نفطنا الأحمر..

مقال الاثنين 29-2-2016
نفطنا الأحمر..
تصل الخضار الطازجة يومياً من الأغوار الى عمان لكنه لا يصل “الوجع” معها،ولا يصل “الألم” المقطوف صباحاً والمغطى بأوراق الهموم المرّ، فالصوت العميق يبقى في الأرض العميقة لا يسمعه – ولا يرغب ان يسمعه – سكان الجبال العالية…
أقسى دمعة ،دمعة القهر في عيون الرجال…كانوا يتحدّثون بأصوات مخنوقة لكاميرا التلفزيون عن الديون المتراكمة ،وعن الخسائر اليومية ، عن البنوك التي تلاحقهم بالسداد، عن مراهنات الموسم ، عن “مافيات” السمسرة، كانوا يتحدّثون بشفاه مشققة وعيون غائرة وذقون مهملة بسبب الكد والشقاء ،في أصواتهم أسى ورجاء ومناشدة مكبوتة يخفيها وقار سنهم وعزّة نفس الفلاح …حبات البندروة المسكوبة على الشوارع هي دماء المزارع الذي اقترض وتعب وسمّد وزرع وشقي…يسكبها مرغماً والدموع في عينيه أسفاً على حاله وعلى خسارته المضطردة يوماً بعد يوم..يسكبها مرغماً عندما ينساه الجميع في محنته ويتذكّرونه في ربحه مرة كل عقد من الزمان…
كيلو “البندورة” في الحقل بين “قرشين وثلاثة قروش”..كم ستغطي القروش الثلاثة..البذور ،والسماد،والري،والقطف،والتعبئة ،والنقل؟؟..
ماذا سيتبقى للمزارع بعد ان تحسم كل هذه المصاريف ؟؟
كم سيتبقى له ليقوم بسداد ديونه ،ودفع أقساط إقراضه الزراعي، ويغطي معيشته كمواطن عادي …طبعاً هي الكيلو نفسها تباع بــ”60″قرشاً في عمان…فمن الذي ربح 20ضعفاً على ظهر المزارع؟؟؟…بالمناسبة باقي الخضار ليس بأحسن الحال من الشقيقة الكبرى “البندورة” ولكل منتج له حكاية في الخسارة وارتفاع كلف الإنتاج، وغصة في حلق المزارع البسيط..
**
نعرف أن خيارات التصدير شبه مغلقة..لكن في نفس الوقت لا نستطيع أن نترك “وادي الأردن” يصارع الموت والخسارة ونحن نتفرّج ،هناك خطوات تستطيع الحكومة القيام بها بشكل عاجل..زيادة مخصصات صندوق الاقراض الزراعي وتوقيف مطالبات المزارعين الى اشعار آخر،وتطمين البنوك المحلية بضمانات حكومية للقروض، وتوجيه “دينار التلفزيون” الذي ندفعه من فاتورة الكهرباء زوراً وبهتاناً دعماً للمزارعين المتضرررين..وفتح أسواق جديدة غير تقليدية للمنتجات الأردنية..وعلى المدى المتوسط التفكير بحل مشكلة خسائر المزارعين جذرياً والحفاظ على سلة الغذاء الأردنية من خلال إيجاد خط دفاع أول من الصناعات المساندة للمنتجات الزراعية…وتوجيه جزء من الاستثمار الحالي للاستثمار الصناعي بالقطاع الزراعي ،فلا يعقل “دولة البندورة” لا يوجد فيها “مصنع رب بندورة”، كما لا يعقل أن تمتلئ رفوف “المولات” بمعلبات وأكياس مثلجة بالفاصوليا والباميا والفول وفطر المشروم والبازيلاء من حدائق كاليفورنيا بينما “حدائق وادي الأردن” تسكب منتجاتها على الأرض…يجب أن يوجه جزء من الاستثمار الى الصناعة الغذائية و التعليب بمواصفات عالية لغايات التصدير وايقاف كل ما هو منافس لمنتج زراعي أردني ، كيف لنا ان نحمي اقتصادنا ونحن “بارطينها” من كل الجهات!!…
“البندورة” نفطنا الأحمر لو أحسنا استغلالها واستثمارها وضبط انتاجها وكيفية تصديرها، وهي ايضاَ الدماء التي تجري في شريان وادي الأردن، ان لم نتحرك جميعاً سيتضاعف النزف..عندها لن تنفع الــ “لو” مهما كانت كبيرة وصادقة!.

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫10 تعليقات

  1. وزراء النسور في في فخامة وهم مكاتبهم.. ومحمد بن راشد يأمر وزرائه بأخذ الميدان مكتبا للتنمنية الشمولية..!

  2. اولا صبحكم ربي بالخير انتم وهالوطن الجميل باهلة الطيبين
    والله ياقرابة حكوماتنا لاسألة عن نفط احمر ولا اسود
    الحل بيد الله يحيى ضمائر المسؤلين لانه الضمائر ضربتها موجة صقيع واحترقت
    لكن للامانة كما تكونوا يولى عليكم
    ابتعدنا عن الله كثير.

  3. سخرة .. تفقير.. تجويع … همنا يصير لقمة الخبز .. هذه سياسة حكوماتنا المتعاقبة … صاحب التعب محرّم عليه يفرح او يذوق نتاج تعبه … حتى لو باع اخر ما يملك .. المهم ان اصحاب الكروش تبقى حصتهم محفوظة بل وفي تزايد مستمر … لا مزارع محمي ولا مستهلك محمي … الحماية الوحيدة فقط للمستفيد الموجود في مة الهرم المجتمي … شعارهم انا وليفنى الشعب من بعدي

  4. صباح الخير للمزارع ،، والمواطن غير المزارع
    كيلو البندورة قبل شهرين وصل 150 قرش ، الزهرة 140، البذنجان 95 قرش ،،، الخ، واليوم كلها في الحضيض
    قبل شهرين دخلت إلى أحد مولات الخضرة وخرجت بدون شراء أي شيء ولسان حالي يقول حسبي الله ع اللي كان السبب، حسبنت لما فلّست
    لست هنا -لاسمح الله- لأشمت بهم أو أتشفى بهم فالمزارع البسيط هو أخي وعمي وخالي وأبي،،، وليس هو من كان يبيع الخضار قبل شهرين بتلك الأسعار،،، ولكن غياب السيسات الزراعية التي لا تقرأ الواقع هي السبب، كما الحال في السياسات التعليمية وغيرها.
    أين هويتنا ،، فالأردن دولة زراعية بالمقام الأول،،، فأين التخطيط الزراعي ، ودعم الزراعة والمزارعين ،،، آآآآآآآآآه الله يرحمك يا وصفي
    نريد وزارة الفلاحة لا وزارة الزراعة
    وزارة أفرادها من الوزير لغاية الخفير يلبسون الجزم وينزلون للسهل والكرم والوادي والجبل،، وبين الدواجن والأبقار والعجول،،،، نريد وزارة الفلاحة يا دولة الرئيس لتعيد لنا هويتنا

  5. مصانع رب البندورة التي ه ملك للشعب و المزارعين تم بيعها بحجة الخصخصة والمستثمرين الذين اشترو المصانع اغلقوهم وتم بيع المصانع او نقلهن خارج الاردن اتحسر يوميا وانا ارى مصنع البندورة في الاغوار خاوي على عروشه بعد انا كان يملى الدنيا عملاا و نشاطا وتكون طوابير الديانات والشاحنات بانتظار تفريغ الحمولة ….لماذا لايتم افتتاح المصانع واستيعاب الفائض و عمل مربى ودبس بندورة وهدذا يتم تعويض المزارع وتصريف البضاعة ويتم ايجاد البندورة في الاوقات التي تكون اسعارها مرتفعة
    وكذلك لماذا لا تستاجر الحكومة طائرات لتمكن المسزارعين من نقل محاصيلهم الى الاسواق العربية و الاجنبية ؟؟؟ مادور الحكومة ؟؟ هل دور المتفرج؟؟؟

  6. ذكرني الأستاذ أحمد الزعبي برسم التلفزيون الاردني دينار شهريا على فاتورة الكهرباء واجمع منه الملايين لتلفزيون نااااااادرا جدا ما نشاهد هذه القناة العظيمة التي تأتيك بالأخبار والمعلومات المتنوعة المفيدة
    يا ريت يشيلوا هالدينار ويخصص لوزارة التنمية الاجتماعية لتوزيع على الفقراء في وطننا وما أكثرهم

  7. في ظل حالة إهمال الدولة للمزارعين فإن على هاؤلاء إنشاء تنظيم أو اتحاد أو جمعية سموها ماشئتم تكون وظيفته النهوض بالقطاع الزراعي وتسويق منتجاتهم بعيدا عن سمسرة التجار الجشعين اللذين يسرقون تعب وجهد المزارع بسبب عدم وعيه بأهمية العمل الجماعي المدروس المنسق صدقوني هاذا هو الحل الأكيد لكل مشاكل المزارعين

  8. من الواجب دعم مزارعو البندورة والقمح والزيتون بحيث يتم حصر المزارعين وكمية انتاجهم في سنه ما وعليها يتم القياس ويكون الدعم حسب الانتاج بحيث يكون ثابت سواء جاب محصوله نتيجة عاليه او قليلة وبذلك نضمن استمرارية المزارع طبعا بعد ما نكون فتحنا لهم الاسواق العالمية والعربية واجب المواطن ان لا يقبل سعر متدني للمنتج مثل البندوره وان يتم تثبيت سعر البندوره عند35 الكيلو

  9. السلام عليكم
    انا مغترب بالامارات اللي بحير بالموضوع لما افوت مول هون بلاقي خضار من كل دول العالم الا الاردن . كل وين ووين تا تلاقي اشي مكتوب عليه انه اردني وبكون سعره خرافي . يعني احسن بندوره بتكون ب 5 دراهم وبندورتنا ب 10 ما يعادل ليرتين .
    طيب زيدو التصدير خلي الواحد يفيد بلده وبنفس الوقت صدروا باسعار تنافسيه لانه ما حدا بشتريها بهاي الاسعار
    مش رايحه غير هالمزارع المسكين

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى