#التشريع الزائد #وصاية على #العقول…!
د. مفضي المومني.
2022/7/25
منذ وجود الخليقة سبقت الأعراف والتقاليد #التشريع #النظامي والدساتير، ومع تطور #المجتمعات الإنسانية وإنتقال الإنسان للتحضر والتمدن والتجمع الذي كان محكوما بالمهن والطبيعة والرعي والزراعه والتجارة وغيرها، بدت الحاجة لسن التشريعات لتنظم حياة الناس وتحقيق مصالحهم الفردية والمجتمعية وتؤطر سلطة القوى الحاكمة، والهدف النهائي خَير وللمصلحة العامة، ومع تطور التشريعات ظهرت كثير من التشريعات التي واكبت النمو الديموغرافي، والتطورات الحياتية والتكنولوجية، والتغيرات التي فرضتها أوضاع حياتية جديدة، وتبقى التشريعات بما تنتجه من قوانين وأنظمة وتعليمات حاجة أساسية للحكم وإدارة مصالح الشعوب وتحديد المسؤوليات والواجبات للحاكم والمحكوم… وما ينتج عنها من ردع أو ترغيب أو توجيه أو إشراف على مفاصل ونشاطات الحياة من عمل أو ترفيه، لأن الإنسان في النهاية يعيش بين ثنائية العمل المنتج بأجر ليعتاش منه، والترفيه بمناحيه الإجتماعية المختلفة، كالثقافه والعمل الإجتماعي التطوعي أو الرياضة والفنون والسياحة وغيرها.
ويعتبر رسوخ التشريعات من رسوخ الدولة ومؤسساتها وتحضر شعوبها، ونلاحظ منذ زمن ليس ببعيد؛ تزايد التشريعات وتغيرها ودخولها في تفصيلات كثيرة في حياتنا، وهذا جيد من باب مرونة التشريعات وقابليتها للتعديل لتتوائم مع متغيرات تحصل في النشاط الإنساني أو تغيرات حياتية داخلية وخارجية تتطلب ذلك رسمية أم خاصة.
ولكن ونحن نتكلم عن بلدنا ونحن ندخل المئوية الثانية من عمر دولتنا، نلاحظ أن هنالك سيل من التشريعات تتدخل في تفاصيل التفاصيل لحياتنا، بحيث تنتج مواطن مبرمج، ولا تتيح للمواطن إستخدام تفكيره وعقله وخبراته للتعامل مع تفاصيل بسيطة وأخرى تراكمية موروثة نتاج الثقافة والدين والأعراف والتقاليد الحسنه، من هنا فالتدخل الزائد وصاية وانعدام التشريعات او عدم تطبيقها فوضى، وتنتج كثرة التشريعات في تفاصيل كل كبيرة وصغيرة؛ فرد يعمل مثل الآلة ولا تتيح له هذه التشريعات الكثيرة إعمال فكره وعقله في حيثيات حياته وعلاقته مع بيئته ومجتمعه.
تغيير القوانين لا يكون بردات فعل أو تسرع، والقوانين تشرع في العام والمشترك بين الناس ولا تشرع للحالات الشاذة النادرة أو الفردية الخارجة عن المألوف أو أطر القوانين العامة، فترسيخ السلوك الإنساني الذاتي الخير والحسن أفضل بكثير من فرضه بأسم القانون، القيم الإنسانية الحسنة وجدت لنتمثلها، والكثير منها ليس لها نصوص قانونية، المواطنة الصالحة ثقافة تُعلم من خلال التربية غير المقصودة( الأسرة، الرفاق، المجتمع بمكوناته، بيئة العمل، وسائل الإعلام وغيرها وليس لها زمان او مكان محدد) وتكتسب وتتعلم أيضا من خلال التربية المقصودة(الروضة والمدارس والكليات والجامعات والدورات التدريبية…المخطط لها… الخ)، والمحصلة خلق مواطن صالح لديه مسؤولية تجاه ذاته ومجتمعه وبيئته، تكون على شكل خبرات يظهرها في مواقف ونشاطات الحياة المختلفة.
لدينا قانون سير من أفضل القوانين في العالم، ولكن عندما تذهب للشارع بسيارتك تشعر أننا الاسوء في العالم، القوانين تنظم وتردع نظرياً ولكن إذا غاب التطبيق فقدت هدفها، ولكي نطبق يجب أن يكون لدى كل منا ثقافة وقيم ذاتية تدفعنا للسلوك الصحيح وتطبيق القانون وتمثله.
أقول كل هذا وأنا ارى تجاذبا هنا وهناك ونقاشات في البرلمان وأصحاب الرأي والكتاب… حول مشاريع قوانين وتعليمات وأنظمة، بعضها لا لزوم له وبعضها غارق في التفاصيل وبعضها لتحقيق متطلبات خارجة عن هرم القيم المجتمعي الحسن، وبعضها يدخل في شبهات ممالئة لجهات تعمل لتخريب مجتمعاتنا وإبعاده عن قيمه وحضارته ودينه، وبعضها لتحقيق مصالح لجهات على حساب جهات أخرى… المواطن غالباً.
هل نحن بحاجة لتعليمات تحدد حبات الدواء التي نحضرها من الخارج..! من يتاجر معروف للجهات في الحدود ويمكن ضبطه وتحويل حمولته للغذاء والدواء، ودفع الرسوم، أما أن نشرع من أجل أعمال فرديه هنا وهناك وندخل في شبهة ممالئة شركات الأدويه فهذا لزوم ما لا يلزم.
القوانين والتشريعات نكتسب ثقافة تطبيقها من خلال ديمومتها ورسوخها وخدمتها للمواطن والوطن من خلال ثقافة وطنية نمتلكها ونطبقها، حقوق الطفل والمرأة ووو… .وغيرها من القوانين مغطاة في قوانين موجودة نظامية وشرعية، ولا حاجة لندخل في تفاصيل هي من صميم ثقافتنا وتربيتنا، استبدلوا سيل القوانين والتعليمات والتشريعات التي لا تنتهي حيث أمكن، في أمريكا تدرس المواطنة والمسؤولية من الصف الأول بمنهاج منفصل، ولدينا تدرس التربية الوطنية كمادة تاريخ… للحفظ والإمتحان، والتهرب الضريبي في الكثير من البلدان المتقدمة خيانة وطنية….حمى الله الأردن.