خطبة الجمعة تحت القيد / احمد عودة

خطبة الجمعة تحت القيد
قال النبي ﷺ : ( إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الأَيَّامِ ، وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللَّهِ ، وَهُوَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ الأَضْحَى وَيَوْمِ الْفِطْرِ ، فِيهِ خَمْسُ خِلالٍ : خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ ، وَأَهْبَطَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ إِلَى الأَرْضِ ، وَفِيهِ تَوَفَّى اللَّهُ آدَمَ ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لا يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا الْعَبْدُ شَيْئًا إِلا أَعْطَاهُ ، مَا لَمْ يَسْأَلْ حَرَامًا ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ ، مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلا سَمَاءٍ وَلا أَرْضٍ وَلا رِيَاحٍ وَلا جِبَالٍ وَلا بَحْرٍ إِلا وَهُنَّ يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) . (١)

حتى يوم الجمعة اغتالوا روحه يا رسول الله …
يوم الجمعة ذو الوسم الذي يميزه عن أقرانه من الأيام قَصُّوا جدائله واستأصلوا روحه حتى عاد بلا روح .

كان يحمل في ثناياه كل قضايا الأيام الخالية، ليأتي الخطيب مرشدًا وموجهًا للمأمومين، كنا نشعر بقيمتنا كبشر، لم يكن يواسينا سوى بضع كلمات يقولها الخطيب على المنبر ترفه عنا وتزيل بعض همومنا .
كان حين يتكلم عن قضية في البلد، أو في البلدان المجاورة، يترك العنان لقلبه ويفسح المداد لمهجته لتروي ما يذوقه هو قبل غيره .
واليوم انتزعوا روح الجمعة ألا وإن روح الجمعة خطبتها التي تعزز الثقة في نفوس المسلمين، أما اليوم فقد أصبحت الخطبة مسيسة و مقننة وموزعة قبل يوم الجمعة، حتى إنها أصبحت تصل عامة الشعب قبل الخطيب فيتناقلونها ويتدارسونها فيما بينهم، والنكتة أن بعض شبابنا أصبحوا يتعذرون عن الذهاب إلى الصلاة لإنهم يعرفون الخطبة وتفاصيلها .
أصبح الخطيب أشبه بعروس أرغمت على الزواج من غير عشيقها فسلمت له نفسها، ليداعبها وهي مسلمة له نفسها كراهية دون أدنى إحساس، لم يعد الخطيب إلا جثة ملقاة على المنبر تردد الكلام المنقول إليها، وترتعش خوفًا من أن تخرج عن سياقه، وأخشى ما أخشاه بعد هذا أن يبدأ المصلون بحمل نسخ من الخطبة التي يلقيها الخطيب ويشرعوا بالتسميع له غيبًا من البداية حتى النهاية، وبعد أن ينتهي يصفقون له على ما أبلاه وعلى حسن حفظه بدلا من رفع الأكف للتضرع والاستغفار .

ليس هناك علاقة بين خطبة الجمعة والإرهاب كما يدعي البعض، لكن الهدف الحقيقي الذي تصب فيه خطبة الجمعة؛ هو توحيد المسلمين وإعادة هيكلتهم وردهم إلى جادة الصواب كلما تفرقت بهم الطرق .
إن الإرهاب الحقيقي، هو أن يصبح التعبير عن الرأي والمطالبة بالحقوق المسلوبة جريمة يعاقب عليها القانون .

أعيدوا لنا خطيب الجمعة وخذوا دميتكم الملقاة على المنابر، فنحن لا نريد ببغاء يردد خلفكم، إنما نريد أسودًا تتكلم عن حالنا .
أيا أبناء حكومتنا المستخفين وجلًا، أما هنا عليكم بعد أن عدنا من بعدما كسى اللحم عظامنا، عظمًا .
أما آن لضمائركم أن تستيقظ برهة من الزمن فتتركوا شعائر الدين دون أن تعبثوا فيها .

ـــــــــــــــــــــــــــ
١: رواه ابن ماجه (1084) . وحسَّنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع رقم (2279) .

✍🏻#أحمد_عودة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى