مئة عام على الغدر / طاهر العدوان

مئة عام على الغدر
مئة عام على الثورة العربية الكبرى ، مئة عام على أكبر عملية غدر قامت بها بريطانيا ضد العرب. والقصة بدأت عندما استغلت الامبراطورية البريطانية الاستعمارية مشاعر العرب الاستقلالية عن الدولة العثمانية فقامت مع شريكتها فرنسا الاستعمارية بحبك أقذر المؤامرات في التاريخ ضد الشعوب العربية التي تسكن بين البحر المتوسط غربا وشط العرب شرقا. وذلك من خلال عقد اتفاق سري بينهما سمي باتفاق سايكس – بيكو من اجل تحقيق ٣ أهداف. الاول – منع قيام دولة عربية واحدة تضم بلاد الشام والعراق والحجاز. الثاني – تقسيم البلاد العربية الى حصص استعمارية بينهما، العراق والأردن وفلسطين لبريطانيا، وسوريا ولبنان لفرنسا. ٣- تحقيق الهدف الأكبر من هذه المحاصصة والتقسيم باقامة وطن لليهود في فلسطين تحقيقا لوعد وزير خارجية بريطانيا بلفور.

وعود بريطانيا لشريف مكة الحسين بن علي قامت على ركنين ١- ان تقوم بمساندة الشريف حسين اذا ما اعلن الثورة ضد الدولة العثمانية من مكة من اجل حرية واستقلال العرب مع وعد بالاعتراف بقيام المملكة العربية على جميع المناطق العربية في اسيا الغربية. ٢- ان يقف شريف مكة الى جانب بريطانيا ضد الدولة العثمانية وهو ما يعطيها المشروعية في حربها ضد الخليفة العثماني الامر الذي لن يغضب مئات ملايين المسلمين في المستعمرات البريطانية بالهند والبنغال والسند والبنجاب ونيجيريا ومصر والسودان وغيرها.

هذه الوعود تبخرت بعد نجاح الثورة واذا بالغدر يظهر امام (ملك العرب) عندما انكشف اتفاق سايكس – بيكو مشفوعا بالطلب من الشريف بان شرط قيام مملكته يكون اعترافه باقامة وطن لليهود في فلسطين وعندما رفض هذا الشرط تمزقت مملكته الموعودة وانتهى الامر به الى المنفى في قبرص الذي قضى فيه ٦ سنوات وعندما اشتد عليه المرض نقل الى عمان ثم ما لبث ان توفي حيث دفن في القدس بناء على وصيته .

عندما كنت في قبرص ونزولا من الجبل الى مدينة ليماسول أشار مرافقي الى منزل وحيد وسط الغابة يطل على البحر البعيد قائلا: في هذا المنزل قضى الشريف حسين سنوات المنفى الطويلة. اليوم أتمنى ان تقوم الدولة بشراء المنزل، ان كان لا يزال موجودا، وتحويله الى متحف يحفظ ذكرى نضال ومعاناة ملك العرب، وقائد ثورة حمل احلام الامة بالوحدة والحرية والاستقلال. لقد اعطى لحليفته الامبراطورية وعدا صادقا فكافأته باكبرعملية غدر في التاريخ . لانه الغدر الذي قاد الى نكبة فلسطين ، والى تقسيم بلاد العرب ، بل انه الغدر الذى أسس لجميع النكبات التي شهدتها المنطقة حتى اليوم .

مقالات ذات صلة

وأتمنى لو ان يقوم أولي الامر بإطلاق اسم ( الشريف حسين بن علي ، ملك العرب ) على تقاطع منطقة الصناعة الذي سيجري افتتاحه بعد ايام تحت اسم تقاطع النهضة او الثورة العربية الكبرى. ان اسمه من يستحق التكريم.. فالثورة لم يتبقى منها الا سيرة هذا الرجل، الثائر ، الملك ، حامل الاحلام الكبرى التي لا تزال أمة العرب تعتبرها أعز الأمنيات وأغلاها . اما ( مملكة العرب ) التي من اجلها اطلق رصاصة الثورة فلم تتجسد على الارض إلا بالاردن ومملكته . فالأردنيون وطنا وشعبا ظلوا الاوفياء حتى بعد ١٠٠ عام من الغدر .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى