الموت بالمجان / احمد المثاني

الموت بالمجان

مثلما تتعدد البدايات .. كذلك تتعدد النهايات . و تجري مقادير بما كتب لنا . و الولادة و الموت قدرنا المحتوم .
للموت وقعه و جلاله ! كنا نظنه موعدا لمن شاخ و تقدمت به السن .. و كنا نطمئن إلى شبابنا ، غير مبالين بغير معترك الحياة و زينتها .. ثم جاءنا زمن احترب فيه الناس .. أقوام و دول .. أفراد و جماعات .. و تفنن الانسان بصناعة الموت .. بما يدمر مظاهر الحياة .. و يخطف الآجال .. دون ترك فرصة للنزع !! بصورة فاقت أشد الأمراض فتكا .. فتسابقت الدول في انتاج آلة الموت ، من أسلحة تقليدية .. و أخرى للدمار الشامل . و انشغل عباقرة الشر في التسابق باختراع أشد الأسلحة فتكا .. و كيف يمحو الانسان أخاه الإنسان .. و كيف شعوب تمحو شعوبا بأكملها .. و صرفت أموال في صناعة فنون الموت ما يفوق اطعام الشعوب الجائعة .. هكذا حين يتوحش الإنسان .. و يخلع إنسانيته .. مترنما بحمل رايات الحروب و الاقتتال ..

… اليوم ، و في هذه الايام الأخيرة من هذا الزمن الصعب .. أصبحنا ننام ونصحو على فواجع من أشكال الموت و أسبابه ..
إنها حوادث الطرق التي يتربص الموت الزؤام في منعطفاتها .. يخطف أرواح أحبة لنا .. و يترك قلوبا مفجوعة تنفطر من هول المصاب .. إنها حوادث السير و السيارات التي تسحق زهر الشباب .. مثلما تسحق زنبقة .. و تطفىء بريق الشباب الواعد مثلما تطفأ شمعة ..

كل يوم لنا مع الموت موعد .. أحبة ذهبوا وغابوا و هم يقبضون على جميل أحلامهم .. و فرح أهليهم .. موت لم يمهل .. و لم يفرق بين شباب و كهولة .. لم يفرق يبن من شبع من عمره و من لم يكد يضع قدمه على بوابة الحياة .. في مقتبل العمر .

للأمهات اللواتي ذقن مرارة الحدث ..و اكتوت قلوبهن بنار المصاب .. و للآباء الذين غالبوا دموع الحزن و خسروا السند و فلذات الأكباد .. و للأهل و الأحبة .. كل العزاء .. و لكن رحمة بنا ، و رحمة بالعباد ، أيها الذين تجلسون خلف مقود السيارة .. لا تجعلوا موت أحبتنا… موتا بالمجان

– أحمد المثاني –

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى