
شو في !!
من حقّي وحقِّ الجميع أنْ يتساءلَ وبكل عصبية: ” شو في؟ ” ما كلُّ هذا الهراء الذي نعيشه ! وما كلُّ هذه الضوضاء التي وقعنا بها ! منذ فترة قريبة وأنا أحاول جاهدًا أنْ أكتبَ مقالًا يليق بحدثٍ واحدٍ من الأحداث التي تجري إلا أنَّ الأحداث تصفع وجوهنا الواحدة تلو الأخرى ولا ندري ماذا يحصل أو ماذا حصل أو حتى ماذا سيحصل؛ سوى أنّنا أصبحنا كالفاكهة التي يضعها العطش في خلاط ويضربها ببعضها ليشربها ومن ثم يتجشأ من الشبع.
في كل صباح أستيقظ على أمل أن أقرأ خبرًا مفرحًا إلا أنني لا أجد، هل صار الخبر المفرح كالإبرة في القش؟ّ أم أنَّ الإبرة سرقها أحدُهم وأبقى لنا القش لنبحث فيه طيلة اليوم على أمل إيجادها؟ ومن ثم نتعب وننام على نفس الأمل الذي استيقظنا عليه لعلنا نجده غدًا !! أتصفح الأخبار اليومية فتنقسم الى قسمين: الأول تجميل والثاني تبجيل حتى بين السطور لم أعد أجد شيئًا يُقرأ فكلُ سطرٍ في الخبر مُوجه ومُنقح ومُلقح أيضًا ليصيب من يصدقه فيزرع فيه أملًا كاذبًا ويحمله معه حتى الإجهاض.
صار للانسان سعرٌ يُباع به ويشترى، تدنّت رؤيةُ الكرامة لكثافة ضباب الجشع، وطن ينزف وتنزف عروبته من قلبها القدس ” آآآخ على القدس ” القدس عاصمة اسرائيل والعروبة كعبة مشرفة وعربها أبابيل، شاب يأرجل في المقهى ويقول ما علاقتي بالقدس وفتاة بالأمس صفعت جنديًا صهيونيًا بيدها وجسدها النحيل، جامعة الدول العربية استفاقت من سباتها العميق لتدخل في سبات أعمق وأحمق ومواقفها أكبر دليل.
” ولكم شو في؟؟ ” تعبتْ أنفاسُنا ونحن نتساءل وآمالنا بدأت تتثاقل، أمة تفتخر بيوم لغتها وبحروف ذات اللغة تتقاتل، ومنابرُ أثقلها كلامُ من اعتلاها لأنَّ من اعتلاها بالقُبل للعدو يتبادل، ثكلتنا عروبتنا وثكلتنا أوطاننا طالما أننا والوحدة لا نتقابل، أتسائل لماذا نمتلك السلاح والمال والبترول؟ ألسنا أجدر بامتلاك حبالٍ نقيّد بها أنفسنا كل يوم أكثر وأكثر وأكثر حتى الموت، نعم الموت الذي لم يبق لنا سواه وكم أخشى أن أموت وحالُ لساني يقول “شو في!!”.
الّا أنني أرى في نهاية نفقنا المظلم هذا طفلًا صغيرًا يحمل بيده اليمنى بندقية وباليسرى وردة يسأله طفلٌ آخر ما هذا الذي بيديك؟ فيقول: هذه البندقية ورثتها عن جدي حين انتصر على العدو، والوردة سأزرعها على قبره لعلها تزهر له إجابات مات وهو يسألها..

