
مواسم الهجرة
هذه الليلة ينقبض قلبي ، تتجاوحني الأحزان ، تخترم ضلوع الصدر ، وتغتلي ماء حميما ، وجمرا قتادا ، تستقر في مكائن غائرة من الضمير والوجدان ، أختلي بنفسي ، أطيل الخلوة … ويستغرب رفيقي ، تشتعل فيه الرغبة العميقة في انتشالي ، ويصر علي ، ويعرف أني أحتاجه بقدر حاجته ، خطواتنا متوازية ، متشابهة الإيقاع ، وفية الصعود .
يقترب مني ، يمد يده بفنجان القهوة العربي ويسأل . الصمت يعمر المكان ، والانتظار يغمر الجوانح ، وأخبره بخطوة قادمة ، مشروع قادم …. يحملق في سقف الغرفة ، ويعيد. رأيه القديم : رفيقك مشروع نجاح كبير ، أو موسم حصاد بلا زرع . على أية حال أنا موافق ، رفيقك كنت ، وسأظل .
للحزن عندي مواسمه ، فجأة يدق الباب ويدخل ، رافقني منذ طفولة بعيدة ، تعمقت صحبتنا ، وتوالفت عشرتنا ، .عدنا أعز صديقين ، يمنحني طعما ، أقدم له لونا ، أغتسل برائحته ، أبري له من حدقاتي نكهة ، ونتفق .
يا رفيقي ، أنت الآن بجانبي ، تقدم قدرك مهرا لقدري ، وتزرع دمك نخلا في شراييني ، ولا تمن أو تضن ، وأنا مزروع على أهدابك ، مغروس في حناياك ، سنعبر الحكاية معا إلى الشاطئ الآخر ، معا بلا مواربة ، ولا خذلان ، أو تراجع ، فكم مرة سنحيا ، وكم مرة سنموت ، فلا يخذلك حزني ، ولا يكسر سياجك . مجرد محطة انتظار في سفر قادم .