هل أنت مثلي تحتاج إلى حجر؟ / ماجد دودين

هل أنت مثلي تحتاج إلى حجر؟

قصة فيها عبرة عظيمة أنقلها لكم بتصرّف

اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) سورة الأنبياء

بينما كان أحد رجال الأعمال يقود سيارته الفارهة الجديدة، في إحدى الشوارع،

ضُرِبت سيارته بحجرٍ كبيرٍ على الجانب الأيمن منها ….

ترجّل الرجل من السيارة بسرعة، ليرى الضرر الذي لحق بسيارته، ومن الذي فعل ذلك الفعل الغريب؟

وإذ به يرى ولدا يقف في زاوية الشارع، وتبدو عليه علامات الخوف والقلق والاضطراب…

اقترب الرجل من ذلك الولد، وهو يشتعل غضبا لإصابة سيارته بالحجر الكبير…

فقبض عليه دافعا إياه إلى الحائط وهو يقول له:

– يا لك من ولد مشاكس، لماذا ضربت سيارتي الجديدة بالحجر؟ إن عملك هذا سيكلفك أنت وأبوك مبلغا كبيرا من المال.

انهمرت الدموع من عيني ذلك الولد وهو يقول: ” أنا آسف جدا يا سيدي وأعتذر إليك”

لكنني لم أدرِ ما العمل وماذا أفعل، لقد انقضت فترة طويلة من الزمن، وأنا أحاول لفت انتباه أي شخص كان، لكن لم يقف أحد لمساعدتي ويهبّ لنجدتي. ثم أشار بيده إلى الناحية الأخرى من الطريق، وإذ بولدٍ ملقى على الأرض.

ثم تابع كلامه قائلا:

– إن ذلك الولد الذي تراه على الأرض هو أخي، لكنّه لا يستطيع المشي بتاتا، إذ أنه مصاب بالشلل الكامل، وبينما كنت أسير معه، وهو يجلس على الكرسي الخاص به، اختل توازن الكرسي، وإذ به يهوي في هذه الحفرة، وأنا صغير، ليس بمقدوري أن أرفعه، مع إنني حاولت كثيرا. أتوسل إليك يا سيدي أن تساعدني على رفعه؟ لقد مضت عليه فترة من الزمن هكذا، وهو خائف جدا، ثم بعد ذلك افعل ما تراه مناسبا، بسبب ضربي سيارتك الجديدة بالحجر.

لم يستطع ذلك الرجل أن يتمالك عواطفه ومشاعره، وغص حلقه ولم ينبس ببنت شفة، ثم رفع على الفور ذلك الولد المشلول من الحفرة وأجلسه على الكرسي، ثم أخذ محرمة من جيبه، وبدأ يضمد بها الجروح التي أصيب بها الولد المشلول، من جراء سقوطه في الحفرة.

بعد ذلك سأله الولد:

– والآن، ماذا ستفعل بي بسبب ما حدث لسيارتك؟

أجابه الرجل:

– لا شيء يا بني، لا تأسف على السيارة. سأوصلكم بها إلى بيتكم… وأشكرك على الدرس الذي علّمتني إياه …

لم يشأ ذلك الرجل أن يصلح سيارته الجديدة، مبقيا ً تلك الضربة تذكارا ً عسى ألا يضطر شخص أخر أن يرميه بحجر لكي يلفت انتباهه.

إننا نعيش في أيام، كثرت فيها الانشغالات والهموم، فالجميع يسعون لجمع المقتنيات والماديات والكماليات، ظنا منهم، بأنه كلما ازدادت مقتنياتهم، ازدادت سعادتهم أيضا، بينما هم ينسون الله تعالى كليا.

إن الله يمهلنا بالرغم من غفلتنا لعلنا ننتبه، فينعم علينا بالمال والصحة والعلم … بالنعم التي لا تعد ولا تحصى… ولا نلتفت لنشكره سبحانه على نعمه وفضله علينا، يذكّرنا … لكن ليس من مجيب، فينبهنا الله بالمرض أحيانا، وبالمصائب والابتلاءات أحياناً لعلنا ننتبه ونتذكر ونستيقظ من غفلتنا ونعود لجادة الصواب.

ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر علاقته مع الله رب العالمين؟

إن الإنسان يتحسب لأمور كثيرة، فسياراتنا نؤمن عليها في شركات التأمين، وبيوتنا وممتلكاتنا الثمينة مؤمن عليها، وأجسادنا نؤمن عليها بالتأمين الصحي …ولا بأس في ذلك ولكن هل حياتك الأبدية مؤمنة بالتقوى وأرصدة القبور بالأعمال الصالحة؟

هل نحن منتبهون؟ أم نحتاج إلى حجارة تنهال علينا لنستيقظ من غفلتنا؟

اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) سورة الأنبياء

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى