تعايش ديني / د.محمد الهواوشة

تعايش ديني
عندما سافرت إلى أميركا، وفي بداية إقامتي في مدينة كولمبوس أوهايو الامريكية ، وعندما قررت الذهاب للمسجد المجاور لأداء صلاة الجمعة، لاحظت أن المسجد يقع بين كنيسة، ومعبد يهودي، وأن دور العبادة هذه تشترك في موقف واحد للسيارات، يخصص يوم الجمعة للمسلمين، ويوم السبت لليهود، ويوم الأحد للمسيحيين . سرّني ما رأيت، وراقت لي هذه الفكرة التي ترسخ مفهوم التعايش الديني بين معتنقي الديانات السماوية، ولعل هذا سر من أسرار ازدهار الهوية والحضارة الأميركية؛ فأميركا كانت ولا زالت تستقطب المفكرين والمبدعين من كافة أرجاء العالم، مهما كانت دياناتهم وأعراقهم ولغاتهم، وهذا ساعد على بناء دولة تؤمن بالتنوع والتعايش، ولم تكتفِ بالتنوع العرقي فحسب، بل تنوعت بالأديان، واللغات، والأجناس . ودائما ما يكون تقبّل الآخر وقبوله ضمن التركيبة المجتمعية عاملًا مساعدا في الرقي والتطور والتقدم الحضاري والعلمي .

ومما لا شك فيه، أن المسلم واليهودي والمسيحي، جميعهم يتفقون على ذات المبادئ، ويختلفون في طريقة الإيمان بها، ولطالما هدم التنازع بين أتباع الأديان والطوائف أوطانا، لذا؛ كان لزاما علينا أن نتبع التعايش منهجا – وهذا ليس بالشيء الجديد – فديننا أمرنا بالتعايش واحترام الآخر، ورسالة الإسلام جاءت لتصهر الجميع رغم اختلاف لغاتهم، وأعراقهم، وأجناسهم، وأديانهم في بوتقة الإنسانية؛ فأمرت بالوسطية والاعتدال، واحترام الآخر، واحترام معتقداته، حتى لو كانت مخالفة .

ولأهمية التعايش في التخفيف من حدة الصراعات فوائد كثيرة، فلا قتال على عقيدة وهوية، ولا قومية، ولا عرق، وبالتالي لا أحقاد، ولا كراهية، ولا ظلم بين المجتمعات . والتعايش يجعل الاختلاف نعمة لا نقمة؛ فبالاختلاف يُخلق التنوع الحيوي، ويتم المزج بين الثقافات والحضارات المتنوعة، ليخلق مزيجا متناغما عنوانه : المصلحة المشتركة للجميع، والمحبة بين الجميع .

ولما كرم الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم بني آدم، على اختلاف معتقداتهم وأعراقهم، كان لزاما علينا أن ندعو لمزيد من الدعوات التنويرية لنبذ الفروقات والصراعات بين أتباع الأديان السماوية .
د. محمد الهواوشة.
رئيس الجالية الأردنية في ولاية اوهايو الأمريكية.

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى