هل نحن شعب خرمنجي؟ / جمال الدويري

هل نحن شعب خرمنجي ؟
…وحتى الطفولة الغضة لم تسلم من سطوة وادمان عبوة القهوة صباحا وفي كل الاوقات، المشاة، السائقون، نقل خاص ونقل عام، ولم اسجل حتى الان، ان طيارا هبط امام احد اكشاك الخرمنجية، وربما يحدث مستقبلا، الجميع، ذكور وأناثي، وما بينهما، صغار وكبار، يتواترون عليها ويغادرونها وباليد عبوة القهوة او ما شابه، وكأن هذا السائل الداكن اصبح اكسير الحياة، وكلمة سر البرستيج والنجاح والفتوة والشيخة والعنفوان، سيارات تفاجئ التابعين بالتوقف وتسبب الحوادث واغلاق الطرقات، لأن شيطان الادمان قد ضرب سائقها او ركابها فجاة، فأمره ان توقف واسقني،
والمرور…يلعن ابو المرور، واللي وراك؟ ابو اللي وراي…بدي قهوة.
وروايات تسمعها تشيب لها الولدان، فلان…ما شاء الله، يملك اربعين فرعا لقهوة ابو فلان، وفلان، افتتح فرعه الحادي والعشرين…وهكذا، وكأنهم بزّوا بيل غيتس فكرا وتجارة واقتصادا.
وصبية يلوحون بالصواني، ويقتحمون الشوارع وحيزات المرور العامة، لا يبالون بالسيارات وجنونها وخطرها ولا بحياتهم وقيمتها…المهم استجلاب الزبائن والمناداة: واحد مالبورو احمر واثنين غلي.
المحصلة…اختناقات مرورية وحوادث وخسائر، وهوش وغوش ومسبات واعرف مع مين بتحchي، ومظاريب وجكات وما شابه، وتبادل لاطلاق الشتائم واللكمات، وغير هذا الكثير مما اصبح ينذر بشر مستطير.
كل هذا من اجل شفطتين من هذا السائل البني المائل للسواد المسمى بالقهوة.
ان خطية شعبنا وطفولتنا وصحتنا وأخلاقنا وشوارعنا وحركتنا المرورية، برقبة من اجاز ورخّص وفتح وقبض رشوة او بقشيشا او عمولة او اساء الحساب والتخطيط وأجرم بحق البلد. اكشاك القهوة ام المترين بمتر، والتي عقدت حياتنا وشكل تعاملنا ونزعت اخلاقنا، هي جريمة نكراء وقنبلة موقوتة وأذى مستدام للوطن والمجتمع والقانون وسيادة وهيبة الدولة، انها قرار جسيم الخطورة في الوقت والأمكنة الخاطئة والسوس الذي ينخر بعظم البنية الاجتماعية والصحية والتحتية والفوقية لناسنا وجماعتنا.
ولتكمل الصورة، فقد باتت هذه الأكشاك التي غزت الطرق السريعة والمحافظات، تستخدم اللواحات الضوئية الزرقاء المشابهة لما تستخدمه مركبات الأمن العام ودوريات الطوارئ، لتنبيه الخرمنجية لأوان موعد الجرعة، وامري على الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى