التخطيط الإقليمي والحضري بعد وباء كورونا ندوه حوارية وجلسة عصف دهني عن بعد

سواليفعقد المنتدى الأردني للتخطيط منتدى السبت كندوة حوارية على النت Webinar ناقش فيها 100 مشترك من خلال تفنية زووم Zoom وأكثر من 500 متابع من خلال صفحة المنتدى على الفيسبوك موضوع “التخطيط الإقليمي والحضري بعد وباء كورونا” وقدم فيها الخبير الدولي بالأمم المتحدة أ.د. سليمان أبو خرمة مع المهندس خالد الطراونة ورقة عمل تطرق فيها إلى المستويات الهرمية للتخطيط المكاني وحوكمتها والجهات المسئولة عنها وإلى موضوع إستعمالات الأراضي في ظل إنتشار وباء الكورونا، ووجوب تعظيم الإستخدام المختلط Mixed Use حيث يتوزع المستفيدين على الخدمات ولا يتركزون حولها، وإلى ضرورة إتباع نهج اللامركزية في توزيع وإدارة الخدمات من خلال تقسيم المدينة إلى عدة نطاقات تكون الخدمات والأسواق المحلية ضمن مسافات مطروقة للراجلين مما يعزز من مظاهر الصحة العامة للسكان وتقوية الروابط الاجتماعية بينهم، واستخدام التقنيات الجيومكانية الذكية لسهولة تتبع المصابين والحد من إنتشار الوباء بين الأحياء والمدن والمحافظات. وتطرق المهندس خالد الطراونة إلى مستويات التخطيط الثلاثة المتبعة بالمملكة وهي الوطني والوسيط والمحلي، فعلى المستوى الوطني هناك الخطط والسياسات العامة للدولة، وبين بأن الدولة قد إنتقلت بالتخطيط من المستوى الوسيط الذي ساد بالسبعينات على مستوى الإقليم إلى مستوى المحافظة بالتسعينات والذي وللأسف لم يكن وعاءً كافياً لإحتواء التنمية، ونبه الى ضرورة التركيز على المستوى المحلي الذي يشمل البلديات والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني وخلق تناغم بين هذه الأطراف هو المفتاح لخلق تنمية محلية مستدامة. وأكد كذلك على أن معايير تخطيط المدينة ستتغير، وركز على المشي ووجوب توفير محلات التسوق ضمن مسافة 500 متر وهي تلك التي يقطعها الانسان بالمتوسط في غضون 15 دقيقة.
وقد إنضم إلى الإجتماع سعادة نقيب المهندسين الأردنيين المهندس أحمد سمارة الزعبي الذي رحب بفكرة الندوة وأكد على إرتياحه التام من تعامل الدولة الأردنية بكافة أجهزتها مع الوباء والظروف التي فرضها والتي سيكون لها أثر على التشكيل الحضري للمدن والأبنية والخدمات والمرافق العامة مما يتوجب إشراك ذوي الإختصاص من المهندسين في حمل أعباء هذه المرحلة الثقيلة على بلدنا ومجتمعنا.
كما قدم الخبير في التخطيط العمراني والتنمية والمستشار لتطوير الأعمال وشؤون المناطق الاقتصادية الخاصة في هيئة الإستثمار الأردنيه الدكتور خالد المومني ورقة بعنوان “دور التخطيط الشمولي وإستشراف المستقبل في منعة التنمية الوطنية (المناطق التنموية والحرة …محركات تنموية( والتي تطرقت إلى أهمية تضمين أطر صمود المدن في أبعاد عملية التخطيط الحضري، كما تطرقت الى دور المناطق التنموية الخاصة في خلق تنمية محلية في مدن ومحافظات المملكة. وقد علق رئيس المنتدى الأردني للتخطيط، د. مراد الكلالدة، مدير الندوة، على بعض ما جاء بالورقة بأن علينا إعادة النظر بفكرة المناطق التنمية التي بقيت كجزر منعزلة لا ترتبط بشكل وثيق مع المجتمعات القاطنة بالبلديات، وذكر مثال مدينة الحسن الصناعية بالرمثا التي بقيت معزولة عن جوارها ونشأ إقتصاد موازي يعتمد على المعابر الحدودية مع سورية. ودعى د. كلالدة الى الحد من التكتل الحضري بوسط المملكة Agglomeration والتوجه الى اللامركزية الحضرية.
وفتح مدير الندوة باب التعقيب على أوراق العمل حيث تحدث الدكتور جميل الجالودي، الأستاذ بكلية الأعمال بجامعة البلقاء التطبيقية عن أهمية إعادة النظر في التخطيط الحضري بما يعزز الإعتماد على الإنتاج الذاتي، وطالب بتعزيز مفهوم اللامركزية وتعزيز التخطيط الريفي حتى يقلل من الإكتظاظ السكاني بالمدن الذي هو أساس تفشي الأوبئة والذي يمكن الحد منه من خلال التباعد الجسدي وليس التباعد الإجتماعي كما يشاع.
وعرّج د. كلالدة على ما يطرح من نقد تجاه مشروع قانون الإدارة المحليه بأن مشروع القانون يعتبر خطوة إلى الأمام بإتجاه تعزيز المشاركة الشعبية لأنه يشرك سكان التجمعات الحضرية بالبلديات بإدارة المحافظة وتحديد الأولويات.
وطالبت الدكتور ديالا الطراونة، رئيس قسم العمارة بالجامعة الأردنية بضرورة الإستفادة من التطبيقات التي ترصد الحركة من خلال التطبيقات الذكية والإستفادة منها في إعادة تخطيط المناطق والأحياء الحضرية، وعلى ضرورة أنسنة المكان، ودعت إلى الإستمرار بالتعليم الجامعي عن بعد لأنها وعلى رغم قصر عمر التجربة إلا انها ناجحة وتقلل من الإزدجام المروري على الطرقات.
وتحدث معالي الدكتور ماهر المدادحة حول ضرورة إعادة فلسفة الإقتصاد الوطني بشكل عام وقال بأن الأهداف التنموية الموضوعة منذ عشرات السنين لم تتحقق وان القطاع العام يمارس دور سلطة ولا يمارس دور محفز للتنمية. واعترض على إنشاء وزارة الإدارة المحلية وطالب بتخفيف الاشراف على البلديات لتمكينها من الحركة، ودعى الى تخفيف سلطة المركز لتمكين تجربة اللامركزية، وإلا فإن هذا المستوى الجديد الذي تم إضافة الى مستويات الإدارة بالدولة الأردنية سيكون عائق بدل ان يكون مسهّل.
وطالب الأستاذ الدكتور صدقي المومني بوضع معايير تخطيطية للتقليل من الكثافة السكانية بالمناطق الحضرية وعدم الرضوخ لتجار الإسكان الذي يمارسون ضغوط متوالية لزيادة إرتفاع الأبنية وتقليل الإرتدادات وزيادة عدد سكان الأبنية بالنسبة لمساحة الأرض. ووافقه بذلك د. مراد الكلالدة وطالب بوقف العمل بمحطط عمان الشمولي المرتكز الى إستراتيجية التكثيف العمراني، وقال أن مفهوم الشراكة بين القطاع العام والخاص لا يعني ترك الحبل على الغارب للتجار بإمتهان أسس التخطيط الحضري السليم الذي يراعي توفر مواقف السيارات والساحات العامة والحدائق والأرصفة الصديقة للمشاة.
الدكتورة رانيا قطيشات، الاستاذ المشارك بجامعة البلقاء التطبيقية ركزت على ضرورة الإعتماد على نظم المعلومات الجغرافية Geo-data Base لتنسيق الوصول الى المناطق والسكان وخاصة الفقراء منهم، وايدت ما طُرح حول تعزيز مفهوم التخطيط الريفي للإنفكاك من التمركز الحضري الحالي بما نسبته 5% تقريباً من مساحة المملكة.
كما قدم المهندس بهاء مرجي ورقة عمل فرّق فيها بين الإستراتيجية العمرانية وبين السياسات التخطيطية Strategy versus Policy ودعى الى التركيز على تخطيط وتصميم المجاورات السكنية Neighborhood المخدومة بإحتياجات السكان ضمن نطاقات مطروقة راجلين.
المهندس إياد الهليس تحدث من هاليفاكس بكندا مطالباً بالتفائل للعودة الى الوضع الى ما كانت عليه الأمور قبل الأزمة مع ضرورة إحياء روح التخطيط التي اهملت لفترات طويلة. أما الدكتورة هند إسحاقات فقد ذكرت بأن الوباء قد كشف عن مواطن الضعف في النسيج الحضري وعن إفتقار الكثير من المناطق للخدمات ضمن نطاقات مطروقة من المشاة. الدكتورة آن غرايبة من جامعة العلوم والتكنولوجيا ركزت على موضوع الإكتفاء الذاتي الواجب تحقيقه حتى لو اضطرت الدولة لإغلاق حدودها ومعابرها، مع ضرورة وجود إستراتيجية لإدارة الأراضي الزراعية على المستوى الوطني ودعم المنتج المحلي، وزفت د. غرايبة البشرى للسامعين بموافقة وزارة التعليم العالي على إعاد تفعيل برنامج البكالوريوس للتخطيط الحضري إعتباراً من الفصل الأول القادم.
المهندس موفق الحجاج طرح مجموعة من الأسئلة عن ما بعد كورونا إذا ما غاب الوباء، فهل سنعود الى نفس الممارسات كما قبل عهدها. الإقتصادي الدكتور مخلد العمري أشاد بدور هيئة الإستثمار في تخطيط المناطق التنموية والصناعية وتسائل عن الدور المغيب لوزارة التخطيط وركز على ضرورة التشبيك المعلوماتي Data Integration بين المؤسسات وتطويعها في إدارة الأزمات.
الدكتورة ميساء الشوملي أثارت موضوع التمكين في المد القصير وتشجيع المشي Walkability وإستخدام الدراجات الهوائية من قبل الناس مع ضرورة تهيئة الفراغ الحضري لتسهيل حركتها.
الدكتور خالد الوزني، رئيس هيئة الإستثمار أفاد في مداخله له بأن الهيئة قد قدمت خطة إستجابة لموضوع الإستثمار وما هي القطاعات التي يجب التركيز عليها، أما بخصوص المناطق التنموية التي جرى الحديث عنها، فهي لم تفشل كما قيل في بعض الملاحظات ولكن صحيح انه لا توجد نجاحات كما نريد أن تكون.
المهندسة هيام شواورة طالبت إعادة النظر بقانون تنظيم القرى والأبنية لسنة 1966 وعارضها بذلك د. مراد الكلالدة مؤكداً على أهمية هذا القانون لتنظيمه للمخططات الإقليمية والهيكلية والهيكلية التفصيلية، مع ضرورة تحويله بعد قليل من الموائمة مع مشروع قانون الإدارة المحلية المعروض حالياً على مجلس الأمة والذي يراه إيجابي بالمجمل مع إعادة تقليص صلاحيات المحافظ وتفويض مزيد من الصلاحيات للمجالس المنتخبة.
المهندسة إسراء القضاة توقعت ان تستمر الأوبئة الى فترة طويلة مع ضرورة التركيز على مراكز الهشاشة مكان تمركزها وبناء على ذلك يجري وضغ الخطط المختلفة منها مخططات إستعمالات الأراضي.
وفي الختام قرأت الدكتورة لمى الزاغة التوصيات التي رفعتها إدارة المنتدى الى دولة رئيس الوزراء الأفخم/ الدكتور عمر الرزاز وهي كما يلي:

التوصيات

التوصيات الخاصة:
1. تعزيز نهج اللامركزية والإدارة المحلية على مستوى المحافظة والبلديات في إدارة المستويات الهرمية للتخطيط المكاني في الاردن.
2. توفير بيانات جيومكانية ضخمة Big Data تستخدم في مكونات تخطيط المستويات الهرمية المكانية في المملكة وتوظيفها في إدارة مكافحة الأوبئة.
3. الحد من العولمة الإقليمية أو الإنفتاح الإقليمي بما يرجح كفة أسلوب التنمية المركزة.
4. ضرورة دمج أبعاد المدن الذكية Smart Cities (إقتصاد ذكي ، معيشة ذكية ، حوكمة ذكية، مجتمع ذكي، بنية تحتية ذكية ، نقل ذكي ) ضمن مكونات التخطيط الاقليمي والحضري على جميع المستويات الهرمية المكانية لزيادة كفاءتها وتسهيل التعامل معها وقت أزمات الأوبئة.
