أولوياتُ الصِناعة / سلامة الدرعاوي

أولوياتُ الصِناعة

لا وقتَ امام القطاع الصِناعيّ للاستمرار في حالة الرتابة الحالية التي يَمرُّ بها، هو بحاجةٍ الى ثورة في الاختيار والتوازن بين الكفاءات وقوة التمثيل

يَستعدُّ القطاعُ الصِناعيّ بداية الشهر المُقبل لانتخاب مُمثليّه في غرفِ الصناعة على مستوى المملكة.

الانتخابات تأتي هذه المرّة في ظل ظروفٍ اقتصاديّة وصِناعيّة اِستثنائيَة يَمرُّ بها الجِسمُ الصِناعيّ، ولا نُبالغُ أن قُلنا انها “أيّ المرحلة” قد تكونُ الأكثر حساسيّة وتعقيداً من بين كافةِ مَراحِل الصِناعة الوطنيّة، فالأسواق التقليديّة مُغلقة، والكُلف الإنتاجيّة في ارتفاعاتٍ مُستمرة، والتَشتُت الصِناعيّ في أكثر حالاتهِ سوءاً وعَبثية، والشراكةُ مع الحكومة نَظَريّة أكثرَ منها عمليّة، والقراراتُ الرَسميّة الاقتصاديّة غَالبيتُها تَصُبُ في مصلحةِ الجباية وزيادة الإيرادِ للخزينة على حساب الصناعيين، والتَنَافُسيّة في تراجُعٍ مُستَمِر.

مقالات ذات صلة

القطاعُ الصِناعيّ اليوم بِحاجة إلى اِعادةِ ترتيب لأولوياته على مستوى الاقتصاد الوطنيّ، وأن يعودَ للعبِ دورٍ رياديّ في التنميّةِ كما كان في السابق، وأن يضعَ قَدَمهُ بقوة على خارطةِ التنميّة الاقتصاديّة، وَيُساهمُ جَليّاً في التشغيل ومحاربة الفقر والبِطالة، وتنمية المُجتمعاتِ المَحليّة، وتأهيل وتدريب الشباب الاردني وتغييرُ ثقافاتهم الاقتصاديّة من اِستهلاكيّة بَحتة، الى إنتاجيّة ابداعيّة ابتكاريّة.

اولويةُ القطاع الصناعيّ اليوم هو اِعادةُ تَوحيد الجسم الصِناعيّ الذي هو اليوم بأمس الحاجة الى مرجعيّةٍ واحدة تُعيدُ الهيبة للقطاع الصِناعيّ ليكون قائداً تنموياً حقيقياً وشريكاً رئيسيّاً في القطاعِ الخاص، يُشاركُ بفاعليّةٍ بالتشريعات والأنظمة، ومساهماً في خطط التنميّة الاقتصاديّة.

الصِناعةُ بحاجة إلى مُمثلين بعيدون كُلَّ البُعد عن المصالح الشخصيّة والآفاق الضيقة، هو بِأمس الحاجة إلى اصحاب مُبادرات خلاّقة لِفتح أسواق غير تقليديّة لصادراتهم.

هم بِحاجة إلى غُرفة صِناعيّة تكونُ رافداً للحكومة بالأفكار الإبداعيّة الإنتاجيّة، لا مُجردُ مُتلقيين للتعليمات، غائبون عن مشهدِ الإدارة والمشاركة في العملية الاقتصاديّة.

الصِناعةُ بِأمس الحاجة إلى ازالة التَشوهات الحاصلة في الجسمِ الصِناعيّ، والتبعثرُ الموجود حالياً والذي يُثيرُ الاستياء، فالمشهد الراهن للقطاع الصِناعيّ يُثير الشَفَقة من كثرةِ الهيئات والجمعيات التي تتغنى جَميعُها بتمثيلِ القطاعِ الصِناعيّ، فالأولوية هو اعادةُ احياءُ الدور الحقيقيّ للغرفِ الصِناعيّة.

اليوم تواجه الصِناعةُ الوطنيّة قَضية بقاء، فالتحدياتُ تَعصِفُ بها من كُلّ حدب وصوب، وجميع هذه التحديات أدت إلى اِضمحلال الوجودِ الصِناعيّ في المملكة، وبَاتَت تنافسيّتهُ على المِحك، فهي ما بين ارتفاع فاتورة الكهرباء، وفقدان الأيدي العاملة المُدربة وزيادة الرسوم والضرائب عليه، وفقدانُ الاستراتيجيّة الوطنيّة الواضحة للتنميّة الصناعيّة، كُلها مَظاهر جعلت القِطاع الصِناعيّ ضَحية العقلية الرسميّة الجبائيّة التي اثقلت كاهل الصناعيين.

ما يحتاجه الصناعيين اليوم هو غرفة صناعيّة تكون جَامِعةٌ لهم ولِمطالبهم، وتكون مؤسسة تَعملُ على اعادةِ مفهوم الشراكة مع الحكومة على قدر المساواة وليست شراكة تَبعية في الإيرادات لا اكثر، أن الجميع مُطالب بالمشاركة في تَحملِ المسؤولية في ادارة المشهد الاقتصاديّ، وهذا لا يتم هِبة من الحكومة، بل ينتزعه الجسمُ الصِناعيّ انتزاعا من على طاولةِ المفاوضات مع الجهات الرسميّة.

لا وقتَ امام القطاع الصِناعيّ للاستمرار في حالة الرتابة الحالية التي يَمرُّ بها، هو بحاجةٍ الى ثورة في الاختيار والتوازن بين الكفاءات وقوة التمثيل، والقدرة على تبني الأفكار القادرة على توحيد الصناعيين ومساعدتهم في ايجاد الخطط الكفيلة بتطوير منتجاتهم وزيادة صادراتهم.

Salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى