أبواب الرزق / سهير جرادات

أبواب الرزق
بدا واضحا أن الوظائف العامة ، وخاصة المناصب العليا منها أصبحت لبعضهم بابا من أبواب الرزق والأمن الاجتماعي الذي يوفر لأصحاب هذه الوظائف. فنجد بعض هؤلاء المتمتعين بهذه المناصب لا يجيدون عملهم ، ولا يقدمون شيئا يفيد الوطن، وبالأصل لم يكن مطلوبا منهم تقديم ما هو مفيد ، لأن من اختارهم هوعلى دراية تامة بعدم قدرتهم على تقديم أي فائدة ، كونهم غير مفيدين أصلا.
والأدهى من كل ذلك، أنهم لا يُسألون، ولا يُمس طرفهم ، إلا في حالات تكون فيها المصلحة العليا اظهار حسن النوايا للجهات المطالبة ، أو في بعض الحالات إرضاء للمواطن الذي سئم من تفشي الفساد ، ناهيك عن عدم جدية الجهات المعنية في محاسبة الفاسدين ، ووضع حد لتجاوزاتهم .
وفي حال تمت مساءلتهم ،فإن الغرض منها اقناع الناس بحس نواياهم في اجتثاث الفساد والفاسدين ، ولاستعادة ثقة الناس وضمان سكوتهم من خلال تقديم القربان وإخفاء ما هو أعظم ، وفي الحقيقة هي عملية شغل للمواطن بقصص الجدية بمكافحة الفساد، لغايات تمرير قرارات وقوانين وأنظمة سواء على الصعيد المحلي أو الخارجي ليست بصالحه ، لذلك يتم البحث عن كبش فداء بعيدا عن مقدار الجرم المقترف ، فليس شرطا أن تكون المحاسبة لصاحب الجرم الأكبر ، إنما للموجود حاليا على الساحة .

الحكومات وضعت مدونات قواعد السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة العامة ، لتؤكد المحافظة على المال العام ، وعدم المساس بمصالح الدولة وممتلكاتها وعدم التفريط بأي حق من حقوقها ، أو التصرف بطريقة تضر بالمصلحة العامة ، وعدم استخدام الوظيفة العامة بصورة مباشرة أو غير مباشرة للحصول على مكاسب مالية أو أي شيء له قيمة لمصلحة خاصة به أو بعائلته ، ولكن تلك المدونات هي التي خرق بعض اعضائها شروطها وضرب كل ذلك بعرض الحائط.من المضحك ، تلك المساءلة البرلمانية الصادرة عن مجلس النواب منذ أيام ، والتي عزم مجلس النواب من خلالها تحويل استيضاحات واردة في تقارير ديوان المحاسبة للسنوات الممتدة بين أعوام 2009-2015 الى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، والنائب العام .
صحيح أن الحكومة وصفت دور مجلس النواب في مناقشة تقارير ديوان المحاسبة تحت القبة بأنه “على أعلى درجات الدقة العلمية، وعلى أعلى درجات الطرح السياسي المتقدم والإداري ، وأنه أمر غير مسبوق” ، إلا أنه لا توجد قناعة بجدية الأمر والمضي قدما في التحقيق ومحاسبة المسؤول، وأن العقاب سيكون بمقدار الجرم ، لأننا تعودنا بأن الأمور ستتم لفلفتها بطريقة ساذجة ، فيها كثير من الاستخفاف بالعقول .
ورغم هول ما صدر عن مقرر اللجنة المالية النيابية ، بأن تحويل وزراء زراعة سابقين إلى الادعاء العام لارتكابهم قضايا من شأنها الإضرار بسلامة الأردنيين، ل”استيراد عجول اثيوبية، بالتزامن مع وجود حجر صحي عليها ، إلى جانب استيراد محاصيل زراعية غير مطابقة للمواصفات والمقاييس ، واستيراد إبل من قطر، رغم منع التعليمات بالاستيراد ، بسبب الأمراض” ، إلا أنه يبقى ما يدور تحت القبة البرلمانية من حديث حول جدية محاسبة ومعاقبة الفاسدين، أقرب الى التمثيليات ، ومع الأسف الفاشلة منها ، والتي لا تجدي نفعا ولا تخرج بنتيجة مرجوة ، ولا تتعدى زوبعة مفتعلة في فنجان ، ليبدو لنا بطريقة واضحة أن الفساد لم يعد مستشريا فقط ، بل شائعا حتى أصبح مألوفا ، و له رعاية ، ما يعني ان عدم اجتثاثه أو استئصاله يحتاج لارادة جادة.حقا من المؤسف أن بعض الوظائف العامة والمناصب العليا ،صارت أبواب رزق للنهب بطرائق “مشروعة” ، وأمن اجتماعي لعدم محاسبة المفسدين بالعقاب المناسب في الوقت المناسب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى