موازنة 2018، إلى اين تأخذنا الحكومة / د. مالك العمايره*

موازنة 2018 ، إلى اين تأخذنا الحكومة
د. مالك العمايره*
طلع علينا وزير المالية بعنوان صارخ حول موازنة 2018 مفاده أن الحكومة تنوي رفع انفاقها بنسبة 7.4% عن موازنة العام الحالي بعد اعادة التقدير وذلك بزيادة ايراداتها الضريبية (في الغالب) بمبلغ 921 مليون دينارا. وبقسمة العبء الضريبي المستهدف من عملية رفع الايرادات الحكومية على عدد السكان فإن معدل تحمل الفرد سوف يصل إلى 100 دينارا سنويا، أي أن الاسرة المعيارية المكونة من 5.4 فردا ستتحمل تكاليفا ضريبية اضافية بمبلغ 540 دينارا سنويا أي حوالي 45 دينارا شهريا. فاذا أضفنا نسبة التضخم التي سيتسبب بها هذا الرفع فإن المبلغ يتجاوز عتبة 50 دينارا شهريا للاسرة وهذا في المعدل.
لا تقف آثار ذلك فقط على زيادة مبلغ 50 دنارا في الانفاق تتحملها الاسرة بل تتعداه إلى العديد من الآثار السلبية التي لا يبدو أن الحكومة تعيرها اهتماما ومنها: زيادة التضخم وتقليص القدرة الشرائية للسكان مما يسهم في زيادة حالة الكساد السائدة ويبطئ عجلة الانتاج والنمو. ينجم عن ذلك فقدان لنسبة من فرص العمل وزيادات في خسائر الصناعة وإغلاق أو رحيل عدد اضافي من المصانع التي تشكو التعثر بسبب الظروف الاقتصادية السائدة والتي اغلق منها أو نقل للخارج العشرات في هذا العام. أضف إلى ذلك أن الكثير من المواطنين سواء ذوي الدخل المحدود اوالمعتمدين في دخلهم على حركة السوق لن يجدوا فائضا في دخلهم ليعوض الزيادة في المصاريف التي تريد الحكومة فرضها مما يؤدي إلى انكماش انفاقهم. من هنا نجد أن هذه الزيادة ستتسبب في انكماش في قدرة الفئات الواقعة تحت أو بالقرب من خط الفقر على الحصول على السلع الضرورية مما يرفع من حاجز خط الفقر
تفشل سياسة رفع الضرائب في زيادة الايرادات الحكومية ولا تنجح إلا في رفع خط الفقر ونمو حجم الطبقة الفقيرة وزيادة الركود الاقتصادي وخسارة الاستثمارات وفرص العمل
ويوسع الطبقة الفقيرة في المجتمع. وبحسبة بسيطة بالاعتماد على بيانات توزيع الدخل على فئات المجتمع الأردني لعام 2010 وهي احدث ما توفر من بيانات وكذلك على الإحصاء المسرب لمستويات الفقر في الاردن لعام 2013 والبالغ 20%، فإن من شأن هذا الاجراء الحكومي رفع نسبة الطبقة الواقعة تحت خط الفقر في المملكة بمقدار 5%، علما أن البيانات التي اعتمدت قديمة نوعا ما وهي بلا شك متفائلة جدا بماهو عليه الواقع الاقتصادي لسكان الاردن اليوم.
إن اعجب ما في سياسة زيادة الايرادات الضريبية الحكومية أنها تفشل في رفع الايرادات الحكومية كما حدث منذ سنين وفي العام الحالي حيث فشلت الحكومة لغاية الربع الثالث بتحقيق 404 ملايين دينارا من الايرادات المستهدفة في موازنة 2017. ومن هنا ولنفس الاسباب فلنا أن نتوقع أن تفشل الحكومة في رفع ايراداتها والوصول إلى مستهدف 921 مليون دينارا زيادة في الايرادات للعام المقبل أيضا إلا بجزء يسير منه. اذاً فقد اصبحت الوصفة واضحة الفشل: زيادات ضريبية وتخلي عن الدعم تفشل في رفع الايرادات ولا تنجح إلا في رفع خط الفقر ونمو حجم الطبقة الفقيرة وزيادة الركود الاقتصادي وخسارة الاستثمارات وفرص العمل. فما سر هذا الاصرار الحكومي على هذه المنهجية بعيدا عن الإجراءات الممكنة لتحفيز الاقتصاد وتسريع عجلة التنمية التي لا نراها تتحقق. هل تدرك الحكومة إلى اين تاخذنا؟!

* استشاري وباحث

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى