عذر أقبح من … / يوسف غيشان

عذر أقبح من …
كان الرجل شكّاء متذمّرا ، وكان يجلس في القهوة كلّ يوم ويجلد الحكومة بسياط أقواله واحتجاجاته على ارتفاعات الأسعار المتكررة ، حيث كان يتهم الكبار بسرقة أموال الشعب وقوته وحليب أطفاله ، وما شابه ذلك من مصطلحات كان يستخدمها يوميّاً في المقهى .
وكان إذا شاهد التشجيع والتحفيز في عيون المستمعين يرفع من سطوة الكلام رويداً رويداً ، ويتكلم في السياسات الحكومية محليّا وعربياً ودوليا .
مع كلّ ارتفاع أسعار كانت شعبيته تزداد ، ممّا حدا بأحد الأجهزة الأمنيّة إلى استدعائه ع السكّيت ، حيث أكل إللّي فيه النصيب ، وخرج مذعوراً مهزوما بعد ان وعدهم بأنّه لن يكرّر أقواله وأفعاله مرّة أخرى ، حتى أمام المرآة.
توقف عن الذهاب إلى المقهى خشية الإحراج ، لكنه لم يستطع صبراً ، فانطلق بعد أيام من الانقطاع إلى مكانه المعتاد ، حيث أخذ وضعه المتصدر للجلسه .. نظر ذات اليمين وذات الشمال ، فارتعب … وصار يعتقد أنّ كلّ من في المقهى يتآمر عليه ، ويسعى إلى توريطه .
بعد أن طال سكوته ، وهذا أمر غير معهود ، قال أحدهم :
– بتعرف يا رجل إنه بغيبتك زاد سعر شوال الرز دينارين ؟؟
صمت الرجل .
– ما سمعنا تعليقك … إحكي يا رجل .. مش عوايدك !!
تننحنح رجُلنا ، وأدرك أن عليه التحدّث عاجلاً أم آجلا ، لكنه قرّر ردّ الكيد إلى نحر السائلين والمتربصين.
فقال للرجل السائل :
– طبعا بده يغلا … إنته مستقلّ شوال الرز قديش فيه حبّة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
من كتابي(لماذا تركت الحمار وحيدا)الصادر عام2008

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى