ليلة لو باقي ليلة / يوسف غيشان

ليلة لو باقي ليلة

هناك مرض نفسي يندرج تحت قائمة أمراض الإكتئاب يسمى ب( الإضطراب ثنائي القطب)، حيث يعاني المريض من تبادل حالات الإكتئاب الشديد مع الفرح الهوسي غير المبرر. في حالات الإكتئاب قد تصل الحالة الى محاولة الإنتحار، وفي حالات السعادة والفرح الهوسي، يقوم المريض غالبا بتصرفات طائشة، وقد ينفق امواله على موضوعات تافهة، تؤدي بعد تبادل الأدوار الى المزيد من الإكتئاب… وهكذا دواليك.
انتهينا من هذا التقرير العلمي المبسط ، لأقول بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن شعبنا العربي المتمطّي فوق قارتين وبعض الجزر المسلوبة أو المصلوبة ، بأننا نحن الشعب الوحيد في العالم ، الذي استطاع أن ينقل هذا المرض من حالاته الفردية الوراثية المحدودة جدا بين الأشخاص وتصيب الإناث بدرجة أكبر ، الى حالاته الجماعية التي تصيب شعبا بأكمله، بقضّه وقضيضة، وكامل منظوماته الفكرية ومصفوفاته الأيديولوجية، وهي تصيب الذكور بشكل مؤكد .
وحيث تكون السلطة أكبر فإن تقلبات المرض تبدو أكبر وأكثر شراسة وخطورة . يعني هذا أن الحكومات العربية- والإستثناءات نادرة- هي المصابة الكبرى بهذا المصاب الجلل. ولن أكلف نفسي كثيرا عناء اثبات هذا الأدعاء. صحيح أن البينة على من ادعى، لكن البينات واضحة تماما ، ومرمية على قارعة الطريق، وهي ممارسة يومية عملية حية للحكومات العربية في كل يوم وكل ليلة ….. و”ليلة لو باقي ليلة” ، على رأي المطرب اليمني المعروف الدكتور عبد الرب أدريس…والباقي عندكوا.
في بيان التشكيل الوزاري الأول ، تسمع تطمينا مبالغا فيه عن الحالة المالية للدولة، لدرجة انك تعتقد انك تعيش في سويسرا، لولا مرور “فاردة” عرس من قربك، الجميع فيها يطلق النار- من شدة الفرح والإبتهاج- بكثافة الى ان تصاب العروس او يموت العريس او بعض المجاورين.
ثم تشرع الحكومات على صرف ما في الجيب انتظار لما في الغيب ، ثم فجأة تسمع وتقرأ بأن الديون الخارجية ارتفعت بمتواليه هندسية بعد ان صرفت الحكومة ما في الحيب والغيب وجيوب المواطنين، على مشاريع سخيفة ومؤتمرات اسخف وخلوات خالية من كل شئ عدا الإيدز الفكري.
ثم تشرع الحكومات في التذمر وتدخل في حالة من الإكتئاب الشديد، وتبدأ في الإستجداء من الخارج ، ورفع الضرائب والرسوم على المواطنين وابتكار اساليب- يخجل منها الشيطان نفسه – ابتزاز لمواطنيها والمقيمين فيها.
في حالات الإنتخابات النيابية تبدأ قصة الانتخابات النزيهة والديمقراطية الحقة، وتدعو الحكومات الأحزاب للمشاركة في هذا العرس الوطني الكبير ، ثم يكتشف المواطن انها مثلها مثل الانتخابات السابقة والأسبق والأسبق …. مزورة تماما..لدرجة ان المواطن العربي صار يشتاق لأن تعده الحكومة بإنتخابات مزورة، لعلها تطلع “نزيهة.”.بنت الجيران على سطح البيت.
هذا يحصل في مجال مكافحة الفساد مثلا ، حيث تشرع الحكومات في تشكيل لجان مكافحة الفساد في مرحلة الفرح والسعادة ، تتحول الى لجان لشرعنه الفساد ..وتبييض أمواله في مرحلة الإكتئاب.
وهذا يحصل في المواقف السياسية
والمواقف الإجتماعية
والمواقف الوطنية
ومواقف السيارات
العلاج:
رش الوطن العربي بشكل دوري – حسب ارشادات الطبيب- بأملاح الليثيوم أو الكوبيتارين أو أي عقار جديد لعلاج مرض الإضطراب ثنائي القطب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى