المرضى النفسيون وحساباتهم الوهمية / جهاد احمد مساعده

المرضى النفسيون وحساباتهم الوهمية

المريض النفسي شخصية معتلة نفسيًا وهي أكثر الشخصيات تعقيداً وصعوبة في التعرف على صاحبها، حيث أن المعتل نفسياً يجيد تمثيل دور الإنسان العاقل، كما أن له القدرة على التلاعب بأفكار الآخرين وجذب انتباههم من خلال كلامه المعسول كون سلالة بعضهم تنحدر من فصيلة(ابن آوي).
فعند مقابلة هذا الثعلب ( المريض نفسي أوي) ربما تبهرك لطافته وقدرته على استيعاب من أمامه وبمرونته في التعامل وشهامته الظاهرية المؤقتة ووعوده البراقة؛ ولكن حين تعامله لفترة كافية، أو تتحرى حوله، أو تطلع على ملاحظاته المنشورة أو رسائله المغلقة، تجد حياته شديدة الاضطراب ومليئة بتجارب الفشل والتخبط والأفعال اللاأخلاقية. فهو معتل نفسياً شخص بذيء الكلام، يخوض في أعراض الناس، ويحشر نفسه بكل مناسبة ويخوض بكل موضوع، وكأنه عالم عصره وفي الحقيقة أنه ليس إلا عُتل زنيم.
فهذا الزنيم (ابن اوي) يجيد انتحال الشخصية من خلال الحسابات الوهمية للفيس بوك فهو شخصية مخفية وغير ظاهرة لأنه يتقمص شخصية فتاة أو اسم حيوان، لأنه غير قادر على إظهار نفسه والتعبير عنها عبر حسابه الحقيقي على الفيس بوك، نتيجة إصابته بمرض نفسي.
ومن خلال الاطلاع على الكثير من الدراسات التي اهتمت بهذه الظاهرة أشارت هذه الدراسات أن هناك مرضى يميلون إلى الظهور فيأخذون من الفيس بوك وسيلة لجذب انتباه الآخرين، وذلك من خلال المبالغة في نشر بعض الكلام الذي يبين من ظاهره انه شخصية جريئة، ظنا منه أنه يصبح محور اهتمام الآخرين، إلا أن الدارسات النفسية وضحت أن هؤلاء الأشخاص يعانون من السطحية والانفعالية والاندفاعية بدرجة مبالغ فيها، فهي شخصيات لا تحسب العواقب عما تفعله، مشيرة إلى أن المجتمع لابد أن يضع هؤلاء الأشخاص تحت الرقابة الكاملة، لأن هذه مؤشرات تؤدي إلى أمراض نفسية أخرى ووخيمة .
وأكد علماء النفس والاجتماع أن الفيس بوك من وجهة نظر المريض النفسي هو الوسيلة الأمثل التي من خلالها يستطيع التعبير عن ذاته والتواصل مع الآخرين، عبر استخدام عدد من الحسابات الوهمية على الفيس بوك ليتمكن عبر ذلك خداع الآخرين .
أن بعض الأفراد الذين يعانون من الاضطرابات النفسية يرون أن ما يصدرونه من شائعات أو أراء تزيدهم ثقة بنفسهم وإرضاء لغرورهم عندما تنال منشوراتهم على عدد أكبر من اللايكات، وهذا ما لا يناله في الواقع الذي يعيش فيه، فهؤلاء الأشخاص يعانون من ضعف ونبذ من الآخرين وعدم تقبلهم لآرائهم وأفكارهم.
(ابن أوي) احد المرضى الذين يستخدمون الفيس بوك بحسابات وهمية ويمكن أن يدير هذا الحساب مجموعة من الذين يعانون من هذا المرض أيضا مثل حساب (زهرة اللوتس) أو حساب (أضرط هايف) فنجدهم يشتمون أنفسهم على حسابهم الوهمي حتى يجذبوا انتباه الآخرين لهم، هذه الحالة لا بد من الوقوف عليها من الناحية النفسية، فكثير من علماء النفس تناول هذه الحالة من عدة جوانب منها:
أولا: أن المريض النفسي يجد في الفيس بوك صديقا له للتعبير عن ذاته؛ لأنه يعاني من سوء توافق مع الآخرين، وخلل في التعامل معهم فيجده وسيلة لإنشاء حساب وهمي لمهاجمة هؤلاء الأشخاص .
ثانيا: يلجأ المريض النفسي إلى الفيس بوك لكي يستطيع التخلص من الضغوط النفسية التي يعاني منها ويجد فيه مخرج من مكبوتاته ليحدث لديه التوازن النفسي المطلوب.
ثالثا: أشارت الدراسات أن بعض الأشخاص الصلع ذو العيون الملونة أكثر عرضة بالإصابة بهذا المرض، وأنهم معرضون للإصابة بانفصام الشخصية، ففي دراسة أجريت مؤخرا على مجموعة من الأفراد كشفت أن من يتمتع بهذه الصفات وجد لديه أكثر من حساب وهمي ويهاجم نفسه لينال تعاطف الآخرين معه، كما يستخدم ايضا لتظليل مجموعة من الأشخاص الذين لا يتفقون معه.
رابعا: عدم تحمل الشخص الضغوط في مجال عمله تؤدي به إلى أمراض نفسية، فيعجز هذا الشخص عن تحمل مثل هذه الصدمات ويتحول معها إلى مريض نفسي يحتاج إلى معالج نفسي أو يتحول إلى شخصية وهمية يعبر عن ذاته عبر الفيس بوك.
خامسا: أن المريض النفسي يجد في الفيس بوك الوسائط الاجتماعية التي يفقدها في الواقع الذي يعيش فيه، فهو يرى في العالم الافتراضي ساحة مناسبة للتعبير عما بداخله لتفريغ الضغوط التي يسببها مرضه النفسي، أو لمهاجمة الأشخاص الناجحون في عملهم نتيجة الحقد والحسد المكبوت في نفسية هذا المريض.
سادسا: انتشار ما يسمى بمرض “الاستعراضية للشخصية الهستيرية” وهذا المرض يتمثل في التركيز على حركة معينة من خلال الصور الجماعية على سبيل المثال إشارة (لايك بالإصبع)، وتكرارها بمختلف الأوضاع بصور مملة في كل مناسبة، وذلك رغبة منهم في جذب انتباه الآخرين، وهذا ما أثبتته الدراسات بأنه يدل إلى الاضطرابات النفسية وعدم النضج النفسي والانفعالي.
وقد ميز علماء الطب النفسي إن هناك نوعين من المرضى النفسيين، أحدهم له مساس بالعقل والآخر لا علاقة له بالعقل، وهناك ما يسمى “اضطراب الضلالات” وهم أشخاص يعانون من اضطرابات تؤدى بهم إلى هلاوس سمعية وبصرية، وفي الفترة الأخيرة أصبح الفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي الوسيلة الأفضل للتعبير عن تلك الهلاوس.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى