(19) فضيلة من #فضائل #الصوم – ماجد دودين
الحمد لله المُتعَالي عن الأنداد… المقَدَّس عن النَّقائص والأضداد… المُتنزِّهِ عن الصاحِبةِ والأوْلاد… رافع السَّبع الشِّداد… عاليةً بغير عِماد… وواضِع الأرضِ للمهاد… مثَبتةً بالراسياتِ الأطْواد… المطَّلِع على سِرِّ القُلُوب ومكنونِ الفُؤاد… مقدِّرِ ما كان وما يكونُ من الضَّلال والرَشاد… في بحار لُطفِه تجري مراكب العباد… وفي ميدان حبِّه تجول خيلُ الزُّهَّاد… وعنده مبتغى الطالبين ومنتهى القصاد… وبِعينِه ما يتحمَّل المُتَحَمِّلون من أجله في الاجتهاد… يرى دبيب النمل الأسود في السَّواد… ويعلَمُ ما توَسْوسُ به النفسُ في باطِن الاعتقاد… جادَ على السائلين فزادَهُم من الزَّاد… وأعطى الكثير من العاملين المخلصين في المراد… أحمَدُه حمداً يفوقُ على الأعْداد… وأشْكره على نِعَمه وكلَّما شُكِر زَاد… وأشهد أنْ لا إِله إِلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له له الملكُ الرَّحيم بالعباد… وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسولهُ المبعوث إلى جميعِ الخلْق في كلِّ البلاد… صلَّى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكرٍ الَّذِي بذَل منْ نفْسِه ومالِهِ وجاد… وعلى عُمَر الَّذِي بالَغَ في نصْرِ الإِسلام وأجاد… وعلى عثمانَ الَّذِي جهَّزَ جيشَ العُسْرةِ فيا فخره يوم يقوم الأشهاد… وعلى عليٍّ المعروفِ بالشجاعةِ والجلاد… وعلى جميع الآلِ والأصْحابِ والتابعينَ لهم بإحَسانٍ إلى يوم التَّنَاد… وسلِّم تسليماً
أَنْعِم بالصوم عبادة بها رفع الدرجات، وتكفير الخطيئات، وكسر الشهوات وتكثير الصدقات، وتوفير الطاعات، وشكر عالم الخفيات، والانزجار عن خواطر المعاصي والمخالفات، والبعد عن النار سمومها واللفحات، وقرع أبواب الجنات،
فالصيام من الأعمال التي وعد الله صاحبها بالمغفرة والأجر العظيم: فقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الأحزاب:35).
والصيام يطهر القلب: إن صيام شهر رمضان وصيام ثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وَحَرَ الصدر أي الغل والحقد والغش ووساوس الشيطان وما يحصل في القلب من كدرة أو قسوة، فعَنْ عَلِيٍّ بن أبي طالب رضي الله عنه: أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَذْهَبْنَ بِوَحَرِ الصَّدْرِ» (رواه أحمد والبيهقي والبزار وصححه الألباني).
وكم للصوم من فضائل وفضائل.. وإليكم طرفاً منها:
- الفضيلة الأولى: الصائمون هم السائحون
- قال الله تعالى:” التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ “…112” التوبة
- قال ابن جرير أمَّا قوله “السائحون” فإنهم الصائمون. وهو قول أبي هريرة… وابن عباس… وسعيد بن جبير… وعبد الرحمن… ومجاهد… والحسن… والضحاك… وعطاء. وقالت عائشة رضي الله عنها: سياحة هذه الأمة: الصيام.
- الفضيلة الثانية: الصوم لا مثل له
- يعد الصيام من أفضل الأعمال، فهو من الأعمال الصالحة التي لا عدل لها، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: ” قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ، قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ» (رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني).
- الفضيلة الثالثة إضافته لله تعالى تشريفا لقدره وتعريفا بعظيم فخره
- قال رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ.
- وقد ذكر كلام أهل العلم أوجه كثيرة في بيان معنى الحديث وسبب اختصاص الصوم بهذا الفضل، فقيل: أن الصيام لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره. وقيل: أن الله سبحانه وتعالى ينفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته. وقيل: أن الصيام أحب العبادات إلى الله والمقدم عنده سبحانه وتعالى. وقيل: أنّ إضافة الصوم لله تعالى هو إضافة تشريف وتعظيم كما يقال: “ناقة الله” و”بيت الله”. وقيل: أنّ الصيام لم يعبد به غير الله تعالى. وقال العلماء: أعمال البر كلها لله وهو الذي يجزي بها… فنرى والله أعلم أنه إنما خص الصيام لأنه ليس يظهر من ابن آدم بفعله وإنما هو شيء في القلب وذلك لأن الأعمال لا تكون إلا بالحركات… إلا الصوم فإنما هو بالنية التي تخفى على الناس.
- الفضيلة الرابعة: رفعة الدرجات
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي
- الفضيلة الخامسة: الصيام مناسب لصفة من صفات الحق
- الله هو الغني… وهو القيوم… وهو الصمد. والصمد هو الذي لا يحتاج إلى الطعام والشراب. قال الحافظ: “والاستغناء عن الطعام وغيره من الشهوات من صفات الرب جل جلاله… فلما تقرب الصائم إليه بما يوافق صفاته أضافه إليه. وقال القرطبي: إن أعمال العباد مناسبة لأحوالهم إلا الصيام فإنه مناسب لصفة من صفات الحق… كأنه يقول: إن الصائم يتقرب إلى بأمر هو متعلق بصفة من صفاتي وكذلك المعنى بالنسبة إلى الملائكة لأن ذلك من صفاتهم.
- الفضيلة السادسة جميع العبادات توفى منها مظالم العباد إلا الصيام
- حديث أبو هريرة في صحيح البخاري عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَرْوِيهِ عن رَبِّكُمْ، قالَ: لِكُلِّ عَمَلٍ كَفَّارَةٌ، والصَّوْمُ لي وأَنَا أجْزِي به…
- من أحسن ما قيل في ذلك ما قاله سفيان بن عيينة قال: هذا من أجود الأحاديث وأحكمها: “إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عبده ويؤدي ما عليه من المظالم ويدخله بالصوم الجنة.
- الفضيلة السابعة الصوم كفارة للخطيئات
- الصيام كفارة للخطايا والذنوب: إن الصيام من الأعمال التي يكفر الله بها الخطايا والذنوب، فعن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، يُكَفِّرُهَا الصِّيَامُ وَالصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ» (رواه البخاري ومسلم).ومعنى هذا الحديث: الإنسان يبتلى بماله وولده وأهله وبجاره المجاور له، ويفتتن بذلك، فتارةً يلهيه الاشتغال بهم عما ينفعه في آخرته، وتارةً يقصر في الحق الواجب عليه تجاههم، وتارةً قد يقع في ظلمهم ويأتي إليهم ما يكرهه الله من قول أو فعل، فيسأل عنه ويطالب به. فإذا حصل للإنسان شيء من هذه الفتن الخاصة، فيكون الصيام من إحدى الطاعات التي تكفر عنه ذنوبه.
- جعل الله تعالى الصيام من الكفارات لعظم أجره: فجعل الله الصيام من الكفارات لأمور كثيرة، منها:
أ- كفارة فدية الأذى في الحج أو العمرة، فقال تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ} [البقرة:196].
ب- كفارة المتمتع إذا لم يجد الهَدْي في الحج، فقال تعالى: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة:196].
ت- كفارة القتل الخطأ، فقال تعالى: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء:92].
ث- كفارة اليمين، فقال تعالى: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} [المائدة:89].
- قال – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
- الفضيلة الثامنة تشريف الله والملائكة للمتسحرين بالصلاة عليهم
- قال صلى الله عليه وسلم ((إنَّ اللهَ وملائكتَه يُصَلُّونَ على المتسحِّرينَ)) فإنْ كان الله وملائكته يصلون على المتسحرين… والسحور عون على الصيام فما ظنك بالصيام؟ فأكرم بها من عبادة يصلي الله عليك بها والملأ الأعلى.
- السُّحورُ بَرَكةٌ، وفيه تَقويةٌ للصائِمِ على مُواصَلَةِ اليومِ، وقد حثَّنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على التَّسحُّرِ، وبيَّن ما فيه من فضْلٍ وأجْرٍ، كما يقولُ في هذا الحديثِ: “إنَّ اللهَ وملائكَتَه يُصَلون على المُتَسحِّرينَ” والسَّحورُ: هو الطَّعامُ الذي يُؤكَلُ في وَقتِ السَّحَرِ، وهو قُبَيلَ طُلوعِ الفَجرِ الصادِقِ، وفي هذا أمْرٌ للإرشادِ إلى أهمِّيَّةِ أَكْلَةِ السُّحورِ في رَمَضانَ، ولِمَن أرادَ الصيامَ تطوُّعًا بِقَصدِ التَّقوِّي على الصَّوْمِ، وصَلاةُ اللهِ على عِبادِه رَحمةٌ، وصَلاةُ الملائِكَةِ دُعاءٌ بالمَغفِرَةِ، وهذا تَرغيبٌ في السُّحورِ، وإعلامٌ بأنَّ فيه فائدتيْنِ مِنَ الإعانَةِ على الصَّومِ، ومَحبَّةِ اللهِ لفاعِلِه ورَحمتِه له، ودُعاءِ الملائِكَةِ له بالمَغفِرَةِ، ويَحصُلُ السُّحورُ بأقَلِّ شَيءٍ من الطَّعامِ أو الشَّرابِ، ولو كانتْ شَربةً من ماءٍ.
- الفضيلة التاسعة – الصيام جُنّة من النار
- الصيام جُنَّة من شهوات الدنيا وعذاب الآخرة: الصيام جُنَّة، أي: وقاية في الدنيا والآخرة، فيقي المسلم في الدنيا من الوقوع في الشهوات والمعاصي، ويقيه في الآخرة من العذاب، فهو حصن حصين في الآخرة من النار. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ جُنَّة، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ» (رواه البخاري). وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ” «الصيامُ جُنَّةٌ وحِصْنٌ حصينٌ مِنَ النارِ» (رواه أحمد وحسنه الألباني). وعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الصِّيامُ جُنَّةٌ من النَّارِ، كَجُنَّةِ أحدِكمْ من القِتالِ» (رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني). ومعنى هذا الحديث: أن الصيام درع يقي الصائم من المعاصي في الدنيا ومن النار في الآخرة كما يقي الدرع المحارب حين القتال فيمنعه من طعنات العدو ويحميه من الموت بإذن الله تعالى. وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» (رواه البخاري).وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ» (رواه الترمذي وقال عنه الألباني حسن صحيح).وعنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ بَاعَدَ اللَّهُ مِنْهُ جَهَنَّمَ مَسِيرَةَ مِئَةِ عَامٍ» (رواه النسائي وحسنه الألباني).
- الفضيلة العاشرة الصوم في الصيف يورث السقيا يوم العطش
- قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: مَرْحَبَاً بِالمَوْتِ مَرْحَبَاً، زَائِرٌ مُغِبٌّ (قَلِيلُ الزِّيَارَةِ) حَبِيبٌ جَاءَ عَلَى فَاقَةٍ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أَخَافُكَ، فَأَنَا الْيَوْمَ أَرْجُوكَ، إِنِّي لَمْ أَكُنْ أُحِبُّ الدُّنْيَا وَطُولَ الْبَقَاءِ فِيهَا لِجَرْيِ الْأَنْهَارِ، وَلَا لِغَرْسِ الشَّجَرِ، وَلَكِنْ لِظَمَإِ الْهَوَاجِرِ، وَمُكَابَدَةِ السَّاعَاتِ، وَمُزَاحَمَةِ الْعُلَمَاءِ بِالرُّكَبِ عِنْدَ حِلَقِ الذِّكْرِ.
- الفضيلة الحادية عشر نداء الريان لمعاشر الصوام
- قال صلى الله عليه وسلّم: لِلصَّائِمينَ بابٌ في الجَنَّةِ يُقالُ له: الرَّيَّانُ، لا يَدخُلُ فيه أحَدٌ غَيرُهم، فإذا دَخَلَ آخِرُهم أُغلِقَ، مَن دَخَلَ فيه شَرِبَ، ومَن شَرِبَ لم يَظمَأْ أبَدًا.
- الصيام سبب لدخول الجنة: فمن أسباب دخول الجنة الصيام، وإن أحد أبوب الجنة الثمانية ” باب الريان “، وهو باب يدخل منه الصائمون الجنة، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ منه أحَدٌ. ” (رواه البخاري ومسلم).
- الفضيلة الثانية عشر الصوم سبيل إلى الجنات
- عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» (رواه أحمد وصححه الألباني). وفي رواية أخرى: «من ختم له بصيام يوم يريد به وجه الله عز وجل أدخله الله الجنة» (رواه الأصبهاني وصححه الألباني). قال الإمام المناوي رحمه الله في كتابه فيض القدير: ” أي من ختم عمره بصيام يوم بأن مات وهو صائم أو بعد فطره من صومه دخل الجنة مع السابقين الأولين، أو من غير سبق عذاب “.
- الفضيلة الثالثة عشر شفاعة الصيام يوم القيامة لصاحبه
- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصِّيامُ والقرآنُ يَشْفَعَانِ للعبدِ، يقولُ الصِّيام: ” ربِّ إنِّي مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ والشَّرَابَ بِالنَّهارِ؛ فَشَفِّعْنِي فيهِ، ويقولُ القُرْآن: ربِّ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِالليلِ؛ فَشَفِّعْنِي فيهِ، فيشَفَّعَانِ» (رواه أحمد وصححه الألباني).
- الفضيلة الرابعة عشر دعوة الصائم لا ترد
- إن من فضائل الصيام أن دعاء الصائم مستجاب، فعَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثلاثُ دَعَواتٍ مُستجاباتٍ: دعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المظلُومِ، ودعوةُ المسافِرِ» (رواه البيهقي والطبراني وصححه الألباني).
- الفضيلة الخامسة عشر الصيام شعار الأبرار
- كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ إذا اجتَهَدَ لأحدٍ في الدُّعاءِ قالَ: جعلَ اللَّهُ عليكم صلاةَ قومٍ أبرارٍ، يقومونَ اللَّيلَ، ويصومونَ النَّهارَ، ليسوا بأثَمةٍ ولا فجَّارٍ.
- فانظر إلى شعار الأبرار كما وصفهم رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قيامهم بالليل وصيامهم بالنهار… والأبرار سادات المتقين.
- الفضيلة السادسة عشر للصائم فرحتان
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قاٍل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا، إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ» (رواه البخاري ومسلم). فيفرح الصائم في إذا أفطر بزوال جوعه وعطشه حيث أبيح له الفطر، وقيل: إن فرحه بفطره من حيث أنه تمام صومه وخاتمة عبادته وتخفيف من ربه ومعونة على مستقبل صومه. وكذلك يفرح الصائم بصومه عند لقاء ربه؛ لما يجد من جزاء عظيم وثواب كبير، وقيل: الفرح الذي عند لقاء ربه إما لسروره بربه أو بثواب ربه.
- الفضيلة السابعة عشر خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك
- إن من أكبر الدلائل على عظم فضل الصيام، أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله تبارك وتعالى من رائحة المسك، والخلوف هو تغير رائحة الفم بسبب الصوم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والَّذي نَفْسُ محمد بيده لخلوفُ فم الصَّائم أطيب عند الله من ريح المسك» (رواه البخاري ومسلم). قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله في كتابه التمهيد: ” يريد أزكى عند الله تعالى وأقرب لديه وأرفع عنده من رائحة المسك “. وعلل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كون خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك بقوله: ” لأنها من آثار الصيام فكانت طيبة عند الله سبحانه ومحبوبة له، وهذا دليل على عظيم شأن الصيام عند الله “.
- الفضيلة الثامنة عشر الصيام سبيل إلى غرف الجنة:
- إن المداوم على الصيام له أجر عظيم عند الله تبارك وتعالى، ومن الثواب الكبير الذي يُكافأ به (غرف الجنة)، فعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِمَنْ أَطَابَ الكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» (رواه الترمذي وصححه الألباني).
- الفضيلة التاسعة عشر – من خُتم له بصيام يوم دخل الجنة:
- عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» (رواه أحمد وصححه الألباني). وفي رواية أخرى: «من ختم له بصيام يوم يريد به وجه الله عز وجل أدخله الله الجنة» (رواه الأصبهاني وصححه الألباني). قال الإمام المناوي رحمه الله في كتابه فيض القدير: ” أي من ختم عمره بصيام يوم بأن مات وهو صائم أو بعد فطره من صومه دخل الجنة مع السابقين الأولين، أو من غير سبق عذاب “