5. تعزيز مفهوم الإعتمادية على الذات بما في ذلك “الأمن الغذائي” على النطاقات الجغرافية لكافة المستويات الهرمية للتخطيط المكاني في الاردن. إن غلق المحافظات وعزلها هو إجراء يتطلب توفير الاكتفاء الذاتي وبما يعزز فكرة اللامركزية الحضرية.
6. تعزيز الطرق الدائرية لتفادي المرور من المدن وخاصة للنقل بالعبور.
7. التعجيل بإنشاء شبكة السكك الحديدية الأردنية وضمان ربطها بالدول المجاورة للتقليل من النقل بالشاحنات المعتمد على السائقين المعرضين للإصابة بالأوبئة العابرة للحدود.
8. التراجع عن فكرة التكثيف العمراني بالمدن لتحقيق التباعد الإجتماعي والتقليل من الإختلاط والتوجه نحو اللامركزية الحضرية والضواحي متكاملة الخدمات.
9. تعزيز منظومة النقل الموجه للتنمية Transit Oriented Development يقلل الإعتمادية على السيارة ويسهل الحركة في الأحياء Neighborhoods ويعزز منظومة النقل العام الذكي.
10. إعادة هندسة المراكز الحدودية من حيث المداخل والمخارج وأماكن الإنتظار والحجز الصحي وكذلك مداخل ومخارج المدن والاحياء.
11. الإستثمار بتكنولوجيا المعلومات والتطبيق الذكي لتوصيل السلع وتسهيل الخدمات الرقمية On-line services & Shopping.

التوصيات العامة:
1- إعداد إستراتيجية عمرانية وطنية تحدد الإطار العام للمخططات الإقليمية والهيكلية والتفصيلية تفعيلاً لما جاء بقانون تنظيم المدن والقرى والأبنية رقم 79 لسنة. 1966
2- إعداد سياسة حضرية وطنية مكانية National Urban Policy مكملة للإستراتيجية العمرانية الوطنية تعزز اللامركزية الحضرية بما يمكن من التصدي للأوبئة على المستويات الهرمية للتخطيط المكاني في المملكة الأردنية الهاشمية.
3- دمج منظومة صمود المدن City Resilience Framework في منهجيات التخطيط وإستخدامات الأراضي والتصميم الحضري.
4- إعداد نظام لحوكمة التنمية المكانية في الاردن يوضح أدوار ومسئوليات الجهات ذات العلاقة في ادارة عملية التخطيط المكاني بما في ذلك اسس ادارة الاويئة وفقا للمستويات الهرمية.
5- إدخال مفهوم “إقليم المدينة” والعلاقات الوظيفية بين المدن والمحافظات عند إعداد الخطط الإستراتيجية لمستويات التخطيط المكاني في الاردن.
6- إعادة النظر بالتقسيم الإداري للبلديات والعودة عن الأمانات الكبرى لتصغير الرقعة الحضرية المنضوية تحت الإدارة الواحدة أو المنطقة.
7- إعادة دراسة هندسة الطرق وفقاً للهرمية التسلسلية (شريانية Arterial Roads بين المراكز الحضرية) ومن ثم (تجميعية( Collector Roads تصل لمداخل المدن ومن ثم (طرق محلية Local Roads ) بمستوياتها المختلفة.
8- الإستثمار في القطاعات المهمة: الطاقة المتجدده، تكنولوجيا المعلومات، الصناعات الدوائية، الصناعات خفيفة، الزراعة، السياحة والصحة وعكسها على التخطيط المكاني للمملكة.
9- تعزيز التعلم عن بعد وبالأخص الجامعي منه للتقليل من التنقل Commuting بين مكان السكن والجامعة وإستغلال المرافق الجامعية للخدمات المجتمعية.
10- تعزيز نهج المدن الخضراء والزراعة الحضرية على أسطح العمارات والمنازل لتسهم في سد الاحتياجات الاستهلاكية الاساسية لسكان المدن.
11- تشخيص مصادر القطاعات الاقتصادية الاكثر هشاشة وتبويبها وفقا للمستويات الهرمية واعطاءها الاولوية عند ادارة الازمات.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى