هل يؤمن العقل العربي بوجود الشخص الثاني.. والى متى؟

هل يؤمن العقل العربي بوجود الشخص الثاني.. والى متى؟

ا. حسين محادين

1- القائد الملهم والأوحد، وان كان واقفا على حافة القبر، أو حتى بلا ذاكرة ، وان شئتم خرفا،مع هذا فهو الشخص”الضرورة” في حياة العربان ، الذي يدافع عنه المستفيدون من ضرورته، ويصمت عنه قهرا وخوفا عن مراراته ايضا اغلبية المواطنيين الصابرين في ثنائية عربية موجعة بحق.
2- لعل أول ما يفكر فيه المسؤول الأول في اي رئاسة أو وزارة أو حتى شركة وصحيفة عربيا، هو أن يتخلص من الشخص الثاني، اي كانت خبراته ومعارفه ،ومهاراته الادارية كجزء من واحدية العقل والسلوكيات العربية تاريخيا انطلاقا من نموذج “رب الاسرة العربية” وليس انتهاء برب البلد الذي يحكم اي من بلداننا العربية المتأسلمة هذه الايام اي ان فكرة رفض الشخص الثاني هي منظومة متجذرة ويعاد إنتاجها المعاصر عربيا في جل تنظيماتنا المفترض وجودها اصلا.
3- نحن العرب قوم لا نريد أن نكون ما نعرف نظريا، ومنها لا نرغب فعلا أن نعرف كما يشير الواقع العالمي، بأن عصور وقيم ورموز الفروسية والالهام للحكام والمسؤولين في صحراء جوانياتنا قد ولى لا بل لم يعد مقبولا كونيا، بعد أن سادت العلوم التكنولوجيا وظهرت بفضلها كل من، الإدارات العابرة الجغرافيا والاديان والقوميات والواحديات، وحقوق الإنسان، والتأكيد على التنوع والقيم الفردية في العالم الراهن، إضافة الى ان ثقافة التفاعل اللحظي عبر الصور الحية المتبادلة بين الأفراد والامم،خصوصا وأن الترجمة الفورية التي وفرتها أدوات التواصل الاجتماعي بين المتخاطبين بتعدد معتقداتهم ،وأماكن تواجدهم، وكل هذه التغيرات لم تطل بعد بلدان العرب وادارتهم للاسف، فما زلنا لا نرغب بأن العالم يتمثل سيادة إنسانية المعاني والوقائع ، فكرا وممارسات؛ رغم الكثير من الشوائب السياسية المرتبطة بحقوق الإنسان وببعض الشعوب في تقرير حرية مصيرها على أراضيها وفي الذروة منها اهلنا في فلسطين انموذجا .
وبناء على ما سبق يمكن الاستنتاج ما هو آت:-
* ان الرفض العقلي والسلوكي لدى العرب للان، في وجود شخص ثان في اي من البنى التنظيمية السياسية والعشائرية والإنتاجية عربيا؛ انما مرده إلى عدم وجود او تجذر المؤسسية الحقيقة، التي تقوم على تنوع الاختصاصات والأدوار في اي تنظيم كضرورة، وتكاملها في الاداء، وصولا لتحقيق واستمر هوية هذا التنظيم /المجتمع أو ذاك.
*كثيرا من دولنا، واسرنا العربية عاشت حالة من اليتم والتشتت الذهني والسلوكي عندما فقدت حاكمها الملهم الأوحد،الذي يعبر وجوده بدقة عن “البدوي الصغير” في دواخل كل منا رجالا ونساء،أو حتى فقدان مديرها الأخلد، جراء غياب الوجود الفعلي والمعروف مؤسسيا لدى الرعايا، أو العاملين في تنظيماتنا المتعددة لحقيقة وضرورة وجود الرجل الثاني، الذي يمثل حضوره الكفوء ،وفعاليته المتوازنة علميا. فوجوده مع الشخص الأول ضمانة لعدم انتكاس اي تنظيم قد يفقد رئيسه كفرد ،فكرا، وقرارات، للموت أو الخطأ او الخرف، وهذا ما هو قائم في وقائعنا السياسية والإنتاجية، وحتى القبلية – الفارس الملهم أو الاوحد أو إلى الابد – وكلها سمات مازلت فاعلة وماثلة في تفاصيل إدارة أفكارنا العربية، رغم ارتفاع نسبة التعليم وكثرة المؤهلين للمشاركة في الحكم أو الإدارات العامة ،واعداد الاحزاب، وضخامة الثروات الموجودة لدينا بدليل انها ليست لنا بل للاخرين ،بسبب استمرار مثل هذه المواجع ، سياسات وإدارات متصلبة ،بعيدة عن أوجاع وطموحات رعاياها، ولكن إلى متى غياب إيمان الملهمين / الاوحدين بتتابع الأجيال وان التغير السلمي أو البصري سنة الحياة ؟.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى