عودة الجماهير للشارع تجاوز للمؤسسات الصورية في المجتمع الاردني…رؤية تحليلية

عودة الجماهير للشارع تجاوز للمؤسسات الصورية في المجتمع الاردني…رؤية تحليلية.

*الاستاذ الدكتور حسين محادين.
* علميا، عندما تتعرض الجماهير لعملية ضغط ،استخفاف واستقواء على أسباب عيشها وحقوقها الدستورية والقانونية من قبل الحكومة أو السلطات الاخرى عموما، فإن هذه الجماهير تتوقع ضمنا أن تقوم مؤسسات المجتمع التي تنظم العلاقات المتوازنة فيه “حقوق وواجبات “بالدفاع عن حقوق الشرائح المختلفة المكونة لهذا الجمهور وهذه المؤسسات مثلا” مسجد، كنيسة، وسائل اعلام، مجلس نواب، احزاب، مؤسسات مجتمع مدني، نقابات..”.
ولكن عندما يصل عدم ايمان الجماهير بقدرة او عدم صدقية توجه هذه المؤسسات المرجعية وانتهازية القائمين عليها غالبا في الدفاع عنها ،أو حتى في تمثل اوجاع وآمال الجماهير أمام تغول السلطة عليها، فإنها اي الجماهير بتنوع مستويات وعي المنضوين فيها تتحرك هي مباشرة للدفاع عن وجودها وكرامتها وعوامل استمراريتها كمصدر للسلطات وعبر مراحل متداخلة :-
1- التململ..إذ ياخذ الوجدان الشعبي في الارتعاش المحدود بالضد من ممارسات ومواقف المؤسسات أو الحكومات الضاغطة على هذا الاحساس الجمعي لدى المواطنين.
2- الزمجرة كتعبير أولي عن صعود السلوك العدواني والتنازع. لإيقاف ما تخشاه الجماهير من ممارسات مهددة لها،وبالتالي فان إعلان التوجس من سلوكيات وقرارات القائمين على إدارة المؤسسات التنظيمية المنافقة للحكومات او السلطات وبالضد في من حقوق المواطنيين العامة ويعبر عن هذا التوجس والاتهامات الاولية من خلال الإعلام وفي الجلسات المتنوعة افراح، اتراح، وداخل الاسر.

3- النهوض الجماهيري واقصاء المؤسسات المتخاذلة او الصورية ما يجعل الاحتكاكات المباشرة مع كل أدوات السلطة المدنية والعسكرية (جماهيركشخص معنوي مع سلطة متغوله ومستفزة وهي الحكومة هنا) هذه الاحتكاكات التي تبدأ باضطرابات و قد تصل إلى صراعات دموية وثورات أحيانا -لاسمح الله- مع هذه السلطة التي تهدد مكتسبات الجماهير وحقوقها ولا تحترمها مشورة وحتى الاستخفاف بقدراتها , ما يعني هنا تجاوز أو إقصاء الجماهير المعتصمون/ المضربة لوجود المؤسسات المرجعية ألتي ذكرت قبلا وهنا يتعاظم خطرالانفلات الجماهيري واتجاهه الى السلوكيات التحطيمية التي تمنحه كما تؤكد العلوم الإنسانية نشوة الغرور والسطوة على ما سواه كجمهور كتلي نجح في الاندماج وأصبح له هوية عقلية وسلوكية تميزه عن مراحل تشكله الاولى بمعنى تخليه عن الفروق الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية بين مكوناته الأولية فالهدف الجمعي له اصبح الاهم لقوته واستمرار سطوته.
4 -مرحلة التدحرج والفوران الجماهيري، وهذه اخطر ما يمكن أن تمارسه هذه الكتل البشرية والتحطبمية المتدحرجة والتي لا رأس ولا أهداف محددة يمكن الوقوف بعد تحقيقها، أو قائد بعينه لها ايضا، كي يحاور أو يتفاوض معه” إذ تمتاز هذه السلوكيات الجمعية”مظاهرات، اضرابات، والمنسوب العالي من الإحباطات واصرار أصحاب السلطة على مناكفة وتحدي الوجدان الشعبي للجماهير” بأن أهدافها متجددة وأنها خلاقة لقيادات لم تعرف من قبل تشكلها مثلما يصعب التنبؤ بها وهذا خطر مضاف للانقضاض الجماهير على كل المنجزات لا بل على بعض المشاركين فيها”الثورة تأكل أبنائها”.
اخيرا..
ان الابطأ في وصول الجماهير الشعبية الاردنية الزاحفة في الشوارع والمدن الاردنية إلى حالة توافق مع الحكومة وأصحاب القرار إنما ينذر في تصاعد حركة واصرار الجماهير التي تشعر فكرا وسلوكيات حاليا بالنشوة والغرور جراء تفوقها على صمتها الطويل وتجاوزها للمؤسسات الهشة التي فشلت في الدفاع عن حقوقها والارتقاء بمستوى حياتها في ظل الفقر والبطالة والتهميش وغياب تكافوء الفرص أمام تغول واستقواء الحكومات على هيبتها ومقدراتها، أمناء يستلزم من عقلاء الوطن وقيادته المحليين الاحترازية البالغ من انفلات كرة الجماهير”ولو من وضعية تسلل” وسطوتها الاقوى والاهم من كل الحكومات في ملعب الوطن الذي نتمنى ان يبقى التجاذب فيه بين الحكومة والجماهير في منتصف الملعب..كي يبقى نشامى ونشميات الوطن ومنجزاته وأمنه على الأجيال فائزان معا تحت مظلة المواطنة الحقة والديمقراطية المرنة ..فهل نحن يقضون او مدركين علميا وسياسيا لخطوره تدحرج الجماهير دون بوصلة محددة يا صناع القرار حمى الله اردننا الحبيب..والمجد لأهلنا في كل أرجاء وطننا الأغر.
*استاذ علم الاجتماع -جامعة مؤتة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى