iهذيان …. في الاكتشاف

[review]
محمد بديوي

لن ادعي الحلم .. ولا المعرفة والعلم .. ولكنني اجزم اننا في زمن الحليم فيه (حيران ) احدهم يكتب حرفا فتصفق له الف الف كف واخر يكتب وجعا ولا يحظى باكثر من مجموعة اصابع لا تكفي الكف .. وكل ما يجري من حولي .. النجاح الذي علا صوته كانت بذرته .. زيف ..الوهم حقيقة .. والحقيقة يشنقها التأويل .. ويجز على العلن راس الحلم .. ..
اربعة من العقود مرت .. لاكتشف ان كل ما عرفت لم يكن الحقيقة وانني فاشل بكل ما فعلت . وما فهمت . اكتشفت ان العشق مختلف تماما وان عشقي عشته بتفاصيل كيف تحضّر وجبة عشاء لعاشقين كتبت بمجلة متخصصة بفن الطهو .. اكتشفت ان الحب ليس الا اضغاث احلام وان قيسا كان لعبة خشبية تلهو بها ليلى .. وان عنترة كان جنديا في جيوش روما العظمى وهومن اخمد نيران ثورة العبيد .. هومن قتل سبارتاكوس حين اكتشف انه يخونه مع عبلة ..وان روميو لم يكن اكثر من مجرد متحرش بجولييت .. اكتشفت ان الحب شذوذ جنسي يمارسه بعض المفلسين ومن لم يقدر على مهر الزواج .. خدعة هو الحب .. اكتشفت انه خدعة وحيلة لم تنطلِ الا على المعوقين الذين لم يقدروا على فهم معادلات العادات والتقاليد .
، واكتشفت ان الشعر والادب مواريث لا ينال القابها الا من ولد سيدا .. وان كل الحروف التي صنعتها محض هراء والكلمات التي اصيغها ربما لا تليق الا بالفقراء .. اكتشفت ان الادب يحتاج الى ان تفهم قواعد كرة القدم قبل ان تكتب .. ان تكون موهوبا .. تتقن المراوغة وبدقة تمرر .. تفهم المعنى الحقيقي لمصطلح (خذ وهات) تتدرب جيدا على تنفيذ الركلات الحرة المباشرة وغير المباشرة .. تتقن ضربات الجزاء وانت تتحكم باعصابك والاهم ان تعرف تماما متى تكسر مصيدة التسلل .. لتحول اخطاء الغير الى فرص انفرادية واهداف ناجحة
واكتشفت ان مفاهيمي السياسية كلها اخطاء .. وان الذي بحجمي ليس بامكانه ان يبدي رأيه بالثورة .. ولا يملك من العلم ما يؤهله للكلام عن حفرة الانهدام … او .. كيف يتم علميا ردم الحفرة . وان هناك زوايا خفية في فن اللعبة .. وكيف ان هناك قوانين تجعل من الشيخ رئيسا .. وكيف يعلن الرئيس التوبة .. واكتشفت اننا لم نهزم من قبل .. وكل ما في الامر انني لم اكن افهم ان الهزيمة كانت نصرا وان ما حدث .. وما روي هو حتى لا نصاب بالحسد وان لا نفتح عين العدو على قدراتنا اكثر ..اكتشفت قوانين خاصة تحسم المعركة . اكتشفت ان الفنانة التي تقوم بدور المتسولة في فيلم اباحي اكثر شرفا من المتسولة .. وامي … رغم ان امي رحمها الله تعالى لم تتسول . لكن المخرج هكذا كتب على باب اول مشهد .
اكتشفت ان الصداقة هي اجتماع اكثر من شخص على مائدة دسمة يتم خلال ابتلاعها الحديث عن كيفية سد اي ثغرة من الممكن ان تسرب الاحترام .. والوفاء .. وكيف يتم توحيد الافكار الى فكرة لتنمو المصلحة الواحدة .. وتنجح الصفقة ..وبعدها يتفرق الجمع بلا ذكريات … ومهترئ بالرؤوس مفهوم الوحدة …
واكتشفت انني لم اكن اجتماعيا .. ولم اتقن يوما الاحترام .. لم اصل الارحام وبينما كنت احاول ان اصل اقاربي كنت اقطع اوصال الود وارش الماء على حطب الدفء … كيف تركتهم يمشون على جسدي حفاة .. ونعالهم تحت راسي كيف فتحت لهم راسي ليمروا منه متى شاؤوا وملئ بالحفر راسي .. وكيف نسيت ان اقسم لهم .. انني سامحتهم على شتمي .. كيف تركت لهم ابواب قلبي مفتوحة لم أخَف عليهم ولم احذر من برد ياتيهم كان في رئتي وصدري …
واكتشفت ايضا … ان الطفولة كذبة .. نحن من اخترعها حين فقدنا البراءة والعفوية .. والبساطة .. كذبة هي الطفولة ..وكل ما قيل عنها .. لم انتبه ان ما بين الطفولة وغيرها هو فرق بالحجم .. وكم كنت جاهلا حين حاولت ان امارس طفولتي والكهولة ترقد على كتفي …
وللاسف .. اكتشفت انني فهمت الدين مغلوطا .. وان فهمي ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر لا يمنع ان ابقي في جيبي دائما ورقة رابحة ولا اثم علي ان استخدم عند الضرورة (الجوكر) كنت افهم ان الدين يدفعني دائما للمقاومة والخندق .. وقد كنت مخطئا .. ومفاهيمي تحتاج الى تصحيح كيف لم انتبه ان الدين نفسه من اغلق الخندق .. وحرم الجهاد في زمن اخر وهو الذي حول معركة الرصاص الى معركة حوار وظل هو الاصدق .. لم انتبه جيدا الى تطور الفهم وان الغاية العظمى هي ان يعم السلام على الارض والوئام ..
اكتشفت .. ان العروبة وهم .. وان انادي .. بان نكون امة .. اثم .. كيف لم افهم عدائي الممقوت للسامية .. كيف احارب امة سلبت مقدساتي لتعتني بها اكثر … كيف ازداد عنصرية كل يوم وانا اردد امة هم العرب .. امة واحدة وفي بلدي عرب لم يتخلصوا بعد من مذبح الشرقي والغربي وعقدة الشماليوالجنوبي .. كيف لم افهم منذ البدء ان حارتي الصغيرة مجزأة .. فوقي …. وتحتي …

والان .. وبعد كل هذا الوعي .. والاكتشاف .. والفهم ..

لن اخون نفسي … ولن اتركها في لجة قلة الفهم .. لا بد واعيد حساباتي اكون صوري الجديدة .. احاول هضم مفاهيمي الحديثة .
واول المفاهيم ان الثورة .. التي نزفت كل هذا الدم ولم تاتِ بكل ما اشتهى كلنا هي عورة ، الثورة التي تلد مسخا زانية وترجم حتى الموت .. بلا رحمة .. الثورة التي غيرت طعم الموت .. تحتاج الى .. ثورة … لتسكتها .. ومنذ الان انا لست مع الثوار .. ولا مع المطالبين بالاصلاح ومحاربة الفساد .. واطالب ان يتحول الحراك الشعبي ذلك الذي تحول الى مجرد صراخ في الظلمة.. الى انقباض وطني .. وقبل أي احتجاج .. قبل ان يرتفع أي صوت .
رتبوا في رأسي ما حدث بالامس وما حدث اليوم .. وما سيحدث غدا ….. ما اقررتم انتم بالامس رد اليكم اليوم .. لتاتوا به لا كما تريدون غدا .. وانتم ومن جاء بكم الى حيث انتم .. نسجتم ما سيعود بكم .. واليوم يرد اليكم نسجكم .. ولا افهم كيف تصنعون مركبا بايديكم .. سوف يغرقكم بالغد … ودعوني اعترف لكم انني لم افهم أي شئ مما قلت .. ولا أي شئ مما سيقال .. ولن ارد عليكم مهما كان رايكم … ليس انتقاصا … انما الرأس لم يعد يحتمل مزيدا
من الفهم …

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى