لماذا تحتاج أرمَلَة القذّافي إلى قَرارٍ مِن مَجلِس الأمن الدَّوليّ لزِيارَة ابنَتِها وأحفادِها

سواليف
تسببت السيِّدة صفيّة فركاش، أرمَلة العَقيد الرَّاحِل معمّر القذافي، بحالةٍ من الغَضب والإحباط في الوَقتِ نَفسِه عندما كَشَفَت، في رِسالةٍ نادِرةٍ لها، بأنّ أطرافًا دوليّةً ما زالَت حتّى اليوم تُضايِقها لأنّها كانَت زَوجةً للرَّجُل الذي “مَزَّق مِيثاق الأُمم المتحدة”.
السيِّدة صفيّة كَشَفَت “أنّ المُؤسَّسات الأُمميّة تَضَع العَراقيل بهَدف حِرمانِها من رؤيَة ابنَتِها وأحفادِها بطَريقةٍ لا يُمكِن اعتبارها إلا استفزازيّةً، وتَغيب فيها كُل الجَوانِب الإنسانيّة”، وهِي مُحِقَّةٌ في هذا التَّوصيف، وربّما كانَت أكثَر تأدُّبًا عِندَما لم تذهَب إلى ما هُوَ أبعَد مِن ذَلِك.
إنّها قِمّة اللاإنسانيّة أن تحتاج السيِّدة فركاش إلى انعقادِ مجلس الأمن الدوليّ للتَّشاور للبَتْ في طَلبٍ تقدَّمت بِه لزِيارَة ابنتها عائشة وأحفادِها الذين يُقيمون حاليًّا في سَلطَنة عُمان، بمُبادَرةٍ مِن حُكومَتها بعد أن تقطَّعت بِهِم السُّبُل ولم يَجِدوا مَكانًا يَلجَأون إليه بعد إغلاقِ كُل الأبوابِ والحُدود في وجوههم، وباتَت حياتَهُم مُهَدَّدةً.
لا نَعرِف ما هِي الجَريمة التي ارتكَبتها هَذهِ الأرمَلة، وحَوّلتها إلى خَطَرٍ يُهَدِّد الأمن والسِّلم الدَّوليين، وتَحتَاج زِيارَتها لأحفادِها إلى اجتماعٍ لمَجلِس الأمن الدَّوليّ، وهِي التي لم تَنخَرِط في أيِّ عَمَلٍ سِياسيٍّ، وظَلَّت بَعيدةً عن الأضواء لأكثَر مِن أربعين عامًا.
ليبيا كانَت ضَحيّةً لقرار مجلس الأمن الدوليّ بإعطاءِ الضُّوء الأخضَر لحِلف “الناتو” للتَّدخُّل عَسكريًّا فيها، وهُوَ التَّدخُّل الذي أدَّى إلى مَقتلِ أكثَر من ثلاثين ألف شخص على الأقل، وتدمير البُنَى التَّحتيّة، وتهجير أكثر من ثلاثة مليون ليبي يَعيشون في ظُروفٍ مأساويّةٍ في دُوَلِ الجِوار، وسَرِقَة أكثَر مِن 500 مِليار دولار من ودائِعها وعوائِدها النِّفطيّة وذهبت إلى جُيوب الفاسِدين، وتَغَوُّل المِيليشيات المُسَلَّحة قَتلًا وتَدميرًا، حتّى أنّ الرئيس الأمريكيّ باراك أوباما لم يَنْدَم على أيِّ شَيءٍ طِوال فَترتيّ حُكمِه إلا على قَرارِ غَزو ليبيا، وهذا مُوَثَّقٌ بالصَّوتِ والصُّورة.
قرار الإطاحة بالعقيد معمّر القذّافي مِن الحُكم في ليبيا لم يَصْدُر بسببِ قَتلِه لشَعبِه، فتِلك كانت ذَريعَةً، وإنّما لأنّه كانَ يُعارِض الغَرب الاستعماريّ، والاحتلال الإسرائيليّ، ويَدعَم المُقاوَمة، ويُريد تعزيز الوِحدَة الأفريقيّة بالتَّنميةِ والاستثمارات والتِّجارةِ البينيّة، ورَصَد ثَرَوات ليبيا مِن أجلِ إصدار “الدِّينار الأفريقيّ” كبَديلٍ عن العُملات الغربيّة (اليورو والدولار) والوَثائِق الفِرنسيّة أكَّدت جميع هَذهِ الحَقائِق، مِثلَما أكَّدت دور الرئيس ساركوزي، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في هذا المُخَطَّط، وسيلفيو برلسكوني، رئيس وزراء إيطاليا السَّابِق، قالَ الكَثير في هذا الصَّدد في شهادَتِه للتَّاريخ.
عارٌ على مَجلِس الأمن الدوليّ أن يَحرِم سيِّدة عَمِل على تمزيقِ وِحدَة بلادها الترابيّة والديمغرافيّة، وشَرَّع غَزوَها وتَدميرها، وتَحويلِها إلى دَولةٍ فاشِلَةٍ، مِن زِيارَة أحفادها وابنتها، وهِي التي خَسِرت زوجها، وبلدها، واثنين مِن أبنائها لا تَعرِف أينَ دُفِنوا، بينما ما زالَ ثلاثة آخرين خَلفَ القُضبان.
“رأي اليوم”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى