المساعدات الخليجية في 2016
مرت سنة 2015 على المملكة بسلام، وهذا بحد ذاته يعد نعمة لا يمكن لأحد أن ينكرها، وهو يشاهد ما يحدث في الجوار، في الأردن أنت تعيش بأمان ضمن حدود منطقة الشرق الاوسط الملتهبة، وتأمن على نفسك وعائلتك وأعمالك وتتنقل بحرية وتعبر عن رأيك، كل هذه الأمور ما كانت لتكون لولا نعمة الأمان والاستقرار.
اقتصاديا خرج الأردن من 2015 بوضع قد يكون مشابه للعام الذي قبله، مع فارق استمرار تراجع النفط في الاسواق العالمية، وتكبد أسواق الخليج لمزيد من الخسائر في أصولها واستثماراتها التي كانت مبنية بالأساس على اسعار نفط عالية.
هذا يعني أن العلاقة مع الدول الخليجية وتحديدا الممكلة العربية السعودية والكويت والامارات قد تواجه مأزقا من ناحية تدفق مساعدات هذه الدول للمملكة، والتي طالما كان لها دور حاسم في انقاذ الاقتصاد من ازماته المزمنة.
الدول الخليجية الثلاث السابقة لعبت دورا مهما بعد انقطاع النفط العراقي التفضيلي عن المملكة سنة 2003، وكانت منحها المالية التي تقترب في العام الواحد ببعض السنوات من المليار دولار، متنوعة بين مساعدات نقدية واخرى عينية مثل شحنات من النفط الخام، كلها كان لها الفضل الاول في المحافظة على استقرار الاقتصاد الاردني في السنوات الماضية.
مع تطور العلاقة الاردنية الخليجية؛ تحولت المنح المتقطعة الى منحة متكاملة سميت بالمنحة الخليجية التي خصصت للمملكة 5 مليارات دولار لخمس سنوات لدعم تنفيذ المشاريع الحيوية في الاردن، وفعلا تدفقت أموال المنحة في منتصف 2011، وباستثناء دولة قطر التزمت كل الدول بمخصصات المنحة للمملكة، وساهمت هذه الاموال بانجاز الكثير من المشاريع الرأسمالية في الموازنات العامة التي كانت بالاساس تمول من خلال الاقتراض الداخلي والخارجي على حد سواء، مما كان يفاقم عجز الموازنة.
مع اقتراب انتهاء السنوات الخمس للمنحة الخليجية في هذا العام، فإن السؤال الذي بدأ يشغل راسمي السياسات الاقتصادية، هل سيكون هناك تجديد لتلك المنحة التي باتت الخزينة العامة أكثر اعتمادا عليها بسبب توفر مخصصاتها في الوقت الذي بدأت سقوف المديونية المرتفعة، (24.7) مليار دينار والتي تشكل 90 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، تحد من قدرة المملكة على الاقتراض في الوقت الراهن.
التحدي في استمرار المنحة الخليجية له اساس يقلق هذه المرة، بسبب الاوضاع الامنية المضطربة في المنطقة والتي بدأت الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بالانخراط الفعلي في ادق تفاصيلها، ناهيك عن حرب اليمن، وهذه كلها امور تزامنت مع انخفاض اسعار النفط عالميا باكثر من 70 بالمائة مما جعل موارد تلك الدول تتضاءل وتلجأ الى استخدام احتياطاتها من جهة، وتفعيل سياسات ضبط الانفاق، والغاء الدعم عن عدد من السلع والخدمات، وتجميد تنفيذ الكثير من المشاريع الكبرى هناك.
في الحقيقة؛ إن الدعم الخليجي يختلف كثيرا من حيث نوعيته وقيمته المضافة على الاقتصاد الاردني، عن باقي المساعدات التي تحصل عليها المملكة من الدول المانحة والصديقة، بسبب الاشتراطات العالية في استخداماتها ناهيك عن تغليف تلك المساعدات بعوامل وظروف سياسية في غالب الاحيان، لذلك فان مستقبل المساعدات الخليجية سيكون محط انظار المراقبين والمحللين في سنة 2016 بالنسبة للاردن.
salamah.darawi@gmail.com