وصفي التل ومشروع المقاومة لتحرير فلسطين . . !

#وصفي_التل ومشروع #المقاومة لتحرير #فلسطين . . !
#موسى_العدوان

كان #الشهيد وصفي التل رحمه الله، في طليعة المؤمنين باستحالة موافقة #إسرائيل على الحل السلمي، واستحالة جلائها عن شبر واحد من الأراضي المحتلة بغير القوة.. كما كان يؤمن بضرورة الحشد العسكري، جيشا وشعبا وفدائيين في خطة واحدة تحت قيادة واحدة، على أساس أن #الأردن هو القاعدة الرئيسية، لكل جهد عسكري، بمواجهة الجيش الإسرائيلي، الذي يعمل تحت قيادة واحدة، مستندا إلى العلم والقوة والتجربة. ولهذا قام وصفي بوضع الخطة التالية في أواخر الستينات، عندما لم يكن في أي منصب حكومي، بدافع من شعوره بالمواطنة الصادقة، شملت الخطة العناصر التالية :

  1. لا تعدو الخطة من #الناحية_العسكرية، عن كونها مجرد تحويل الوضع الراهن، من وضع منفعل إلى وضع فاعل. وهذا يعني أن الغارات الفدائية المستمرة على العدو في الأراضي المحتلة، يدفع العدو إلى شن غارات برية وجوية، ظاهرها الانتقام من الأعمال الفدائية، وواقعها الإطاحة بالأردن أو إجباره على الاستسلام. ولكن الأردن كان يحول المنطقة التي تمت الإغارة عليها إلى منطقة استنزاف للعدو.
  2. تعزيز الجبهة الأردنية بأقصى قوة ممكنة، من خلال تواجد قوات عربية إضافية، مزيد من الأسلحة، وعلى الأخص المقاومة للدروع والطيران. واستخدام كل القادرين على القتال، لمضاعفة وتقوية خطوط الدفاع.
  3. قيام مقاومة شعبية، حيث أن في كل قرية وكل حي، وحتى كل كيلومتر مربع من الأردن، فيه عدد من الجنود والضباط المتقاعدين، المدربين على أعمال القتال. وعليه يُطلب تقسيم الأردن جغرافيا إلى مناطق وقطاعات عسكرية. أما المدن التي فيجري تقسيمها إلى أحياء وقطاعات، واستغلال آلاف المتقاعدين العسكريين فيها، بحيث يمكن اختيار القادرين منهم، على أداء الخدمة العسكرية، وإعادتهم إلى الخدمة الفعلية، ليُشكل منهم قيادات كل في بلده أو أرضه أو قريته أو حيّه، تكون مهمتهم الدفاع عن مناطقهم وإعداد التعليمات الازمة لذلك.
  4. ولا بد من تطوير هذه القيادات حسب الإمكانيات والوسائل المتاحة، على الإبداع وتجنيد كل طاقة وكل وسيلة للمجهود الحربي، مثل السلاح الخاص والسيارات وحتى الدواب إلخ . . وبالطبع تشكل قيادة عامة لكل ذلك ويُضبط اتصالها وتنسيقها مع القوى النظامية، حتى تصبح منتجة خلال أسابيع، تزداد فاعليتها مع الزمن.
  5. يعاد تنظيم الجيش تبعا لهذه الترتيبات، يتم اللجوء من جديد، إلى أسلوب مجموعات القتال الصغيرة، السريعة والمكتفية بنفسها، والصالحة للدفاع المتحرك والهجوم السريع في آن واحد.
  6. في هذه الحالة، يصبح العمل الفدائي ركنا من اركان هذه الخطة، وعلى هذا الأساس توحد وتنشأ لها قيادة عليا، تزود بالخطط والتدريب والمال والرجال والسلاح، ويوحد جهدها ضمن المجهود العسكري العام، ويصعّد نشاطها مئات المرات، ليصبح موجعا للعدو، وقادرا على التطور إلى مرحلة حرب العصابات.

إذا تم تطبيق هذا التصور فإنه سيعطي المردود التالي :
أ‌. تصعيد العمل الفدائي حتى يؤثر على مقاتلي العدو، ويكون موجعا لهم ويضطرهم إلى تصعيد التعبئة العامة لجنوده، حتى تصبح عبئا ماليا واقتصاديا ثقيلا عليه.
ب‌. عند ذلك سيرحب الأردن بكل غارة انتقامية، أو محاولة احتلال جديدة، أو عملية اجتياح معادية لأية أرض جديدة، يعتبرها الأردن استدراجا للعدو للإماتة والاستنزاف، ويخطط لها على هذا الأساس. عند ذلك تبدأ عملية استنزاف طويلة للعدو، نستطيع معها الرد على غاراته بغارات مضادة. وعندما نصل إلى هذا المستوى من الفعالية، تصبح المعركة في صالحنا وفي غاية الوضوح.

وبالطبع فإن خطة عسكرية يتوفر لها هذه العناصر والإمكانيات، سيكون لها متطلبات يمكن حشدها من الداخل بكل ما نستطيع. ولا أعتقد أن العرب سيبخلون علينا بالرجال أو السلاح أو بالمال، لتصعيد طاقاتنا ولإيصال هذه الخطة إلى غايتها. وفي وسع كل العرب بذل المساعدة من كافة الوجوه بدون أي حرج دولي، وبدون أن يجري زجهم في معركة لم يكملوا الاستعداد لها.

بعد هزيمة حزيران عام 1967، وعندما كان عبد الناصر يعلن استقالته وتنحية عن المسؤولية في مصر، كان وصفي التل آنذاك رئيسا للديوان الملكي. وبينما كان الجميع في حالة استسلام وهمسات الصلح والحلول السلمية بدأت تتحول إلى حديث علني، سأله أحد الصحفيين، عن الحل الذي يمكن أن يحفظ للأمة العربية ماء وجهها وكرامتها. فكان جواب وصفي : ” لا حل ولا كرامة إلاّ بالقتال “.

وحين شاهد وصفي استغراب الصحفي من تلك الإجابة، وهو القائل قبل هزيمة حزيران، وحيث كانت ترتفع كل الأصوات في العالم العربي، تنادي بالحرب ومقاتلة إسرائيل إلاّ وصفي، الذي كان يعارض الفكرة ويقول، هذا ليس الزمان الذي نستطيع فيه محاربة إسرائيل، قال : ” كنت أرفض مقاتلة إسرائيل في ذلك الحين بشعور المسؤول . كانت بين يديّ كما كانت بين أيدي معظم المسؤولين العرب، الحقائق والأرقام التي تؤكد بأن أية معركة في ذلك الحين، ستكون لمصلحة إسرائيل.

أما اليوم فإنني أتحدث بشعور المواطن . . بشعور المناضل . . إنني لن أصدق أن إسرائيل ستقبل التنازل عن شبر من الأرض . . إلاّ ويكون ثمنه أمجادنا وكرامتنا وتاريخنا وحياتنا. وإنني لا أقول بقتال الجيوش النظامية، إنني أقول بقتال لا يمكن لإسرائيل أن تقطف ثمار عدوانها واحتلالها. إنني على استعداد أن أقوم بتشكيل فرق من المقاتلين لا يزيدون على المئتين، وأعبر على رأسهم النهر، وأتمركز في منطقة جنين والحولة وطبريا، تلك المناطق اتي سبق أن قاتلت فيها عام 1948. وإنني على قناعة، بأن التعاون مع فرق أخرى في بقية المناطق، سنعيد ما فقدته الجيوش العربية في حرب حزيران”.

في أواخر شهر نوفمبر1971 دُعي وزراء الدفاع العرب إلى مؤتمر في القاهرة، لبحث خطة تحرير فلسطين من أيدي العدو الإسرائيلي. وبتاريخ 28 نوفمبر، حمل وصفي التل مشروعه التحريري وتوجه إلى القاهرة، لحضور ذلك الاجتماع، رغم التحذيرات التي قُدمت له بأن هناك خطر على حياته، إلاّ أن أصر على الاستمرار بزيارته. وهناك على مدخل فندق الشيراتون، كانت يد الغدر والخيانة بانتظاره، ليسقط شهيدا مع مشروعه المقترح لتحرير فلسطين. وفي وقت لاحق، لجأ تجار الأوطان إلى المفاوضات السلمية العبثية بعكس خطة وصفي، والتي استمرت لما يزيد على 52 عاما حتى الآن، دون أن تحقق نتيجة إيجابية.

وها نحن اليوم، نعقد الآمال على عملية طوفان الأقصى العظيمة، وما تبعها من صمود أهل غزة الأبطال، أمام حرب إبادة إجرامية، يشنها العدو الإسرائيلي على السكان المدنيين العزّل، علها تحقق ما فشلنا في تحقيقه خلال العقود الماضية.

رحم الله وصفي التل صاحب المشروع التحريري، الذي لم يكتب له رؤية النور منذ سبعينات القرن الماضي، ورحم الله شهداء غزة الذين ضحوا بأرواحهم من أجل قضيتهم العادلة، وشدّ الله من أهالي غزة ومقاوميها، الذين ضربوا أروع الأمثلة في التضحية والفداء، من أجل فلسطين وقضيتهم المقدسة.

التاريخ : 27 / 1 / 2024

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى