ما جئنا لنُفسدَ في الأرض / عودة عياصرة

ما جئنا لنُفسدَ في الأرض
سافر ابناء البلد فتكون صورة الوطن قاسية مثلما تودّعُ حباتُ القمحِ سنابلها فتبقى السنابلُ خاويةً تهزّها الرياح حيثُ تشاء ، يسافرُ ابناءُ الوطن الى عواصمَ تأويهم ومدائن تنصفُ شبابهم ، يغادرونَ أوطانهم مُكرهين ولولا الجشع لبقيت أجسادهم ملتصقة بروح الأرض .

وعند الوداع في موكب المغادرين تجلسُ هناك صمامات القلوب وتبدأ أرضُ المطار باستقبال أمطارها من دموعٍ تذرفها أمهاتٍ يودّعن ابناءهن الى دهاليز الغربة ، تُقلع الطائرةُ ومعها يتنهّدُ المسافرُ تنهيدة وداعٍ وشهيق قهر ، ينظرُ الى أرض وطنه وذرّات التراب المخلوطة بدموع أمه تبتعد شيئاً فشيئاً الى أن تتلاشى الصورةُ تحت السحاب .

سافروا وكوكبُ الأرضِ وطنُ المظلومين ، سافروا فالطموحُ مُكدّسٌ فوقَ شهاداتكم العليا ، سافروا وابحثوا عن قوت المستقبل فبضاعتكم مزجاةٌ ورخيصةٌ مواهبكم ، سافروا وخاطبوا مطارات العالم : ما جئنا لنُفسدَ في الأرض ووزيرنا فاسدٌ كبير.

كشطيرة البيتزا يأكلون الوطن ويتلذذّون بمقدّراته ، يتناحرون مثل الضباع على نهش الخيرات ، هم الغزاةُ الحقيقيون وما همهم الا تسمينُ أرصدتهم لتتّسع امعاء الجشع وتمتلئ احشاء العُهر ، أما الضريبة هي أحلامكم وعلى حساب فاتورة الشباب .

مقالات ذات صلة

سافروا ولا تنسوا أن الوطنَ يودّعكم باكياً فتبيضّ عيناهُ من الحزنِ وهو كظيم ، وعند العَودة يرتدُّ اليهِ بصره ويبتسمُ فرحاً لقدومكم ، فبرغم اليباس وبرغم القحط والهزل وبرغم سنين عجافٍ أصابتهُ ما زال الوطنُ يشتاقُ اليكم فاحضنوهُ عندما تعودون .

عودة عياصرة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى