أوقفوا مهرجان الابتذال / م . عبدالكريم أبو زنيمة

أوقفوا مهرجان الابتذال
منذ أُسبوعين وكما يحدثُ في كل عام بدأت الشوارع المؤدية إلى جرش التاريخ والحضارة تتلطخُ بملصقات وصور المائعين والمائعات والتي لا تشبهنا بشيء ولا تدلُ علينا لا شكلاً ولا مضموناً ، فمنذُ انطلاق هذا المهرجان اللاثقافي عام 1983 وغالبية الشعب الاردني يطالب بإلغائهِ لأنَّهُ يُسيء لنا ولعاداتنا وثقافتنا وتاريخنا وقيمنا وإنسانيتنا، فعلى مدار السنين الماضية لم يُضف لنا أية قيمة ثقافية ولا وطنية ولا فنية ولا استثمارية، فهو لا يعدو عن كونهِ امتداداً لتلك البرامج المبتذلة “سوبر ستار، ستار اكاديمي..الخ” التي تبثها الكثير من المحطات الرَّسمية العربية للتأثير على العقلِ الجمعي للشباب العربي لتغريبهم عن هويتهم وثقافتهم وقيمهم وعقيدتهم النبيلة، لقد طالبنا طيلة السنوات الماضية أن يكونَ هذا المهرجان مهرجاناً للثقافة والتراث والهوية الوطنية الأُردنية وأن تكون جرش وآثارها عنواناً للأدبِ والشعر والأُغنية الأُردنية، وللفلكلور الأُردني بكافة مكوناته العربي والشركسي والشيشاني والأرمني والكردي وهي الأجمل على مستوى العالم، لكن القائمينَ على هذا المهرجان يصرونَ على تقديمِ الاسوأ المُبتذل !
يُقامُ هذا المهرجان لهذا العام والشعبُ الأُردني يئنُ من آلامِ فقرهِ وجوعهِ وفي ظلِ أوضاعٍ اقتصاديةٍ مُنهارة، هذا المهرجان الهابط يُمول من جيوبنا نحن، فكما يقول المثلُ الأُردني الذي لا يعرفهُ معظم وزراء ثقافتنا ولا حكوماتنا : “من ذقنه وفتّلُه “، فالأموال تُجمع لهُ بواسطة ألو من هذهِ المتنفذة أو هذا المتنفذ ! إذ أنَّ هذه الأموال لا رقابة عليها، وما أدرانا إن كانت تُنفق فعلياً على الإعداد والتَّحضير للمهرجان واستجلاب الساقطين والساقطات وإقامة الحفلات لهم على حساب الشعب المقهور وباسمِ الفن الساقط.
القائمينَ على المهرجان وعلى رأسهم دولة الرئيس ووزيرة الثقافة لم يراعوا المادة الاولى من الدستور الاردني الذي ينص في مادتهِ الأُولى أنَّ الشعب الأُردني جُزءٌ من الأُمة العربية ! فالأُمة العربية اليوم تعيشُ أسوأ أوضاعها وأكثرها ألماً وحُزناً، فكيف لنا أن نفرح وأشلاء الأطفال والنساء والشيوخ مُمزقة في الشوارع وتحت الأنقاض بفعلِ الإرهاب وصانعيه الذي يسعى إلى تدميرِ الشجر والحجر والإنسان العربي في فلسطين وسوريا والعراق واليمن ومصر، هذا الإرهاب الذي يتظافر جنباً إلى جنب مع الإعلام الساقط لتدميرِ الأُمة، فالإرهاب يدمرُ الدول وبناها التحتية ومقدراتها أما الإعلام الهابط والمهرجانات الساقطة فتدمرُ الإنسانَ فيها وحضارتها ومستقبلها بأن تُنشيء جيلاً خاوياً من القيمِ الأخلاقية والثقافةِ الوطنية والعقيدة الدينية .
أتمنى من معالي وزيرة الثقافة إذ ما أصرت على المُضي قدماً في إقامة “المهرجان الثقافي” كما تُسميه أن تُضمنهُ فقرةً ثقافية أو بملصقاتٍ بالخطِ العريض يُكتبُ فيها النَّشيد الإسرائيلي الذي ينص على أنَّ النَّفس اليهودية تتوقُ للأمام نحو الشرق ليرتعد سكان مصر وكنعان، وليخيم على نفوسنا الذعر والرعب عندما يغرسون رماحهم في صدورنا ودمائنا تسيل حينما يقطعون رؤسنا ! وبجانبها مُلصقاتٌ أُخرى تتضمن ما قُمنا بإزالتهِ من كتبنا ومناهجنا من آياتٍ قرآنية وآحاديث نبوية، معارك خالدة، أبطال ورموز وقادة ثورات والأغاني والأناشيد الوطنية !!!
aboznemah@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى