الصندوق يعاقب الأردن / سلامة الدرعاوي

الصندوق يعاقب الأردن
ل الأردن بحاجة إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي؟.

سؤال يطرح الآن على ضوء المباحثات الصعبة التي تجريها الحكومة مع الصندوق لإبرام اتفاق مالي جديد يغطي السنوات 2017-2019.

الأردن بأمس الحاجة لابرام اتفاق مع أكبر مؤسسة اقتصادية في العالم وهي صندوق النقد الدولي، ليس لأن الاتفاق يتضمن حلولا سحرية لمعالجة الاقتصاد الوطني، أو لأنه يتضمن حلولا لا تعرفها الحكومة، لا ليس لهذا السبب.

حاجة المملكة للصندوق تأتي بسبب ارتباط عملية الاقتراض والتمويل والمنح للمملكة باتفاق معه أولا وأخيرا، بغض النظر عن تفاصيل الاتفاق فيما إذا كان يحفز الاقتصاد أو يعالج التشوهات أو له تداعيات اجتماعية في تنفيذه على الأمن والاستقرار في المجتمع.

فالمجتمع الدولي من المانحين لم يعد يتعامل ماليا مع المملكة دون وجود شهادة حسن سلوك من الصندوق، والشهادة هي الاتفاق المالي الذي يوقع بين الجانبين.

مؤتمر لندن لدعم الدول المستضيفة للاجئين السورين ومنها الاردن لم يوصل للخزينة لغاية اليوم أيا من مخصصات الدعم التي أقرتها الدول المانحة، لعدم وجود اتفاق مع الصندوق.

الأمر لم يصل إلى المنح بل امتد إلى القروض كذلك، فالقرض الياباني الميسر الذي تتطلع الحكومة الى الحصول عليه مازال متعثرا بسبب عدم وجود اتفاق مع الصندوق، كما أبلغ المسؤولون اليابانيون ذلك.

إذن بات واضحا أن الأردن بوضعه الاقتصادي المتعثر حاليا لم يعد قادرا على التعاطي مع المجتمع الدولي دون وجود دعم من الصندوق، لذلك لا مجال أمام المملكة سوى التوقيع على مثل هذه البرامج التي تركز في مضمونها على زيادة إيرادات سريعة للخزينة، دون النظر الى تنافسية الاقتصاد وقطاعاته المختلفة.

لكن؛ لماذا هذا السلوك المتشدد من قبل صندوق النقد الدولي تجاه الاردن؟، رغم أنه طالما أشاد باستقرار الممكلة والتزام حكوماتها بمتطلبات التصحيح الاقتصادي، لا بل إنه ساعده إلى أبعد الحدود في عمليات الحصول على القروض من المجتمع الدولي، ويسرها له إلى أن وصلت إلى مستوياتها غير الامنة الان وتجاوزها الخطوط الحمراء، حيث بلغت نسبة المديونية ال93.4 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي او ما مقداره 34.4 مليار دينار.

واضح أن الأردن الذي استقبلت اراضيه اكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري، وتأثرت إيراداته الخارجية جراء الاضطرابات في المنطقة التي حدت من نمو دخله المتأتي من الدخل السياحي والتدفقات الاستثمارية وحوالات المغتربين من الخارج، لم يعد قادرا على التفاوض للحصول على دعم دولي يتناسب مع التحديات التي فرضتها الازمة السورية، فاللاجئين دخلوا اراضي المملكة واستنزفوا كل موارد الدولة والبنية التحيتة وتسببوا في تنامي العجز وزعزعة استقرار الخزينة والاقتصاد الوطني الذي دخل اليوم في نفق مظلم بانتظار رحمة المانحين للتلطف عليه بمنحه قروضا ميسرة لتمويل نفقاته المتزايدة.

المؤسسة الدولية الاكبر في العالم ومن ورائها كبار المانحين غير معنيين بتداعيات الازمة السورية على الاقتصاد الاردني، وغير مهتمين لمسألة تداعيات الشروط التعجيزية للصندوق على الامن والاستقرار في المجتمع، كل ما يريدونه هو أن تبقى أراضي المملكة مفتوحة للاجئين، ولا يهم كيف يتم تمويلها من الخزينة، مقابل أن يودع الصندوق مليار دولار في المركزي لدعم احتياطات المملكة من العملات الصعبة فقط لاغير خلال فترة الاتفاق، فعلا هذا الاتفاق نوع جديد من عقاب المؤسسات الدولية والمانحين للأردن على التزامه بحقوق الانسان ومتطلبات المجتمع الدولي.

salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى