قضاة” تقاعدوا مؤخراً يردون على تصريح الناطق الإعلامي باسم المجلس القضائي الأردني .. بيان

سواليف

أصدر عدد من القضاة المتقاعدون مؤخراً بياناً ردوا من خلاله على تصريحات الأمين العام للمجلس القضائي الأردني والناطق الإعلامي باسم المجلس بخصوص التشكيلات القضائية الأخيرة والتي تضمن إحلات عدد من القضاة إلى التقاعد.
ومن باب حق الرد الذي كفلته القوانين الأردنية يقوم موقع سواليف بنشر الرد كما تلقاه دون زيادة أو نقصان:

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الحق في محكم تنزيله (وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا ) ويقول الحق في محكم تنزيله ايضا (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ، انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد اليهم طرفهم وافئدتهم هواء ) صدق الله العظيم
بتاريخ 18/7/2020 طالعتنا الصحف والمواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي ببيان صادر عن الامين العام للمجلس القضائي الاردني والناطق الاعلامي بإسم المجلس المذكور القاضي علي المصري حاول فيه –دون جدوى- تبرير قرارات المجلس القضائي الاخيرة الصادرة بتاريخ 9/7/2020 وما سبقها من قرارت مماثلة والتي قضت بإحالة مجموعة من القضاة الى التقاعد المبكر واقناع الرأي العام بجدوى وشرعية هذه القرارات عبر آراء لا تحيط بخصوصية الحالة القضائية وتصريحات معماه وكلام مرسل لم يرق الى المستوى المأمول ، ولم يقدم لعموم المواطنين رواية متكاملة من شأنها اقناعهم بصدور هذه القرارات وفق منهجية علمية ، وإرادات متجردة من الهوى ومتحللة من الشخصنة والنوازع الذاتية ، الامر الذي فاقم من احباط المواطنين الاعزاء ، ورسخ لديهم القناعة بوجود ازمات حقيقية تفتك ببيت العدالة ، وتفضي الى تأزيم العلاقات بين رأس الهرم القضائي وقواعده مما سيؤدي في نهاية المطاف الى حدوث ارتدادات خطيرة وتداعيات غير حميدة من شأنها جميعا التأثير على حسن سير مرفق العدالة وتقويض قدرته على اداء واجباته وهو ما سينعكس سلبا على السلم الاهلي والامن المجتمعي.
ولأننا المعنيون والمتأثرون بقرارات الاحالة المبكرة على التقاعد موضع الجدل ولأننا مؤمنون بحق الاردنيين بمعرفة الحقيقة واماطة اللثام عن الكثير من الخبايا التي اوهنت جسد القضاء ولان الحاجة الى قضاء مستقل وعادل وقوي هي في الاساس حاجة مجتمعية ووطنية ذات طابع عام وليس فردي او نخبوي ، فقد آثرنا الرد على المغالطات والمزاعم غير الصحيحة التي وردت في بيان السيد الامين العام للمجلس القضائي بشكل موجز وعلى الوجه الاتي :
أولا: جاء في بيان السيد الامين العام وفي معرض تبرير الاحالات الاخيرة الى التقاعد المبكر العبارات التالية ((…. ويأتي ذلك انسجاما مع السياسة العامة للدولة في اعادة الهيكلة وترشيق القطاع العام وترجمة لخطط الاحلال والتعاقب الوظيفي لإتاحة المجال لجيل الشباب من القضاة للتقدم في مسارهم الوظيفي والترقية … الخ)) .
واننا نستأذن القارئ والمعني بالأمر بمناقشة هذه العبارات ايجازا حسبما يلي:
1. ان هذه العبارات تعكس عدم الالمام بخصوصية القضاء ومدى انفراده بفلسفة حكم وادارة تميزه عن باقي السلطات تميزا تاما يتصل بطبيعة رسالة القضاء ومهامه الرامية الى ترسيخ قيم العدل والانصاف وسيادة القانون وهو ما يستدعي منه شجاعة واقداما عاليين ، كما ويتصل هذا التميز بالمقام العالي الذي اسدله الدستور على القضاء عندما عده سلطة من سلطات الدولة الثلاث ورسخ استقلاله بشكل مؤسسي وفردي وذلك استنادا لنص المادتين (97،27) منه ، وهو – اي الاستقلال – الذي تنظمه وتضمنه جملة من المعايير والقواعد التي جرى اقرارها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1985 وعرفت بـــ” المبادئ الاساسية بشأن استقلال السلطات القضائية”، حيث جاء في المبدأ رقم (12) منها ما يلي:
( يتمتع القضاة ، سواء اكانوا معينين او منتخبين بضمان بقائهم في منصبهم الى حين بلوغهم سن التقاعد الالزامي او انتهاء الفترة المقررة لتوليهم المنصب ، حيثما يكون معمول بذلك ) .
ولما كانت المادة (42) من قانون استقلال القضاء قد حددت سن التقاعد الحكمي بإكمال القاضي سن السبعين ولما كانت الالتزامات الدولية واجبة الاحترام على الدولة، وهي تسمو على القوانين المحلية ، فإن شروط ومعايير استقلال القضاء كمقتضى دستوري، تأبى على المجلس القضائي اللجوء الى سلاح التقاعد المبكر لإبعاد القضاة واقصائهم على قاعدة الرغبة بــ” إعادة الهيكلة وترشيق القطاع العام” ، ذلك انه وفضلا عن مخالفة هذا الاجراء للمبادئ الدوليه المذكوره فإنه لا مجال للجوء لمثل هذه السياسات الادارية في سياق التنظيم القضائي ، فمناط تطبيق سياسات ” اعادة الهيكلة وترشيق القطاع العام ” يكون في المؤسسات التابعة للسلطة التنفيذية وليس على القضاه كمكون رئيسي وأوحد للسلطة القضائية خصوصا واننا في الاردن نعاني من قلة ومحدودية عدد القضاة وفي المقابل فإن ازمة تراكم القضايا وزيادتها بشكل فلكي مشكلة ما زالت عصية على الحل وهو ما يجعل من مدعاة (الترشيق) مسألة مستهجنة ومستغربة ومضحكة ايضا.
2. ان القول بــ (… اتاحة المجال لجيل الشباب من القضاة للتقدم في مسارهم الوظيفي والترقية…) وربط احالة عدد من القضاة الى التقاعد المبكر بهذا الهدف ، مسألة تسترعي الانتباه وتثير الاستغراب ، فأعمار المحالون الى التقاعد المبكر تتراوح ما بين الخامسة والاربعين و الخامسة والخمسين ، اي انهم ما زالوا في عز العنفوان وشرخ الشباب ، وقد وصلوا جميعهم الى المرحلة التي تؤهلهم للعطاء المكثف والمتميز فضلا عن انهم من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاحترام ، وقد حصل معظمهم على تقدير (جيد جدا) في تقييم الاداء السنوي لعام 2019 الصادر عنى دائرة التفتيش القضائي، في الوقت الذي ضرب المجلس القضائي صفحا عن عشرات القضاة الذين احتصلوا على تقدير متوسط وتقدير ضعيف ولم يجر احالة اي منهم الى التقاعد المبكر .
3. ان الزعم بلجوء المجلس القضائي لإحالة بعض القضاة الى التقاعد المبكر -علما بأنهم جميعا ما زالوا في اوج الشباب وعز العطاء – قد استهدف (.. اتاحة المجال لجيل الشباب من القضاة للتقدم في مسارهم الوظيفي والترقية.. ) يعكس غربة فكرية وعدم فهم حقيقي للشرائط والمقومات التي ينبغي ان تتوافر في القاضي وفي مقدمتها تراكمية الوعي والخبرة والدراية لديه ، وهو الامر الذي لا يمكن له ان يتحقق الا بعد ان يمضي القاضي ردحا طويلا من الزمان بين الملفات والاحكام والقرارات ووسط ردهات المحاكم بحيث تزداد قيمة القاضي وتعظم اهميته كلما اوغل في سنوات العمل القضائي وامتدت به السنون وهو على رأس عمله ، وان ما ورد على لسان السيد الامين العام للمجلس القضائي يشعرنا بخطورة عدم الالمام بهذه القواعد التي تعتبر من المبادىء والمسلمات المفترضة .
ثانيا: وفي معرض تبرير الاحالات الى التقاعد لعدد لا بأس به من القضاة الشباب من ذوي الدرجات التي تقل عن الدرجة الخاصة فقد جاء في بيان السيد الامين العام للمجلس القضائي ما يلي:
((… اما فيما يتعلق بالقضاة من فئات الدرجات الاخرى وفي ضوء مهام المجلس القضائي في المراجعة المستمرة للعمل القضائي ، فقد قرر المجلس القضائي احالة عدد منهم على التقاعد بالاستناد الى توصية اللجنة المشكلة من اقدم خمسة قضاة في محكمة التمييز من غير اعضاء المجلس القضائي وفق ما تقتضيه احكام المادة (15) من قانون استقلال القضاء …. الخ) .
وفي هذا السياق فانا نعلق على هذه الفقرة من بيان السيد الامين العام بما يلي:
1. ان هذه المادة واذ تسمح للمجلس القضائي بإحالة القاضي الى التقاعد بشكل مبكر وهو في اوج العطاء انما تتعارض بشكل واضح مع المادتين (97،27) من الدستور الاردني اللتان اكدتا على استقلالية القضاء كسلطة واستقلالية القضاة كأفراد ، وبمعنى اخر فان هناك شبهه دستورية تحيط بهذه المادة ، ذلك ان سيف الاحالة المبكرة الى التقاعد يعد اكبر تهديد يواجهه القاضي بشكل يومي ، الامر الذي يجعله يعمل تحت ضغط الاخراج المبكر من الوظيفة مما ينال بلا شك من استقلاله وقدرته على الثبات والحياد والتجرد ، وهو ما يجعل من اصرار المجلس القضائي على استخدام هذه المادة وتوظيفها لإخراج من يشاء من القضاه مسألة غير مستساغه ولا مستحسنة ، فقرين ذلك وضعه في موضع الاتهام وهو الامر الذي لا نريده لمقام المجلس القضائي الموقر.
2. ومع التمسك بعدم دستورية المادة (15) من قانون استقلال القضاء فإن اساس عمل اللجنة الخماسية المنوه اليها في هذه المادة هو التحلل من ضغوطات وهيمنة رئيس المجلس القضائي وتدخلاته المباشرة وغير المباشرة ، بحيث تضع هذه اللجنة يدها على ملفات القضاة وتبقى في حالة انعقاد مستمر على مدار السنة ، وتجري مراجعات دورية ثابتة وقراءات مستمرة لأداء القضاة ومدى جودة احكامهم وقراراتهم ومبلغ التزامهم بقواعد السلوك القضائي، وفي حال خلصت الى ضرورة احالة بعض القضاة الى التقاعد بشكل مبكر ترفع توصياتها بهذا الشأن الى رئيس المجلس القضائي ، الذي يفترض فيه تلقى هذه التوصيات وإتخاذ الاجراءات المناسبة بشأنها دون ان يضطلع بأي دور في التدخل المباشر بأعمال اللجنة الخماسية.
ولكن الذي جرى ويجري بشكل فعلي وواقعي ان رئيس المجلس القضائي يمارس سطوته على هذه اللجنة فيدعوها للاجتماع في مكتبه في ذات اليوم المقرر لاتخاذ القرارات بالإحالة المبكرة على التقاعد ، بحيث يتضمن الكتاب الصادر عنه بدعوة هذه اللجنة للاجتماع في مكتبه اسماء القضاة الذين يرغب هو بإحالتهم الى التقاعد المبكر زاعما انه يدعو اللجنة للاجتماع لاجل هذه الغايه ، وبمعنى اخر فإن رئيس المجلس القضائي بحكم هيمنته وسطوته على جميع القضاة يقوم وبشكل فعلي بمصادرة دور ووظيفة اللجنة الخماسية حينما يحدد لهم اطر اعمالهم ويقيد خياراتهم بالأسماء التي يرتأي هو احالتها الى التقاعد دون ان ننسى الارتجال والسرعه الظاهرين عبر اصدار اللجنه توصياتها بالاحالة على التقاعد في ذات اليوم ودون قراءة متأنيه لواقع القضاه وملفاتهم واعمالهم وفي ظل هيمنة رئيس المجلس، وهو ما سلب اللجنة وظيفتها ودورها الرئيسيين وافرغ المادة (15) من مضمونها الرئيسي ، واجهض الفكرة والفلسفة من جراء اناطة امر التوصية بالإحالة للتقاعد المبكر للجنة يفترض انها محايدة بحكم صيرورتها من خارج المجلس القضائي.

نرفق مع هذه المذكرة وللدلالة على صحة ما اوردنا انفا صورة عن الكتاب رقم (2/1/1/1329) تاريخ 24/7/2019 الصادر عن عطوفة رئيس المجلس القضائي والموجه الى اللجنة الخماسية من قضاة محكمة التمييز ، كما ونرفق توصية اللجنة الخماسية الصادرة بتاريخ 25/7/2019 بإحالة احد عشر قاضيا الى التقاعد وهم ذاتهم الذين حددهم رئيس المجلس القضائي في كتاب الدعوة اعلاه ، كما ونرفق قرار المجلس القضائي بإحالة هؤلاء القضاة ذاتهم الى التقاعد والصادر بتاريخ 25/7/2019 .

مقالات ذات صلة

مع التنويه الى ان هذه الكتب تتعلق بقائمة من الزملاء القضاة جرى احالتهم الى التقاعد في العام الماضي 2019 وقد اشرنا اليها في هذه المذكرة للدلالة على طريقة تعاطي رئيس المجلس مع اللجنة الخماسية ومبلغ هيمنته عليها ، ومع التنويه الى انه لم يتسنى لنا حتى هذه اللحظة الاطلاع على القرار القاضي بإحالتنا الى التقاعد والصادر بتاريخ 9/7/2020 بسبب امتناع المجلس القضائي عن تبليغنا اياه بشكل رسمي ، كما وان المجلس القضائي يرفض تسليم القضاة الوثائق التي تتضمن توصيات اللجنة الخماسية وكتاب رئيس المجلس القضائي بدعوتها الا في حال جرى الطعن بقرار الاحالة على التقاعد امام القضاء الاداري .

ثالثا: جاء في البيان الصادر عن السيد الامين العام للمجلس القضائي العبارات التالية :
(… وفي الختام نؤكد على ان كافة بنود التشكيلات الاخيرة … اقتضتها اعتبارات وظيفية موضوعية ترتبط بمصلحة العمل القضائي وفقا لسلطة المجلس القضائي التقديرية …الخ) .
وفي هذا السياق نتساءل :
1. هل مصلحة العمل القضائي تستدعي انكار التعليمات المسماه بــ ( بتعليمات انتقاء القيادات للمناصب القضائية القيادية) الصادرة عن المجلس القضائي بتاريخ 4/2/2018 والمنشورة في الجريدة الرسمية بتاريخ 8/2/2018 ، وهو الامر الذي جعلها جزءا من النظام القانوني الملزم واجب الاحترام ، ذلك انه ومنذ صدور هذه التعليمات ما زال المجلس القضائي ممتنعا عن تطبيقها وممتنعا عن اخضاع الوظائف القضائية القيادية للصيغ التنافسية الواردة فيها والتي تلزم بفتح المجال امام جميع القضاة ممن امضوا في الخدمة عشرة سنوات للترشح لها ، حيث ما زال المجلس القضائي حتى هذه اللحظة يلجأ الى صيغ التفافية على هذه التعليمات تفضي الى اختيار القيادات القضائية وفقا لمزاج رئيس المجلس واعتباراته الشخصية ومن ذات الحلقه الضيقه من الاسماء التي حظيت بكل الفرص والمكاسب والمناصب، فأين مصلحة العمل القضائي في انكار القانون والامتناع عن تطبيق احكامه ؟؟؟ ، ثم ألا يشكل ذلك جريمة وفق احكام قانون العقوبات ؟؟؟.
2. اين مصلحة العمل القضائي في فرض صيغة التعيين على ادارة نادي القضاة بحيث انفرد المجلس القضائي بتعيين مجلس ادارة نادي القضاة ، ضاربا عرض الحائط بالمبدأ رقم (9) من المبادئ الاساسية بشأن استقلال السلطات القضائية التي قررتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1985 والتي تضمن للقضاة حرية تكوين الجمعيات وغيرها من المنظمات التمثيلية ، كما تضمن لهم حق ادارتها وفقا للأليات الديمقراطية؟؟
وكذلك اين مصلحة العمل القضائي حينما يهيمن المجلس القضائي على نادي القضاة ويفرض سيطرته عليه عبر قيامه بتعيين الهيئة الادارية للنادي في مخالفة صارخة لأحكام المادة (46) من قانون استقلال القضاء والتي وضعت الاساس القانوني لفكرة نادي القضاة دون ان تنيط بالمجلس القضائي اي دور او صلاحية بهذا الشأن ؟؟
3. اين هي مصلحة العمل القضائي ، حينما يضرب المجلس القضائي صفحا عن بعض الزملاء والزميلات من المحسوبين على رئيس المجلس والمقربين له ، فيبقيهم في الموقع القضائي على الرغم من سجلهم الحافل المعروف بالمخالفاتعلى مختلف اشكالها .
هذه المذكرة تتضمن بضع ردود على بضع مزاعم وردت في بيان السيد الامين العام للمجلس القضائي نضعها كجردة حساب في عهدة ابناء وبنات هذا الشعب الابي الذي افنينا زهرة شبابنا واحلى سني العمر في محاولات جادة لتحقيق حلمه ببناء دولة القانون والمؤسسات التي يسودها العدل والانصاف وسيادة القانون وتحويل هذا الحلم الى واقع معاش وحقيقة ملموسة ، وكنا نأمل ان نستمر مع باقي زملائنا وزميلاتنا حتى نبلغ جميعا هذا الهدف المأمول ، الا ان الفردية والأنا والنوازع الشخصية والغرائزية ومربعات الحقد وشهات الانتقام وقواعد الحب والكراهية حالت ما بيننا وبين هذا الطموح ، والله من وراء القصد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى