على هامش عملية الاستفتاء في بريطانيا : …. محمد عياش القرعان

يبلغ عدد سكان بريطانيا حوالي 64 مليون نسمة ..اختلفوا فيما بينهم على مسألة انضمامها للاتحاد الاوروبي من انفصالها . طبعا رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، كان مع قرار بقاءها مع الاتحاد، فلم يركب رأسه ولم يتشبّث بقراره كونه الحاكم الاوحد للبلاد، ولم يخوّن من وقف ضده، ولم نرى مؤيديه يجوبون الشوراع يرفعون صوره ويهتفون باسمه، ويشتمون من وقف ضده ويتهمونهم بالخيانة والعمالة للخارج ( مع ان هذا الخارج الذي يتهم المعارضين بالتعامل معه اصبح صديقنا الحبيب !!) والاجندات الخارجية وتخريب البلاد وهكذا، كما تفعل معظم الشعوب العربية مع حكامها غالبا، والقليل من يشذ عن هذه القاعدة، ولكل قاعدة شواذ !! . بل تم الاحتكام للاستفتاء الشعبي في نهاية المطاف، واشراك الشعب في مثل هكذا قرار مصيري للخروج من هذا الخلاف الوطني في البلاد، “كما نفعل نحن بالضبط دائما، باشراك الشعب في كل قرار يهم الوطن والمواطن، مهو الصحيح” !!! والصندوق هو الحكم الفصل في هكذا امور، كما تفعل الدول المتحضرة والتي تحترم شعوبها دائما . فهرع البريطانيون يوم الاستفتاء، بالملايين للصناديق دون وقوع اي مشاكل او مناحرات او اطلاق عيارات نارية او اطلاق شعارات عنصريه او كراهيه لبعضهم البعض، وبدون قطع بث القنوات التلفزيونية والاذاعية لبرامجها وبث الاغاني الوطنية التي تتغنى بحكمة “جلالة الملكة اليزابيث المعظمة” والحكومة الرشيدة، وبدون استضافة اصحاب الوجوه الكالحة “وهزّازي الذنب” المنافقين من المحللين السياسيين والاعلاميين والصحفيين ووجوه البلد وضباط متقاعدون وهكذا، وبدون اعلان حالة الطوارئ في البلاد بسبب هذا “العرس الوطني” المهم . وكانت النتيجة في اخر المطاف في صالح الانفصال عن الاتحاد، بنسبة بلغت 52 بالمئة فقط، وليس (99.99%) !!, والتي كانت عكس رغبة ديفيد كاميرون رئيس الوزراء الحاكم، مما حمله على تقديم استقالته فورا، بدون تردّد او تذمّر، لانه ظن انه فشل في مسعاه ولم يعد يستحق البقاء في كرسيه، ولم نرى له او لاحدٍ من مؤيديه اي اظهار لمشاعر سخط او غضب او اغلاق الشوارع او حرق الاطارت، او حصول اي اعتداءات او اعتراض على النتيجة ابدا من قبل الجميع !! حتى ان عملية الاقتراع سارت بكل اريحية وبدون وقوع ايّ مشاكل تذكر تشوب عملية الاستفتاء، وتم اعلان النتائج بسرعة قياسية، (مثل عنا بالزبط، منظل اسبوع واحنا منفرز صناديق وبالاخر منطلع مخربطين بالعد ومنرجع نعد مرة ثانية !!) ….فكلهم قبل ورضيٓ بما قررته الصناديق في النهاية . …ويا ليتنا نتعلم منهم قليلا ولو في هذا المجال على الاقل، ونتقبل نتيحة الصندوق بكل صدر رحب ، بدون اثارة مشاكل او اعتراض، وعودة الامور الى طبيعتها كما كانت، ونعود اخوانا متحابّين ونبارك للفائز بكل روح رياضية كما تفعل كل شعوب العالم المتحضرة بعد انتهاء اي عملية تصويت تجريها . “معقول يجي يوم ونعملها ونصير مثل شعوب العالم” انداري !!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى