الجميد الطائر
يوسف غيشان
رغم #الطفر وقلة الزفر غير إنّا – نحن الأرادنة-نفخر بابتكارنا لمقياس ومعيار ومكيال جديد في عالم المساحات، فما أن يرى الأردني ساحة أو برندة أو روف، حتى يقيسها بعينيه مثل جهاز (الثيديولايت)الخاص بمسّاحي الأراضي، ويقول:
- خوف الله …. خوف الله أنها بتسع عشر سدور مناسف.
وهكذا صار #المنسف وحدة قياس معترف ومعمول بها في وطني الصغير، من العقبة حتى الرمثا، مرورا بالأرياف والبوادي والمدن التي تفوح منها رائحة الجميد.
من ناحيتي أكاد أتخيل الكون بأكمله مثل شوال جميد سقط من فوق ظهر بهيمة أعرابي أهوج فوق جرف ساحق، فما كان من زعاميط الجميد إلا أن توازنت وتجاذبت وتنافرت فتخلّقت سحابة كونية من الجميد تناثرت فيها المجرات والشموس والكواكب، وشرعت تدور حول ذاتها وحول زر الجميد الأكثر كثافة منها …. وكان كوكبنا الأرضي هذا، أحد رؤوس الجميد الذي نشأت الفطريات فوق سطحة نتيجة للرطوبة والهواء، فكانت البشرية. نحن، ما غيرنا وما يتبعنا من حيوانات ونباتات وفطريات وكوفيد!!
#الجميد سلطة فاعلة، فهو يحكم ويرسم في السياسة والإقتصاد والاجتماع، وفي كامل شؤون الحياة على كامل التراب الوطني.
يتطابش الناس ويسيل الدم وتهدر الأرواح وتنتهك الأعراض، لكن جميع المشاكل تحل على #سدر_منسف مشرّب بالجميد.
في الترح وفي الفرح وفي المرح يرافقنا الجميد حاكما أوحدا تنحني قاماتنا وهاماتنا من أجل تصنيع كراته… في عملية تمثيل رمزي لتشكّل الكون.
المنسف…نعم هو ايديولوجيا وهو شكل من أشكال الديمقراطية العربية، وهو دائري مثل الديمقراطيات الأوروبية، لكنه يعتمد نظام الطارات … الطارة الأولى للكبار والمسعدين والطارة الثانية لأذنابهم وأتباعهم، والثالثة للمصفقين والمنافقين، والطارة الأخيرة للكلاب، وغالبا ما تكون خالية من اللحم.
سبب استمرار الخلافات العربية العربية أن الزعماء العرب لا يجتمعون على المناسف بل على بوفيهات فخمة، مما يجعل اللقاءات غير مثمرة… وحدها اجتماعات وزراء الداخلية العرب هي التي تنجح، بالتأكيد يجتمعون على مناسف ليأكلوا من لحم شعوبهم، وكل واحد يعزم الزملاء لتذوق طعم لحم شعبه المشكوك على نكاشات الأسنان.
وتلولحي يا دالية.