فيلم غير مترجم

مقال الثلاثاء 4-4-2017
النص الاصلي
فيلم غير مترجم
بُعيد القمة الأخيرة.. كلما فتحت التلفاز على قناة عربية ،وجدتها غارقة في تسليط الضوء على كلمة زعيم بلادها مؤكدة ان مداخلته كانت الأقوى والأهم والأوضح والأشجع وتصب في الصالح العربي العام أكثر من غيرها ، كما ارتأت جميع القنوات بلا استثناء أن تعيد الكلمة التي ألقاها الزعيم في كل موجز للأنباء وبين البرامج وقبل نقل آذان العشاء وحتى في فترة الأطفال ..مؤكدة – القنوات العربية- أن حكمة الزعيم ورؤيته وشجاعته وحصافة رأيه لا مثيل لها … الطريف في التحليل العربي ان كل قناة رسمية كانت تنحاز بشكل منفّر لزعيم بلادها وتطلق عليه وصف “حكيم العرب” لأكتشف خلال 24 ساعة أن لدينا 18 “حكيماً عربياً” مناوباً غير الغائبين والمغيبين..إذا كان كل هؤلاء حكماء فمن أين كل هذه المصائب إذا؟
**
لا يهم ..في نفس اليوم وهرباً من هذا الخطاب المتهالك..ذهبت إلى أدغال القنوات التي لم أدخلها يوماً في حياتي واخترت فيلما فرنسياً قديماً غير مترجم للعربية كي لا يصيبني ذات المسّ العربي..وبدأت أتابع حوار وأحداث الفيلم دون أن انجح في التقاط خيوط القصة أو أعرف مجريات الحوارات..تارة يكون البطل عصبياً منفعلاً يقوم بتكسير زجاج البيت بعد شجار عنيف مع زوجته وتارة أخرى يجلسان على طاولة رومانسية في إحدى البارات..تارة يستقل طائرة خاصة و يحيطه بعض المرافقين وفي حضنه حقيبة ممتلئة بالدولارات وتارة يقوم بتغيير فوطة أحد أطفاله في غياب زوجته عن البيت ..المسألة برمّتها غير مفهومة والقصة غير واضحة واللغة غير مترجمة وأنا غير معنيّ بالانسجام المهم أن أقضي ساعة أو ساعتين بعيداً عن النفاق العربي المشترك…الفيلم غير المترجم ذاته شاهدته من جديد ببرنامج يسعد صباحك الجمعة الماضية عندما استضاف البرنامج معالي د.موسى المعايطة ليتحدّث عن اللامركزية وأهميتها..أكثر من ثلث ساعة وأنا أحاول أن التقط خيوط القصة أو أعرف مجريات القانون والفائدة المرجوّة دون أدري..حتى الضيف كان يتكلّم بصوت داخلي – غير الذي يظهره للناس عن أهمية اللامركزية – يبدو فيه غير مقتنع بما يقوله..
اللامركزية من وجهة نظري..فيلم جديد “سنتلبّسه” بسبب عدم وجود رجال شجعان في الإدارة والسياسة يقولون بصوت مرتفع “لا يلزمنا” و”مش وقته”..الكل يجاري ويطبطب ومتيقّن من فشله قبل أن يبدأ..المسألة واضحة وضوح الشمس: يردون مخرجاً أو بنداً لصرف مئات الملايين تحت “تجربة اللامركزية” ليعاد تقييمها بعد سنة او سنتين ونكتشف ان الترهل تضاعف والخدمة في تراجع والقرار في حيرة بين الإقليم والمركز..وخزوق كثيرة تستنزف خزّان الدولة المالي والإداري…أتذكرون “كلنا الأردن”؟ “الأجندة الوطنية”؟ الحوار الوطني؟…وغيرها من الألبومات الإدارية التي صدرت تباعاً بنفس الإيقاع دون أن تطربنا !!
**
هذا الفيلم الغامض..مجبرون على مشاهدته والمشاركة به دون أن يجرؤ أي كان على قول رأيه بصراحة دون غمغمة…
لسنا الهند ولا الصين حتى تتداخل المهام والخدمات …وتشعر الدولة بالإعياء بسبب الجهد المبذول…
من العقبة إلى عمان ثلاث ساعات ومن الرمثا لعمان ساعة ونصف يعني لو واحد جاي ع باله “آذان الشايب” بمنطقة العقبة الاقتصادية بيصلن من الرمثا ساخنات ..

ع شو لا مركزية.. يا حجّة مرزيّة؟؟!!

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. كذلك المؤسسات المستقلة التي انشأت لتوظيف أبناء المتنفذين تسبب بخسائر ٢ مليار دينار سنوياً لخزينة الدولة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى