ونيش / سهير جرادات

ونيش
سهير جرادات

” ونيش ” مصطلح متعارف عليه بين “الشوفرية “، وخاصة سائقي الونشات، التي تعمل على رفع السيارات المتعطلة، وتكون مهمة العامل على ” الونش” إلى جانب سواقة الرافعة أو “الونش”؛ تركيب الجنازير على السيارات المتعطلة ورفعها من مكانها، والعمل على نقلها وايصالها بعد تحريكها بكل عناية ودقة إلى مكان تنفيذ عمليات الاصلاح وحل مشكلة العطل .

تسمية ” ونيش ” لم تعد مقتصرة على سائق “الونش” ، وانما أصبحت تطلق على كل من يمتلك هواية الرفع ، وأول الذين يستحقون هذه التسمية ، حكومتنا التي يشهد لها بالرفع ، الذي بدأ برفع أسعار المواد التموينية ، ورفع أسعار تعرفة الركاب، والمشتقات النفطية، مرورا بالوعد بعدم رفع أسعار الكهرباء خلال العام المقبل ،وصولا إلى رفع أسعار المياه دون إعلان،ومن دون أن يرافق ذلك أي ضجة اعلامية .

خصائص الرفع للحكومة لا يتوقف عند رفع الاسعار ، إنما يمتد كنتيجة حتمية الى رفع مستوى الفقر وبالتالي زيادة شريحة الفقراء بين أفراد المجتمع على حساب الشريحة المتوسطة الدخل التي تسحق يوما بعد يوم ، ومن ثم ترتفع نسبة السخط الشعبي على الحكومة التي ” قشطت ” جيب المواطن ، وقضت على أحلامه بالعيش الكريم .

الرفع عند الحكومة بكل الأوجه والطرق، حتى منسوب المياه” رفعته”بشكل أحدث تأثيرا سلبيا على الأفراد والمجتمع، كما شهدنا في الشتوة الأولى التي هطلت فيها أمطار الخير على حبيبتنا عمان التي “غرقت بشبر ماء” ،بعد أن تكشفت ضعف بنيتها التحتية ونفوس القائمين على تهيئتها ، ورفعت أيضا نسبة الخسائر بين الارواح البشرية ، إلى جانب الخسائر المادية التي لحقت بالمواطن ، ناهيك عن الخسائر المعنوية ، والاهم خسارة الثقة بجاهزية الحكومة وأجهزتها وابسطها في تصريف أمطار الخير التي حولوها لتقصيرهم إلى فلم رعب يرعب المواطن .

أصبح من الواضح أن من يقود الحكومة ، يمتلك قوة القلب في رفع الاسعار ، بطريقة أصبح جديرا بأن يحظى بلقب ” ونيش ” ؛ لبراعته في رفع كل شيء على وجه الأرض ، ليصل الأمر أن ترفع الحكومة العتب عن أعوانها ومسؤوليها اتجاه أي تقصير يكون نتيجته تعريض المواطن للضرر، ورفع المسؤولية عن نفسها والقائها على الآخرين، والتخلي عن تحمل المسؤولية تجاه ما يحدث من مشاكل تقع على المواطن ،الذي يتحمل نتائجها وحده.

إن منهج وأسلوب الرفع تكون نتائجه وتبعياته معروفة ، أهمها وأولها رفع نسبة الفساد والمحسوبية والواسطة وهي نتائج حتمية لسياسة الرفع التي يمتاز بها “الونيش” ، الذي أصبح بامتياز قادرا على قيادة “الونش” وتنفيذ عمليات الرفع بحرفية ودون خوف أو وجل.

إن سياسة الرفع التي تنتهجها حكومتنا جعلتها مثل “الونش” الذي لا يجيد سوى الرفع ، ومن يقودها يستحق بكل جدارة لقب ” ونيش ” لأنه لا يجيد سوى الرفع ، ولا شيء غير الرفع..

اللهم ارفع البلاء عن البلاد والعباد ونجنا من جشع الحكومات التي أغرقتنا بالديون والسيول.
Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى