يهديك يرضيك / د. ناصر البزور

يهديك يرضيك
لعلَّ الكثير من الطاعنين في السنّ أمثالي الذين تجاوزوا عقدهم الرابع وشارفوا على العقد الخامس والسادس في متابعة النكبات تلو النكبات التي حاقت بأمّتنا عبر العقود المنصرمة يذكرون أغنية عفاف راضي ومحمّد الموجي بالأبيض والأسود “يهديك يرضيك الله يخلّيك”… 🙁
في تلك الأيّام الخوالي كانت الأمور أكثر وضوحاً في عالم السياسة وفي جميع العلاقات الاجتماعية؛ فعلاقاتنا مع العدو الإسرائيلي على رأي عادل إمام في مسرحية “شاهد ما شفشِ حاجة” كانت ‘يا ابيض يا اسوِد’ … 🙁
وعندما أصبحت الأمّة في تجهيلها وتغييبها وبساطتها أو استغبائها كذلك الشاهد ‘اللي ما شفش حاجة’، لم تعد الأمور ‘يا ابيض يا اسود’؛ بل أصبحنا نرى فيها جميع ألوان الطيف في تلوّن الكثير من الساسة كالحرباء… 🙁 الأمر الوحيد الذي أصبح بلونٍ واحدٍ هو واقع معيشة المواطن العربي في كثيرٍ من الدول؛ حيث أصبحت معيشته سوداء ‘ومنيّلة بستّين نيلة’… 🙁
قبل أيّام رأيت تسجيلاً مُتلفزاً للقاء مع الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس يقول فيه: “نحن أيدينا ممدودة للسلام… ونرجو أن يهدي الله الإسرائيليين ليعرفوا أنّ السلام مصلحة لنا ولهم وللجميع فيقبلوا بالعودة إلى المفاوضات… ” أو كما قال فخامته… 🙁
عندها غضبتُ وضحكت في آنٍ واحدٍ؛ ووجدتُ نفسي لاشعورياً أدندِنُ كلمات أغنية عفاف راضي الآنفة: يهديك يرضيك الله يخلّيك…
فأبو مازن لم يعد يتحدّث بلغة السياسي ولا الدبلوماسي في مؤتمراته الصحفية وهو الذي أمضى سبعة عقود من حياته في السياسة والحياة الدبلوماسية 🙁 بل أصبح يتحدّث بلغة ومنطق جدّاتنا قبل خمسين عاماً حين كُنّّ يقُلن: “الله يتشسِر الياهود” (الله يكسر اليهود) 🙁
فهل الصهاينة سيستمعون لهذا المنطق ولهذه اللغة يا أبا مازن… إلى متى سننتظر أن يهديهم الله ويتوبوا وتعود لك رام الله؛ أو أن “يتشسرهم” ويريحنا منهم وتعود لنا فلسطين … 🙁
إلى متى سيبقى أبو مازن ينتظر قبول الإسرائيليين للمفاوضات وللحوار؛ وماذا جنينا من تلك الحوارات والمفاوضات منذ المفاوضات المُعلنة في “آوسلوا” في مطلع التسعينيات؛ بل ومنذ محادثات عبّاس السريّة معهم في موسكو في منتصف السبعينيات عندما كان الحديث مع العدو خيانة عُظمى وعندما كانت عفاف راضي تغنّي أغانيها بالأبيض والأسود… 🙁 لذلك فقد نجد أنفسنا مضطرين للحديث مع أبي مازن بنفس اللغة ونذكّره بالمقطع الثاني لنفس الأغنية: “ما تحاورنيش.. ما تضيعنيش…وماتحرمنيش من فرحتى بيك…الله يخلّيك…الله يخلّيك”
وبما أنّ شرّ البلية ما يُضحك، فلا بأس بأن يضحك هذا الشعب المكلوم رغم جراحه أو على الأقل أن يتبسّم كما يتبسّم أبو مازن دائماً وذلك من باب ما دعتنا إليه عفاف راضي في نفس أغنيتها: “الحلو والنبي.. تبسم للنبي.. والنبي تبسم”؛ وأرجو ان لا يتم منحها ظرع الختم النبوي كما تمّ منحه للفنّانة سُمية الخشّاب… 🙁 يا ابيض يا اسود… 🙁 🙁 #والله_واتلولحي_يا_دالية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى