* أيتها الحرب : أين تقيمين ؟ / * أحمد كناني

* أيتها الحرب : أين تقيمين ؟
قبلَ أن أعرفَ الحربَ
أبقيتُها خلفَ نافذتي
واحتميتُ بأخي الذي كان يبكي
ويقبّلني مثل أمٍّ حنون
قلتُ : أيّتها الحرب ، أين تُقيمينَ ؟
….
صارت الحربُ ترافقني
طريدتها الصغيرة أنا
بقامتي الهزيلة وقلبي الذي يثقّبه الغائبون،
اشتمَمتُها في ثياب العسكريّ ، أبي
كانت تفوح من فمها رائحة البارود والدّم والبكاء
رأيتُها مخيفةً في إصبع عمّي المبتور
ظلّ يصلّي وما من شاهدٍ في يده اليمنى
وراقبتُها تنمو غابةً من بكاء ترويها دمعات أمّي الثّقيلات
غداة تحرسُ النيشان المعلّق
على جدار قلبها فوق كتف ال”كوارة “
في رسمٍ لخالي الذي ذهب إلى الحرب
وعاد منها حروفاً في صرح الشهداء
ومعونةً شهريّةً لجدّتي التي انحنى ظهرها
من الحرب وافتقاد الغائبين
….
إنها الحرب اشتمَمتُها رائحةَ شواءٍ تنبعث من كتف جارنا الذي ما زال يحمل وشم ” النابالم ” والهويّة الحديديّة لرفيق سلاحه الشهيد .
….
إنّها الحرب اصطفاف العجائز أمام باب ” الوكالة ” وأياديهنّ التي تتلقّف علب السردين والشّاي والزّيت وحفنةً من الذّكريات .
….
إنّها الحرب ،ما مِن مرّةٍ ذُكِرَت
إلّا احتميتُ بصورة أخي الذي مضى دون أن يقبّلني تلك المرّة
سائلاً : أيّتها الحرب ، أين تقيمين ؟؟

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى