“مصطلحات فيسبوكيه” …شيخ صيني / د. نبيل العتوم

“مصطلحات فيسبوكيه” …شيخ صيني

اخواني أخواتي اكسسوارات ” الشيخة “هذه الأيام في الأردن غير مكلفة على الاطلاق عباءه “مقصب” صيني ، دشداش وحطه وجرابات بيضاء ” استريج” لها “مغيط” ، وكندرة بيضاء” بوز” لميع نمرة 44 نعل تقليد، طبعاً بتفحط بالنزول ، وعقال “مرعز” صيني نمره اثنين ،وقلم مطلي “ذهبي ” الاثنين بدينار ونصف عن أحد البسطات، قابل للتفاوض ، وكل هل البيعة لا تكلف أكثر من 100 دينارا شامل وقية كنافة- طبعاً- من عند” حبيبه” وسط البلد، وأجرة بكب ايسوزي موديل 2003 “اسكارسا” تم استئجاره لهذه المهمة الوطنية . النتيجة بتطلع شيخ ” صيني” ديلوكس ، وقبلها طبعاً “دوزنلك” سكسوكه عند الحلاق ، على أنغام هجيني “عبده موسى” ، هذا إلى جانب تحضير علبة عطر تركيب ، وخلال يوم بتصير شيخ ، وفكاك نشب، وتصبح وجيهاً “يتنومس” فيك القائم مقام ، ومدراء الدوائر في كل مناسبة ، ويتم انتدابك ليس للصلحات والعطوات ، بل تتقدم الصفوف ، وتدلي بالشآن السياسي والاصلاحات والفزعات الوطنية والقومية ، وتهز راسك بمناسبة وبدون مناسبة … وهذا ما يجري اليوم في الأردن في رحلة ” التشييخ” .

لم یعد الحدیث عما یجري داخل” الفيسبوك” من المحرمات الوطنیة ربما بسبب الانقلاب في المفاهيم وبشكل غیر مسبوق ، والتي جاءت بسبب السیاسات الخاطئة لبعض مؤسسات الدولة في تنصيب “الشيوخ والوجهاء “في فترة كانت هذه الفئة أحد أهم رموز العمل الوطني لنشأة الدولة الأردنية ، ومن أهم اللبنات التي تشكل ركائز المجتمع التي دعمت وأيدت فكرة الدولة بكل ما أوتيت من قوة ، وبنت علیھا تاریخھا السیاسي , والتي لم تتعارض فيها يوماً منظومة العشائر مع دولة القانون بما تتمتع به من شیم رفیعة وممارسات اجتماعیة موروثة لھا جذور في تاریخنا العربي والاسلامي ، والتي كانت ولا زالت تُشكل في مجملھا ركن ثابت ومنیع من اركان الدولة الأردنية .
المؤكد ان اللحاق بركب الدولة المدنیة لا يتعارض مع القيم العشائرية والقومية ، كما صوره بعض اللذين تقلدوا مناصب هامة في الدولة الأردنية ، وكانت أحد أهدافهم تفكيك العشائر وهدم المعبد فوقها ، وتنصيب ” شيوخ صيني ” لا يملكون من الثقافة والمعرفة ما ئؤهلهم للعمل العام ، وقد تناسى هؤلاء دور العشائر عبر التاريخ الأردني من خلال دورها في مكافحة الاستعمار في بناء الدولة الأردنية ، مثلما لا ننسى دور ابناء العشائر الاردنیة اللذين نافحوا وسقطوا شهداء على اسوار القدس الشریف وفي باب الواد واللطرون نصرةً للقضية الفلسطينية ، والحراك السياسي التي كانت تضطلع به من خلال الانخراط في الأحزاب ، و ترأس المؤتمرات التي عقدوها عبر تاريخ الأردن والمطالبة بتعزيز قيم الديمقراطية ، وضرورة تشكيل الحكومات الوطنية ، أو ما أصطلح على تسميته في تلك الفترة بحكومات الانقاذ ، إلى جانب ذلك كان لها الدور الأبرز في تعزيز دور المجالس التشريعية التي كان لها صولات وجولات في اخضاع الحكومات واسقاطها ، من خلال رموز وطنية سطرها التاريخ الأردني المشرق بحروف من ذهب .
لكن ما الذي حصل اليوم نتيجة سياسات الدولة غير الحكيمة عبر تفریخ قیادات عشائریة جدیدة لا تحظى بالقبول المجتمعي، مما شكل أھانة مقصودة لأغلب عشائر الأردن وكان لها دوراً لا یستھان بھ في تفتیت العشائر وإضعافھا من خلال سیاسة صنع المستشیخین الجدد على قاعدة ” عد دفاتر العائلة وإرد المي ” ، وهذا ما أدى إلى اضعاف دور العشائر لصالح دعم الدولة ، وجرى بذلك التنكر الواضح لدور العشائر في تاريخ الدولة والوقوف معها عندما تشتد الصعاب ، ويدلهم الخطب ، وللأسف محاولة توظيف العشائر على مبدأ ( المصلحة ) ْ للدفاع عنها عند الحاجة، وطرحها ارضاً عندما تنعدم الحاجة الیھا في ساعات الیسر او ربما تجییشھا في حالات ” الفزعة الموسمية ” على مبدأ ” وين النشامى أهل الفزعة ” في الانتخابات البرلمانیة أو البلدية أو اللامركزية لرفع النسبة المئوية ، وحتى يكتمل النصاب . هذا عدا عن تماهي مؤسسات الدولة- بشكل متعمد -عن اتخاذ الإجراءات الصارمة ضد بعض الأشخاص المنبوذين عشائرياً من الخارجين عن القانون ، واللذين لفضتهم عشائرهم بقوة ، مما خلق صورة مشوهة عن العشائر، و بشكل سلبي كحاضنة للمجرمين وقطاع الطرق والمهربين .
لم تدرك الدولة بعد أن إضعاف العشائر وكسر شوكتها من خلال تعزيز الخلافات فيما بينها عن طريق ” التشييخ ” لا يصب في مصلحة الدولة واستقرارها ، لأن الشيوخ ” الصيني ” فشلوا في الحد من حالة الاحتقان ، وفي فرض كلمتھم على أبناء عشائرهم على مستوى الأحداث البسيطة التي جرت في الأردن ، وما زاد الطين بله عدم اعتراف أبناء هذه العشائر ، وجمھور الشباب بالتحدید بهؤلاء الشيوخ بحلتهم الجديدة ، واعتبارھم ممثلین لھم .
لقد أصاب هذا الاستهداف العشائر ، و حطم وشائج القربى والعلاقات بين مكونات الأردنيين، وبات سفينة يتلاطمها الفضاء الأزرق ، و بدأت تتلمس خطورة استهدافها وتهميشها ، وادركت أنها مجرد أداة بيد سلطة يتم توظيفها على نظام ” الفزعة ” ، والتي أثرت بالتالي على علاقتها مع الدولة ، ما سيكون لذلك تداعيات خطيرة على العلاقة التحالفية معها ، وبدأت تبحث عن نفسها عبر الحس الوطني الاردني الجمعي عبر الفضاء الأزرق ، بعد أن تم تهميشها ضمن إطار الدول الوطنية الأردنية ، بعد أن تصويرها كعامل شد عكسي ، وكقوى شريرة من جانب أبطال ” الديجتال ” .
فأية دولة هذه التي تغذي كل عناصر الفرقة ، وتسمح لمسئوليها بغرس أسباب العنصرية والتناحر من خلال منظومة تشريعية كقانون الانتخاب ، الذي فتت معه المجتمع وفق مسطره عبثية ، وحطمت فكرة الديمقراطية والأحزاب والبرلمان ، وبات الإقصاء والتهميش هو أحد عناوين المشهد السياسي في الأردن، عززه نكران الدولة لسنوات الوئام والمحبة والإخلاص وذكريات العيش المشترك والتي أسهمت فيه العشائر في نهضة الأردن وبنائه ، لذلك كان الجزاء لهم بأن جل مناطقهم وشبابهم يعانون الفاقة والفقر والعوزوالتهميش ، وبات معه هشتاق # الرده الوطنية# هو الشعار الذي يصدح به الفضاء الأزرق ليل نهار .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى