نِيرانٌ تتأجَّجُ مِنَ الجُور ، فأبى رئيس الوزراء “هاني الملقي” إلا أن يصُب الزيتَ علَى النَّارِ لِيزِيدَها تأجيجًا ،لتصبحَ بعدَ ذلكَ حَريقًا ،يَلْتَهِمُ الأخضرَ واليابسَ ليقلبَ الربيعُ المزهر في الأردنِّ إلى رَبيعٍ أحمرَ. فالشعبُ الأردنيُّ ونتيجة لتخاذل النواب وبطش الحكومة ،يعيشُ كابوسًا مُرعبًا ،ينزلُ عليهِ كلَّ ،الشعبُ يٌعانِي البؤسَ والحِرمانَ , وضيقَ ذاتِ اليَدِ ، يُعانِي المَعيشَةَ الضَنكَا المُذِّلَةِ , يقتات الفاسد من الطعام ،يذهبُ أفواجاً إلى المَقابِرِ جرّاء ذلك !الشعبُ يعانِي مِنَ البِطالَةِ ،وعدمِ توافرِ فرصِ العمَلِ . فجماهيرُ الشبابِ الأردنِيِّ التِي حَصَلَتْ علَى الشِهادَاتِ الجَامِعيَّةِ عاطِلينَ لا يَجِدون ما يأكلونَ ,ولا يجدونَ ما يَستُرونَ بهِ سوأتهم ،لا يَجدون أساسياتِ الحياة ،فِي حِين أنَّ هناكَ أناسا آخرِينَ يَتمَتَّعونَ فِي النَّعِيمِ ،ويتَمَرَّغونَ فيه ،ويلعبونَ بالملايينَ , وَيعبَثونَ بأموالِ الشَّعبِ [مَافيَاٍ] مِنْ عِدَّةِ عائِلاتٍ. الشعبُ يعانِي مِنَ الفَسادِ ألمُسْتشْرِ، الذِي مِنْ عُيونِهِمْ سَلَبَ الضِّياءَ، وعَبْرَ كُلِّ الحكوماتِ المُتعاقِبَةِ ، فحالَ كل رئيس حكومة ،كحالِ نباش القبور [الابن ] مع أهلِ تلكَ القريَةِ : [يُحكَى أنّ رجلاً كانَ يَنبُشُ قبورَ المَوْتَى , فيُخرجُ الجثثَ ،ليسرقَ الأكفانَ , ثمَّ يُعِيدُ دَفنَهمْ مرةً أخرَى , وقدْ ضَجِرَ الناسُ، وكَثُرَ الحديثُ عنْ هذا الرجلِ ,وأعمالِهِ المُشِينَةِ ،ولمّا ماتَ سارقُ الأكفانِ هذا , تنفَّسَ الناسُ الصُعداءَ , وأخذوا يَسبُّونَ هذا الرجلَ لأعمالِهِ الإجرامِيَّةِ معَ الأمواتِ ،لكنْ مَا إنْ مرَّت أيامُ ،حتَّى اكتشفوا أنَّ ولَدَهُ قامَ بِنَبشِ القبورِ وسرِقةِ أكفانِ المَوْتَى ، وَترْكِهِم فِي العراءِ , فأخَذَ سُكَّانُ المدينةِ يترَحَّمُونَ علَى الرَّجُلِ الذِي كانَ يَسرِقُ الكَفَنَ لَكنَّهُ يُعيدُ دفنَ الجُثَّةِ بَعدَ أن تَلَمَّسُوا قَسوَةَ ولَدِهِ معَ المَوْتَ]!! . والمَيْتُ ،لا يُفَرِّقُ بينَ مَنْ أعَادَهُ إلَى قَبْرِهِ ،أمْ مَنْ تَرَكَهُ فِي العَرَاءِ ، فهو حَتْمًا سَيَرْحَلُ عَنْ الدُنْيا عُرْيانًا فِي كلِّ الأحْوَالِ ،وهذا هو حال الشعب الأردني مع حكوماته وعلى رأسها حكومة “هاني الملقي” ،وما ذنب هذا الشعب الطيب إن كان الله – عز وجل – قد نزع الرحمة من قلبه؟! وإنما يرحم الله عز وجل من عباده الرحماء . إنّ مُعَالجَةَ الوَضْعِ الاقتِصَادِيَّ والمَالِيَّ المُتَرَدِّي فِي بَلدِنَا ،.،ومُكُافَحَةِ الفَسادِ بِشَتَّى صُورِهِ وأشكالِه ،والقضاءِ على البِطالَةِ والغلاءِ والفقرِ والتسيبِ الوظيفيِّ ،الذِي يُعْتَبَرُ ثمرةَ السِياساتِ الرَّسْمِيَّةِ للحُكوماتِ المُتعَاقبَةِ ،والتِي جرَّتْ البِلادَ إلى اخطرِ أزْمَةٍ ماليَّةٍ واقتصَادِيَّةٍ مُنذُ نِهايَة ثمانينات القرن الماضي ،لا يتحققُ برفعِ الأسعارِ وتَحَمُّلِ المُواطنِ المزيدَ مِنَ المُعَانَاةِ. فإصلاحُ أوضاعِ البِلادِ المُتَرَدِّيةِ ليستْ مسئوليةُ الشَّعبِ بأنْ يُفرضَ عليهِ المزيدُ مِنَ الأعباءِ مِنْ ضرائِبَ و زيادةٍ فِي الأسعارِ وإنَّما مَسئوليةُ الدَّوْلَةِ التِي مِنَ المُفتَرَضِ أنْ تضعَ سياساتٍ اقتصاديَّةٍ وتنمويَّةٍ مسئولة لمعالجةِ الضائِقةِ المَالِيَّةِ لا سِياساتٍ عَشوائِيةٍ مُتخَبِطةٍ. هلْ إصلاحُ أوضاعِ البِلادِ الاقتصادِيَّةِ المُترديةِ ، يكونُ بالتغوُّلِ علَى المُواطنِ لطمأنةِ الدُّولِ الشقيقةِ والصديقةِ والمؤسساتِ الإقليمية والدوليَّةِ المَانِحةِ ؟ وهلْ المِصْداقيّةُ والأمانةُ والقَسَمُ الذِي تَعهدْ بِهِ رؤساء الوزراء المتعاقبين أمامَ المَلِكِ يَقتضِي التَعَدِّي علَى لُقمَةِ عَيشِ المُواطِنِ ونورِهِ وشَرْبَةَ مَائِهِ ، وهلْ هوَ مِنْ الَواجباتِ المَوكُولَةِ إليهم؟ إذا كانَ الجَوابُ نَعَمْ ، ألَا يكونُ ذلِكَ افتئاتٌ وتحدٍ صارخُ لتوجيهاتِ المَلِكِ فِي التخفيفِ مِنْ مُعاناةِ المُواطنِ ؟. هلْ يظنًّ أولئك أنهم بأِفِعْالِهم هذه، سَتجْعَلُ مِنْهم أبطالاً قوميًين ،يصنعُ لهُم الشَّعْبُ نُصْبًا تذكاريًّا ،لتصَفِّقُ لهُم الجمَاهيرُ ؟! لا أدري كيف سيذكرهم التاريخ ؟! فإذا أرادْتَ الحكومات أنْ تُعالِجَ مَا يُعانِي مِنه اقتصادُ البلاد والارتقاءُ بهِ، والقضاءُ علَى الفَقْرِ والمَجَاعَةِ والبِطالَةِ والغَلاءِ المَعِيشِيُّ والفَسَادِ المَالِيِّ والإدارِيِّ بِشتَّى صُورِهِ وأشكَالِهِ ،لا يكونُ برفعِ الأسعارِ، وإنَّمَا يكونُ:باجتثاث كلِّ المُفسِدين مِنْ مُوظفِي القِطاعِ العامِ وَعَزْلِهِم مِنْ مَنَاصِبِهم، ومُحاسَبَتِهم ،وفقاً للأنظمةِ واللوائِحِ والقوانين ،وإحالتِهم إلى النِيابَةِ العَامَّةِ للتحقيقِ مَعَهُم وتقديمِهم للقضاءِ ،ليتمَّ مُحاكَمَتَهُمْ مُحاكَمةً عادلةً مِنْ قِبَلِ قضاةِ شُرفَاءَ ،لا يخافونَ فِي اللهِ لومَةَ لائٍم . لا أنْ تُطوَى مَلفاتِهمْ ويقيد ضد مجهول ،وَيُترَكُوا أحرارًا يَصولونَ ويَجولونَ، يَعيثونَ فِي الأرضِ فسادًا وخرَابًا. العمَلُ بِمبدَأ مِنْ أينَ لكَ هَذا ؟ مِنْ خِلالِ مُحاسَبةِ ومُساءَلةِ كلِّ مُوظفٍ عامٍّ تولَى الوظيفةَ ، وهوَ فقيرٌ ،ثمَّ قامَ باستغلالِها فِي تحقيقِ مآربِهِ الشخصيَّةِ ،وأطماعِه الذاتيَّةِ ،فلمْ يَتركْهَا إلّا وهوَ مِنَ الأثرياءِ ،وأصحابِ الأرصدةِ ،يمتلكُ الأراضِيَ والقصورَ والسياراتِ الفارهةَ ، ومصادرَةِ كلِّ أموالِهِ لصالحِ خزينةِ الدَّولَةِ التِي تشكو الطَّفَرَ . وجودُ رقابةٍ حُكوميةٍ نزيهةٍ ،علَى أعمالِ لجنةِ المناقصاتِ ،وإرساءِ المناقصاتِ على المقاوِلين المتقدِمين لتنفيذِها ،فلا يتمُّ تسليمُ أيّ مناقصةٍ لأيِّ مقاولٍ ،إلا إذا توافرتْ فيهْ الشروطُ المُحددةُ فِي المناقصةِ ،بعيداً عن الوساطة والرشاوى والوجاهاتِ والمحسوبيةِ والمجاملاتِ ،والتِي أصبحتْ اليومَ مِنْ أهمِّ الأسبابِ التِي أدَّتْ إلى هدرِ أموالِ الدَّولةِ ومواردِها فِي تنفيذِ مشاريعَ مغشوشةٍ بأرقامٍ خيَاليَّةٍ ،وإحالةِ كل مَنْ يتعاملُ بإحدى هذهِ الوسائلِ ،سواءٌ مِنْ أعضاءِ لجنةِ المُناقصاتِ والمُوظفيِن التابِعين لها ،أو مِنْ المُقاوِلِين ومدِيريِّ الشَركاتِ المُقاولةِ إلى القضاءِ ،ليتمَّ محاكمتَهم ومعاقبَتَهم وفقاً لِلقوانِين النافذةِ فِي البلادِ. الاستغلالُ الأمثلُ لثرْوَاتِ الوَطنِ وخيْراتِهِ ،وأنْ تذهبَ إلَى خزينةَ الدَّولةِ وليسَ إلى جُيوبِ الفاسِدين مِنْ كبارِ المُتُنُفِّذِين فِي الدَّولةِ ،ثمَّ إلى أرصِدَتِهم فِي بنوكِ أوربَّا وأمرِيكا ،وأنْ يتمَّ صرفُهُا فِي مشاريعَ تنمويةٍ واقتصاديةٍ ،وليسَ فِي شركاتٍ تجاريةٍ يمتلكُها الفاسِدون . فبلدُنا والحمدُ للهِ ،يمتلكُ ثرْواتٍ عظيمةٍ لو تمَّ استغلالُها الاستغلالَ الأمثلَ فِي التنميةِ والاقتصادِ ،لكانتْ كفيلةً بجعلِ بِلادِنا لا تحتاجُ إطلاقاً إلى الحسنةِ والصدقةِ. تحْسِينُ إيْرَادَاتِ الخَزِيْنَةِ ،بإلغاءِ القانونِ المُؤَقَّتِ لضَرِيْبَةِ الدَّخْلِ ،الذِي خَفَّضَ مُسَاهَمَةَ البنوكِ وكِبِارِ التُجَّارِ فِي إيرادات الدَّوْلَةِ ،وطرْحِ سِياسَةٍ ضَريبيِةٍ تصاعديةٍ وفْقًا للمَادَّةِ 111 مِنْ الدستورِ الأردنيِّ ،وزيادةِ إيرادات الخزِينَةِ مِنْ رسومِ التَعْدِين وخاصةٍ مِنَ الفوسفاتِ والبوتاسِ. الشعبَ يجوعُ ،والحيتانُ والهواميرُ غِلاظُ الأكبادِ مِنَ الأوغادِ ،وقساةِ القلوبِ مِنْ عَمَالقةِ الفَسَادِ فِي وَطنِنَا الغَالِي يَشْكونَ زَحْمَةَ التُخْمَةِ ولا يَشبعونَ أبدًا ، الذينَ سَرقوا بِلادَهُم كالقطيعِ ، هم كَجهنَّمَ كلَّما قِيلَ لَها : ‘هلْ امْتلأتِ وتقولُ هلْ مِنْ مَزِيٍد؟!
أقرأ التالي
آراء
2024/11/23
البيئة المحيطة وتأثيرها على العادات
آراء
2024/11/23
المقاومة الرقمية للسردية الفلسطينية
آراء
2024/11/21
مفهوم (حل الدولتين) فوق الطاولة وتحتها
آراء
2024/11/19
ترامب أسوأ كوابيس الأردن
2024/11/24
التغطية الصحية الشاملة لكافة المواطنين أولوية لا تحتمل التأخير
2024/11/23
البيئة المحيطة وتأثيرها على العادات
2024/11/23
المقاومة الرقمية للسردية الفلسطينية
2024/11/21
مفهوم (حل الدولتين) فوق الطاولة وتحتها
2024/11/19