل ترك او غفل عن التدقيق فيه من الخارج وبكل تفصيلاته، وغيّر وبدل وتدخل في التفصيلات، وعدّل على الموجود, وحتى لو كان مستأجراوتأكد من مواصفات معينه واضاف وحّسن وجوّد ما استطاع.

وماذا يفعل البناؤون والمهندسون بعد بناء مدماك او مدماكين الا النظر من زوايا متعددة للبناء وتفقده في مراحله المختلفة ,ويكون استلام المبنى بالتدريج بعد كل مرحلة انجاز , كما يتم فحص المباني بعد كل زلزال او بعد مضي مدة من الزمن على البناءاو عند بيعها لتقدير كفاءتها .

ما احوج الجادين واصحاب المشاريع الكبيرة للتدقيق والمراجعة . .

ألم يقسم الله تعالى بالنفس اللوامة ويذكرها في موضع المدح ؟ (ولا اقسم بالنفس اللّوامة )

و قد كان جبريل يعارض ( يراجع) رسول الله صلى الله عليه وسلم القران في كل عام وراجعه مرتين في العام الذي قبض فيه .

وكما ان الفرد بحاجة لمراجعة مسيرته بل وعمله اليومي في نهاية كل يوم لانه يقع في الاخطاء والخطايا والانسان يجتهد وقد يصيب وقد يخطىء في تقديره للأشياء قال تعالى ( وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لاتعلمون ) ولذلك فهو بحاجة لمراجعة دائمة وهو فرد .

وكذلك فالجماعات والاحزاب والدول من باب اولى, والله تعالى يقول:

“وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ” ﴿155﴾.

ان الحركة الاسلامية اليوم احوج ما تكون لمراجعات عميقة وجوهرية لا لإعادة النظر بالاسلام كما يحلو للبعض ان يتعجل , ولا للاستسلام للاملاءات , وليس من باب الهزيمة انما لئلا تضيع الجهود التي قدمها المؤسسون الأوائل ومن جاء بعدهم على مدى عقود طويلة, ولاعادة ترتيب امورها وفق المستجدات والمتغيرات الدولية والاقليمية والمحلية والاحداث المتسارعة.

ليست المراجعات الفردية فقط وانما مراجعات منظمة من خلال مؤتمرات علمية منظمة ولقاءات مطولة هادفة وجريئة , تتبعهاقرارات سليمة.

ان الذي لا يجدد مفاهيمه ويحسنّها ويطورها , ويجدّد وسائله وادواته واساليبه سيصبح غريبا لا ينسجم معه احد في المجتمع وكأنما هو من عالم آخر.

ليس هناك ادنى شك انّ هذا الدين الخاتم العظيم , لابد وان يكون صالحا للبشرية حتى قيام الساعة, ولا يصح ان يعتريه النقص فقد قرر القران الكريم ( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا )فالمشكلة في فهمنا وقدرتنا على استيعاب النصوص الثابتة ووضعها في مكانها الصحيح , وكيفية التعامل معها , وعدم تحميلها ما ليس منها, والنقص ليس فيها انما فينا نحن المتعا طين معها فقط, وهذا الذي نعنيه بالتدقيق والمراجعة. الم يقل ابو بكر الصديق رضي الله عنه لجمهور الصحابة.

“يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الآيَةَ ، وَتَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَا وَضَعَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ”.

“يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ”.

“إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ”.

وهل ضر عمر رضي الله عنه ان قال أخطأ عمر وأصابت امرأة, في موضوع تحديد المهور

المراجعة تكون ناجحة ان شملت تصحيح مناهج التفكير والنظر والمنطلقات والقواعد المعتادة لتأكيدها او تصحيحها او تعديلها او تطويرها.

واخيرا هل المراجعة الجادة بحاجة لأدلة واقناع وتسويغ؟

سالم الفلاحات

23/1/2016

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى