” نفاق !!!”
أمضى الشيخ خطبته العصماء و هو يعظ الناس بالموت رغم أنه ابتدأها برسائل تشدد على أهمية الحضور للمسجد باكرا و عدم تخطي رقاب المصلين…. لكن صاحبنا وصل متأخرا و كان يحاول الوصول للصفوف الاولى مع انتهاء الخطبة ….يتخطى الرقاب و يتجاوز الصفوف …. و قد ظل واقفا فيما كان الشيخ يدعو دعاء ختام الخطبة…. فهو كما يبدو في عجلة من أمره … لدرجة أنه لم يجد وقتا كافيا لتبديل ملابسه ليلحق صلاة الجمعة … فقد حضر بما يشبه بدلة الرياضة … رغم أن كرشه المتدلي لا يوحي بأنه يمارس أي نوع من الرياضة .
شدد الامام على أن الشيطان ” شاطر ” و يستطيع أن يفقدك تركيزك بكل يسر و سهولة … فلا بد أن يتلبسك مجرد أن تنوي الصلاة لتبدأ تفكر …. ” ما هي طبخة اليوم؟!” …” من سيزورنا الليلة و من الذي سيحضر و ماذا سنقدم لهم ؟! ” …” هل سيخالفني الشرطي لانني اصطف مزدوجا ؟” ” قد احتاج لتغيير طريقي للشقة … فلا يراني صاحب العمارة ليطالبني بالايجار المتأخر ؟! ”
نبه الامام المصلين بأن هناك صلاة جنازة ستتبع صلاة الجمعة بعد السنة مباشرة …. علا صوت صاحبنا من دون كل الناس مطالبا الامام بالصلاة على الرئيس مرسي” رحمه الله” … لكن الامام اعتذر بأنه لا يستطيع ….و ثار صاحبنا منتقدا كل شئ و متهما الامام بأنه جبان و يتلقى الاوامر و التعليمات من جهات مجهولة… و بين حوقلات بعض المصلين و نظراتهم الحائرة و أحزان أهل الميت الحاضر و ارتباكهم … آثرت الانسحاب كي أحظى بأحد صناديق ” الفقوس ” التي رأيتها عند مدخل المسجد قبل أن تنفذ فيبدو أن شيطاني جعلني أفكر بهن طوال الوقت.
اضطررت للانتظار عدة دقائق كي استطيع الخروج بسيارتي من ما يشبه سوق “الحسبة ” و كنت أظن نفسي أستحق المخالفة” انا متأكد من ذلك !” … و صدقا لم يكن لدي أي سبب للانفعال و التوتر و لكن بعد أن انطلقت سائقا … شعرت بأن الشيطان نفسه ركبني أنا و السائقين معي… كنت مسرعا و أسابق هذا وازاحم ذاك و هم ايضا يفعلون ذلك و لا أعرف لماذا !!
أشر لي شرطي الدورية بالوقوف …. رغم أن الشارع مزروع ب” كاميرات ” و بالاتجاهين …و صدقا لم أوفره ذما و قدحا و سخطا … إلى أن توقفت بمحاذاته… تصنعت ابتسامة عريضة جدا بانت منها نواجذي … و قلت له” الله يعطيكم العافية!!”…
و يبدو أنه شعر بصدق مشاعري الجياشة …فأشار لي بمواصلة المسير !!
” دبوس على النفاق”