الروائي المجالي…عشرة مداميك سوسيولوجية لبناء روائي مبدع عمّان مركزه ..

#سواليف

الروائي المجالي…عشرة #مداميك_سوسيولوجية لبناء #روائي_مبدع عمّان مركزه ..
ا.د #حسين_محادين*

  • أسم الرواية: المهندس 2023؛ في 190 صفحة للكاتب سامر حيدر المجالي.
  • الناشر: الآن ناشرون وموزعون-عمّان.
  • الغلاف: اصفر اللون وبخط أسود يتيم لكنه متعرج وموحِ بصريا في الكثير من مسارات الحياة لشخوص الرواية صممته بحرفية م. سجود العناسوه.

توطئة..
في علم اجتماع الأدب تقرأ #الرواية كشبكة جدلية المضامين بين حركة الحياة الخاصة/العامة بشخوصها ومدى مِكنة الروائي المرسل لها عبر رشاقة السرد و دقة استنطاقه لمجمل حيوات الشخوص عبر سلاسة لغته وخٌِصب مِخياليه الهادفان بالتواز معاً الى وخز وخلخة حياد الاحداث وتأويلاتها لدى المتلقي/القارىء الذويق.

  • مداميك لبناء روائي محفزا للقارىء..
    توزعت فرادة هذه الرواية الاردنية ببناء عامودي وافقي تفاعلي على عشرة عناوين متنامية الترابط وصولا لنهايتها الفلسفية والصوفية اللُمح المفتوحة النهاية على التُمثل لمعطياتها المعيشة في مجتمعنا ايقاعا ودهشات محكمة العرض؛ فهذه المداميك هندسيا وفنيا تأثرت -باجتهادي- في اختصاص كاتبها كونه مهندسا على الاغلب؛ اما هذه الدعامات العشر فهي بالترتيب :- سلّم لنا؛ جبل الجليد؛ شخص سِمج؛ أهداف ذكية؛ رعاك الله؛ رعاك الله ؛جاهة؛ ماشيّ؛ ما بعد الحداثي؛ مواطن صالح؛ دجاج محشي ؛وكل منها يمثل قنطرة وصل بين كل عنوانين مترابطين يخدم تنامي احداث الرواية وتنويعا لافتا لأمكنة ومضامين الحوارات والخيبات المواجعة غالبا والامآل القليلة التي يعيشها البطل “فراس وهو الشغوف منذ طفولته بالفلسفة والتصوف والأبرز مما سبق الهندسة ترابطا مع علاقته المتغيرة مع كل من، زوجته”راية” التي تعمل في ترجمة اللغات الاجنبية ( ص12)، سواء في عمان او اثناء عيشهما في دبي بعد ان عرفت بانجذاب فراس نحو امرأة اخرى وتعاطيه النبيذ كما اتهمته جصوصا وان حياته في دبي اتسمت بالانطلاق مع المقاولين الاثرياء ، واصدقائه
    ومع مرؤسيه من المقاولين وهم القناصون للثراء بشتى السُبل وتحديدا على حساب العاملين معهم بما في ذلك المهندسين الشباب العاملين في الميدان باجور زهيدة ؛ هذه العلاقات المضطربة التناوب في بنية وجنسيات شخوص الرواية التي توزعت احداثها انطلاقا من عمّان كمركز لوجع وطموح البطل “فراس” نحو العمل وجني الخيبات ايضا، ليتسع الفضاء القصصي الغني بالتفاصيل والتجارب بصورة لافتة نحو مدن أخرى مثل دبي، القاهرة، سوريا كطموح واعد لكسب مشاريع إعمار متوقع فيها من قِبل المقاولين ومهندسيهم كما جرى في العديد من أحاديثهم المتدوالة اثناء لعبهم الطرنيب في احد مقاه عمان التقليدية .
  • طبقية البناء واقع وتاثيرات الطفولة..
    ولد البطل في اسرة عادية كمعظم اسر الاردنيين العاديين، فالأب عامل في شركة الكهرباء وامه معلمة متنورة بقيت تأثيراتها ومساندتها لابنها طوال فصول الرواية اكثر من حضور الاب ؛لكن الاميز في واقع الاسرة والبطل تجسد في طبيعة شبكة علاقاتهما وطموحاتهما الاسيرة لمناطق السفوح في السفح الشرقي لعمان “المستشفى الايطالي حيث ولد فيه، سفحا جبل عمان واللوبيدة (ص24) .

*هواجس التجاذب بهوية عمان التقليدية وحداثتها.
لقد الف البطل ورفاقه من المهندسين لعب الورق وشرب الشيشة بالمعسل في مقاهي عمان التاريخية بدليل تراجع مكانة مقهى الاصيل لاحقا مقابل سطوة الكوفي شوبات والكوفي هاوس وسيادة التنباك لدى المثقفين وهذه التحولات السسيولوجية”الاجتماعية الثقافية” المتسارعة انطلقت من غرب عمان ( ص13) نحو حياة الاردنيين بكل عناوينها كما أولتها انا كقارىء ؛ وكذا الحال مع وصول اعداد محلات الشاورما الوافدة الى الالاف في عمان مقابل تراجع مكانة مطعم هاشم التاريخية وهو الاشهر والاكثر شعبية في اكلات الاردنيين من الفول والحمص ورمزية القدسية بجانب الفلافل والشاي بالنعناع.
ولأن البطل كان بطفولته شغوفا في الهندسة فقد رصد ضمنا بعد ان اصبح مهندسا وحق حلم والديه بان اشكال البناء الواسعة في خمسينيات القرن الفارط بخصوصية حجارتها ووظائفها قد تغيرت بدورها وقيمها المادية ايضا نحو الشقق الصغيرة المتلاصقة في العمارات والابراج التي غزت عمان بعد اختزلت اهميتها واهدافها نحو الحفاظ على كرامة الشخص وذريته ( ص17). لكن رجل الدين الشيخ “خالد ” بقي صاحب ايمان حقيقي ثابت وهو الذي تعرف اليه في مسجد المنطقة اثناء استماعه الى خطبه يوم الجمعة والدروس بين الصلوات كيف لا وهو الشيخ المتنور والحليم وغير الحكومي الولاء ايضا، كيف لا؟ وهو الذي كان يتقبل تساؤلات فراس الفلسفية والصوفية عن الحِكم الالهيه في تكوينات الانسان وطرائق تفكيره ومعاني الابدية وما بعدها…إذ صدم فراس بأن تم نقل الشيخ خالد الى مسجد صغير وعيّن شيخ “حكومي” جديد في مسجد سكناه ما يرصد حجم واتجاهات تغير خطباء وادوار المسجد في حياة الاردنيين، ورغم التباعد الزمني الذي وقع بينهما الا ان علاقتهما السجالية بقيت متواصلة كلما سنحت لهما مثل هذه اللقاءت التي تباعدت لكن الشيخ بقي شيخا.
انا شخصية” محمد عزام” ابن المنطقة، فقد مثل الشخصية الانتهازية والحقودة التي يمارس كل ما من شانه كسب الناس الى حد النفاق لهم بدليل مكوثه طوال ايام عزاء جد فراس رغم عدم وجود اي رابطة دم بينهما ما اثار استغراب الشاب فراس الذي كان واقفا عندما شكر ابوه محمد عزام على دوام وقوفه معهم طيلة ايام العزاء….ولم يتبدد هذا الفضول لدى فراس الا عندما اخبرته والدته انها لم ترتاح لعلاقة فراس مع هذا الشخص الهامل وكان ذلك بعد عودة فراس محبطا ومديون من دبي وهي تسانده وتجبر بخاطره؛ فاخبرته في نهاية الرواية ان محمد عزام قد سبق وان طلب يدها من جده قبل زواجها من ابيه لان والد محمد كان سكيرا ومؤذيا لاناث الحي ولغيرهن للجميع وهكذا هي حقيقة ابنه محمد.
اخيرا ..
هذه الاضاء لم تغطي كامل احداث وشخوص الرولية المهندسة لغويا وبصريا دون زوائد تعبيرية او اسهابية من الفها الى يائها..وبالتالي لابد من قراءتها بعمق وانصاف من قِبل النقاد والمتابعين بالتاكيد.
*قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة -الأردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى