ستون عاما ونيف / يوسف غيشان

ستون عاما ونيف
انها الستون اذا…….
اذا كنتم تقرؤون هذا المقال اكون انا قد بلغت الستين عدا ونقدا، خاليا من الأمراض السارية والمعدية، فول اوبش (عدا الجير)، وهذا انجاز مريح، ان تصل الى سن الوفاة بكامل لياقتك البدنية والنفسية ، سيما وقد تبرعت بكل ما املك – أقصد جسدي- للأعمال الخيرية.
اهدتني زوجتي طاولة تنس ، في هذا المناسبة ، لغايات حرق الدهون ، وليس للمشاركة في دوري التنس المحلي بالتأكيد، مع ان ساقي تعرضت الى كسور متعددة ، حينما سقطت عليها وانا العب التنس في بيروت قبل 35 عاما ، في سنتي الجامعية الأخيرة. انا مرتاح حاليا، فلن يحد التنس ما يكسر فيّ ، فقد تيبّس كل شئ، عدا قلبي .
قد يكون هذا مقالي الأخير في الدستور ، وقد لا يكون، فلم اتبلغ بعد، لكنها لن تكون كلماتي الأخيرة، فما زال في قنديلي القليل من الزيت الذي لم اهرقه بعد في محاولة إنارة طريقي الى مستقبل أقل ظلما، وليس اكثر عدالة ، فلا عدالة في العالم قط . العدالة مفهوم افتراضي تماما، لا وجود له الا في قلوب الضعفاء ، الذين يعتقدون بأن سيف العدالة سوف يقتص لهم من الظالمين والمحتلين والقتلة وسارقي آمال الناس وطموحاتهم.
انها الستون اذا
ولن يتغير شئ، سأطبخ كل يوم، واقرأ كل يوم، وأكتب كل يوم، وكأن الأرض لم تدر بي ملايين المرات حول نفسها وعشرات آلاف المرات حول الشمس.وسوف اردد في نفسي دائما، بيت زهير بن ابي سلمى ، الذي قال فيه بعد ان بلغ من العمر عتيأ:
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب
تمتّه، ومـن تخـطئ يعمّر فيـهرم

والمقصود ان الموت مثل الناقة العمياء التي تمشي بتخبط ، فتدهس من لا تراه وبلا تخطيط ، وتترك ما لا تراه حيا، بلا تخطيط ايضا….. انها خبط عشواء التي تتحكم بحياتنا ومماتنا ، وبالصدفة المحض ..انا موجود بينكم حتى ساعة اعداد هذا البيان، فقط لا غير.
انها الستون…..
وأنا بإنتظار ناقتي العشواء – على مضض طبعا- سوف ابقى طفلا اهوجا واهبلا كما كنت وكما صرت وكما انا ….نيني نيني نيني كع كع.
وتلولحي يا دالية
ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى