تعديل المناهج … و افتعال الأزمة / المحامي حازم شخاترة

تعديل المناهج … و افتعال الأزمة .
هل نحب افتعال الأزمات أم أننا لا نستطيع العيش دون وجود موضوع جدلي يشغلنا ؟!!
قرأت الكثير مما هو منشور على كثير من الصفحات عن موضوع تعديل المناهج الدراسية للصف الثالث و الرابع ليتضح لي أن ما يحصل يأتي ضمن إطار حملة ممنهجة أو غير ممنهجة لشغل الرأي العام بقضية لن أقول انها سطحية بالمقارنة بمسائل كان الأجدر بنا أن نتوقف عندها .
لن اخوض في شرح أو تبرير الهدف من التعديلات أو لمن هي موجهه لأن الكثيرين كتبوا في هذا الباب .
انا من جيل نشأ و تربى على مناهج كانت مشتركة بين القطرين الأردني و السوري ، كنا ندرس في اللغة العربية مواضيع محورها تنمية الروابط الاجتماعية و الحظ على حسن الخلق و تعميق الانتماء للوطن عبر شخصيات كان يجسدها ( باسم و رباب و مازن و ميسون و بابا و ماما ).
كانت ماما ترتدي تنورة و قميص و كانت تسدل شعرها على كتفيها ، لم نكن نشعر أن هنالك أشكال مع هذه الشخصية ، برغم أننا أبناء ريف و زي النساء في مجتمعنا مختلف عن ما هو مطروح في الدرس ، و لكننا كنا نتقبل الآخر و لم نكن نتعامل مع قشور الموضوع بقدر ما كنا نغوص في عمق النص.
في حقبة ما بعد وادي عربة تم إسقاط الكثير من كلاسيكيات المناهج التربوية و منها نشيد ( فلسطين داري و درب انتصاري ) و تم الاستعاضة عنها بدروس تركز على التعليم الديني تزامنت مع تغير شخوص من كانوا في الدروس ، لتحل المرأة المحجبة محل شخصية ماما التي وصفتها في المقدمة ، فتم السكوت عن التغيير دون ان يلتفت احد لذلك بحجة أن البديل يحاكي الدين و خصوصية المجتمع الأردني .
ادركت الحكومة و بعد ما يقارب عقدين من الزمن أن دروس الحظ على الجهاد أتت مفعولا عكسيا – ولا أعلم سبب لذلك – فقررت إعادة النظر بمثل هذه الدروس مما أثار موجة سخط شعبي قد يكون الكثير منها بني على مواقف امفعالية و آنية .
قد يظن أحدهم أنني ضد التعليم الديني أو أنني أدعو إلى العلمانية ، و هذا لأمر لن اشرع في نفيه لأنه لم يعرف عني إلا كوني انسان متدين و لو بالحدود الدنيا ، و لكن ما أهتم بالتركيز عليه هو جوهر الأمور و ليس ظاهرها .
طالما أن هنالك منهاج ثابت للتربية الإسلامية تدرس من خلاله آيات القرآن الكريم وعلومه وتفسيره و كذلك الأحاديث النبوية و سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، فلا أرى انتقاص بعدم احتواء مناهج اللغة العسكرية على الآيات و الأحاديث – اللهم إلا إذا كنا في صدد شرح مسائل لها علاقة بلإعجاز اللغوي من القرآن الكريم .
كما أنه ليس أمرا مفصلي أن تظهر صور النساء بشعر مغطى أو مكشوف ، الأهم من ذلك كيف نزرع في نفوس الطلاب و ضمائرهم كاريزما تتعلق باحترام النساء و إلغاء النظرة الدونية لهن انطلاقا من المفاهيم الذكورية للمجتمع .
و بالتالي أرى أنها أزمة سوف تنجلي مع صبيحة يوم الاقتراع في الانتخابات البرلمانية و سوف يتم أشكالها بموضوع أخرى تستهلك كنا وقت إلى حين استحداث أزمة جديدة تتناسب و مستوى الحدث .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى