وزارة الشباب .. / جهاد احمد مساعده

وزارة الشباب ….
الإنطلاق نحو المسؤولية الاجتماعية
لا شك ان تحديد أسس تربية الشباب وأدوراها أمر مهم، وهو المسؤولية الموكلة لوزارة الشباب التي تعد المظلة الرئيسة والرسمية للشباب الاردني، لإن تحديد هذه الأسس ووضعها في مجال التطبيق العملي هو ما تتطلع إليه الأجيال الشابة لإكتساب القيم والاخلاق الايجابية للمحافظة على الوطن وهويته، وتحمل المسؤولية للتقدم وامتلاك سبل القوة ومفاتيح العمل.
ومن هنا فإن المسؤولية الاجتماعية التي تقع على عاتق وزارة الشباب، لا يمكن ان تقدم للمجتمع شيئاً، ما لم يحملها أناس مخلصون جادون واعون في العمل يتمتعون بالصدق والامانة.
وقد قيل إن فاقد الشيء لا يعطيه، لذلك على وزارة الشباب توقيف التجاوزات في التعيينات خارج ديوان الخدمة المدنية، والنظر في التعيينات التي تمت سابقا عن طريق بيوت الشباب ونوادي المدن الرياضية لاشخاص غير مؤهلين في التعامل مع الشباب، منهم ما تم تعينه بوظيفة ( حارس، سائق، عامل نظافة، …. الخ)، واصبح هؤلاء يعملون بوظائف اشرافية انعكست سلبا على اداء العمل الشبابي والمؤسسي كون الكثير منهم لا يحمل مؤهلا علميا. لذلك على الوزراة إعادة النظر في تلك التعيينات، وإعادة تقييم عمل هؤلاء ضمن معايير علمية لا يكون فيها محابة لأحد، وأن يعمل كل منهم ضمن مسماه الوظيفي ومؤهله العلمي، ،وأن تنطلق الوزارة ضمن قاعدة واضحة وشفافة في جذب قيادات شابة مؤهلة وواعدة للعمل مع الشباب ينعكس عملها ايجابا على المجتمع الاردني. إذ يقع عليها دور مهم وضروري لملأ الفراغات في حياة الشباب، وتهيئ ما تستطيع تهيئته من بيئات اجتماعية صحية تؤتي ثمارها مستقبلا من خلال إكساب الشباب قيما اجتماعية وعادات وتقاليد مثلى هم بحاجة ماسة لها.
ومن هنا فإن من توكل اليه مهمة التعامل مع الشباب وتقديم البرامج لهم يجب ان يكون متمكنا من تطبيق المهارات المختلفة بإحترافية يظهر أثرها على الشباب المستهدف، يتحلى بالصدق وعدم الكذب والخداع عفيف اليد واللسان، فالموظف ضعيف الوجه، المعوج السلوك الذي يقترف الرذائل ويسعى في الارض الفساد غير آبه لأحد، همّه ما يكتسبة من مال بغير وجه حق مستغلا وظيفته لمآربه الشخصية……فأين هؤلاء من قول الرسول صلى الله عليه وسلم (” إِنَّ الْحَيَاءَ وَالإِيمَانَ قُرِنَا جَمِيعًا ، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ ” ).
ان الرذائل اذا نمت من النفس وفشا ضررها، وتفاقم خطرها انسلخ المرء من دينه كما العريان المنسلخ من ثيابه واصبح ادعاؤه للإيمان زوراً وبهتاناً، فما قيمة دين بلا خلق، وما معنى الافساد مع الانتساب الى الله، علما ان الجميع قد اقسم بالله على الاخلاص للوطن- أم القول شيئاً والفعل شيئاً اخر-.
فالمرء السيء لا يترك في نفوس من حوله أثراً طيبا ولكنه يبث في الشباب سلوكات سيئة من شأنها هدم قيم المجتمع ونشر الفساد وبالتالي اصبح ذلك اداة هدم لا بناء، تتمتع هذه الاداة بحماية من مؤسستة في ظل غياب مسؤول قادر على ان يمحص الخبيث من الطيب وان يحاسب المقصر، وان يضع الموظف المناسب في المكان المناسب مع مؤهلاته وخبراته.
وفي ظل مشكلات العصر وما يحيط بمجتمعنا الأردني من تحديات وصراعات بكافة اشكالها، وما قد يؤثر على استقرار النظام القيمي للشباب نتيجة عوامل داخلية وخارجية، اصبحت فئة الشباب غير قادرة على التمييز بين الصواب والخطا، لذا اصبح من الاهمية اعطاء الإهتمام بقطاع الشباب وتفعيل المسؤولية الاجتماعية تجاهه، ليتمكن من القدرة على مواجهة تلك التحديات والتغيرات.
فالشباب الاردني بحاجة الى نسق قيمي يوجه سلوكه وطاقاته ازاء المواقف التي يتعرض لها، ويحقق له الطمأنينة ويمنحه فرصة للتعبير عن ذاته من اجل الحفاظ على تماسكه ومساعدته على مواجهة التغييرات التي تحدث من حوله، وان لا يكون هدفا سهلا تستقطبه العصابات الارهابية لينفذ اجندتها على حساب القيم الدينية وأمن المجتمع.
وبناء عليه فإن على وزارة الشباب الانطلاق بصورة جديدة وجادة من العمل، يلمس أثرها القاصي والداني، والتي يتطلب عملها مجموعة من الاجراءات النظرية تتضمن التخطيط وإعداد كادر مؤهل وتوفير بيئة امنة وداعمة مزودة بكافة الوسائل التي تسهل تقديم البرامج الشبابية، واجراءات اخرى عملية تتضمن تطبيق تلك الخطط التنموية في واقع العمل الشبابي في المدارس والجامعات. وان لا يكون هناك فرقا شاسعا بين النظرية والتطبيق، بتقديم برامج عملية تعتمد على العلم والخبرة في ضوء الاستراتيجبات الوطنية لتحدث تغيرا ايجابيا يكون قابلا للملاحطة والقياس.
وبالتالي فان الوزراة هي المعنية من خلال مختصيها بالمجالات الشبابية، للبحث الدؤوب لإعاة النظر بشكل مستمر في الوسائل والامكانيات المتاحة والطرائق والاساليب التي يمكن اتباعها في عملية نقل المفاهيم النظرية وضمان تطبيقها لاكساب الشباب السلوك القويم. واول هذه المتغيرات بناء حقائب تدريبية للشباب تحاكي واقع المجتمع والظروف المحيطة به ويدركها الشباب في حياتهم اليومية.
كما أن لوزارة الشباب دور مهم بالمشاركة في العملية التكاملية مع الاسرة وتفعيل العمل معها، ولهذا فان المسؤولية الاجتماعية تتطلب وعيا حقيقيا وتخطيطا ومتابعة وادراكا شاملا لكل الفعاليات التي تؤثر على الشباب ومعرفة نتائج كل مؤثر على حدة، ومطلوب من الوزارة ان تعد شبابا مؤمنا بدوره في تحمل المسؤولية ليقوم بواجباته ويتطلع الى البناء والنمو والتعامل مع الاخرين تعاملا ايجابيا.
ان شباب الوطن لا يمكن أن يتقدم او يصمد أمام الصعاب والتحديات التي أصبحت تعصف به، ولا يمكن تحمل المسؤولية أو القدرة على العطاء إذا لم تكن هناك اساليب جديدة في العمل مع الشباب تمكنهم من مواجهة خطر الغلو والتطرف والعنف، وهذا يتطلب ايضا من الوزارة إعادة النظر في أهداف الاندية الرياضية والمراكز والهيئات الشبابية، وانشطتها والأنظمة السائدة فيها، والفعاليات المشرفة عليها، إذ يعد ذلك امر مهم وعاجل للاصلاح ووضع أساس صحيح لاعداد الشباب، ولذا لا ينبغي لبعض هذه القطاعات ان تُتَرك هكذا، وتستمر كمكان يربى الاجساد، ويدرب اليد والرجل فحسب، دون الاهتمام بنشر القيم والاخلاق واعمال العقل وانفتاح القلب والروح.
ولكي تكون هذه القطاعات معاول بناء لا معاول هدم وأن تصبح أهلا للتشجيع والدعم ينبغي أن تحدد اهدافها بدقة وتوضح جوانب نشاطاتها والشريحة الاجتماعية المتسهدفة من نشاطاتها كما ينبغي ان تحدد وسائلها واساليبها التي تستخدمها لتحقيق اهدافها، وكل هذا لا يتأتى الا بوضع نظام تقييمي شامل لأداء هذه القطاعات يتصف بالشفافية والنزاهة بعيدا عن ما قد يعتريه من فساد. فاذا كانت الاهداف واضحة ومقصودة تستطيع هذه القطاعات في المساهمة بإعداد الشباب إعداداً سليماً وبناء المجتمع بناءً قويماً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى