مع بداية الشهر الفضيل تتحضر للعزائم ولكن، لا أحد يتصل بك حتى ليدعوك على صحن (شوربة)، تتابع الأخبار لعل هناك تهديدا من داعش لمن يقيم عزائم رمضان، فلا تجد مثل هذه التهديدات المغرضة، ومن ثم تسأل إن كان هناك أزمة عالمية جديدة نهبت مدخرات الناس، فلا تجد ما يشير إلى أزمة، تتابع القنوات الدينية لعل شيخا جليلا أفتى بعدم إقامة الولائم للأصدقاء والأقارب، بل توجيهها إلى الفقراء والمساكين، فلا تجد أصلا لمثل هذه الفتاوى، وأغلب الفتاوى كانت عن قطرة العين وداعبني وداعبته، ففي أمتنا الأحد عشر شهرا كانت للمشاكل الزوجية، بحيث يرى فيه الزوج زوجته وكأن فيها شبه من أبوالقعقاع أحد قادة داعش في الرقة، وفي شهر رمضان المبارك تحلوا له ويصبح فيها شَبَهٌ من نانسي عجرم فيسارع للحصول على فتوى تبيح له إطالة النظر إليها أثناء الصيام، فطوال رمضان يشغلنا المتعبدون سامحهم الله بداعبني وداعبته، وكأنهم في شهر العسل وليس في الشهر الفضيل!
يمضي رمضان مسرعا وتتعجب من تأخر الدعوات، حتى أنك تتوقع أن هناك عطلا في هاتفك، لأنه لا يرن فتسارع لفحصه فتجد أنه على ما يرام، تسلم أمرك لله وتنتظر الفرج من الأحباب!
دخلنا في العشر الأواخر، فهلوا الأحباب الكل يسارع إلى دعوتك، في اليوم الواحد ثلاث دعوات وأكثر، تقدم لهم الاعتذار فيحلفون عليك أغلظ الأيمان، وقبل الإفطار تقرر من وليمته أدسم وحلوياته أشهى وتذهب إليه، فمن المستحيل أن تلبي دعوتهم جميعا، فيغضب من لم تلبي دعوته؛ لأنه ضاع عليه الأجر والثواب!
منذ بداية رمضان ونحن أمامكم، وحين أردتم إقامة إفطار للمسلمين لم تجدوا مسلمين لتفطيرهم، فلماذا كنتم في غفلة عنّا منذ أن أعلن عن ثبوت رؤية الهلال!
جماعة الأجر والثواب يتركوننا دائما للعشر الأواخر فتتزاحم المواعيد وتتضارب فلا ينالون هم الأجر والثواب، ولا ننال نحن الخرفان والمقبلات!
هكذا هم أيضا جماعة الحرية والعدالة في بلادنا العربية، نكون أمامهم منذ توليهم سلطاتهم الدستورية فلا ينشدون لنا عدلا ولا حرية، وحين تقترب آخرتهم ينشدون لنا الحرية والعدالة فلا يجدون شعبا ليصدقهم، فلا ينالون هم إلا هتافات الإسقاط، ولا ننال نحن إلا البراميل والدمار!
صدقوني لا أجر ولا ثواب للغافلين في الدين والحرية والعدالة.