مَن يحاسب مَن ؟!..

مَن يحاسب مَن ؟!..
سهير جرادات

هل الحكومة مَن عليها أن تحاسب المواطنين لعدم التزامهم بالتعليمات الصحية، ولبس الكمامة والتقيد بالتباعد الاجتماعي ؟! أم أن على المواطنين محاسبة الحكومة السابقة لإهمالها وضعف إجراءاتها وخططها لمواجهة فيروس كورونا والحد من انتشاره؟!هذه الأسئلة علينا أن نطرحها للوقوف على بعض الحقائق التي تمكننا من الحصول على الإجابة عن السؤال الأكثر حيرة : مَن يحاسب مَن ؟!!..

يدور الآن حديث بين الناس يقول ان الحكومة السابقة ستتم محاسبتها وتقديمها للمحاكمة ، ليس الآن ، وإنما بعد إجراء الانتخابات النيابية والانتهاء منها ، حيث سنشهد الإعلان عن أرقام مضاعفة لحالات الإصابات ، والتخوف من العودة للإغلاقات ، خاصة أن العديد من دول العالم تستعد للعودة للإغلاقات الجزئية والكلية، الأمر الذي سيرافقه تذمر شعبي ومطالبات شعبية بتقديم الحكومة السابقة للمحاكمة لمعرفة من أوصلنا الى هنا ؟!.. حيث ان الخروج من الوظيفة لا يخلي الشخص من مسؤولية تعريض المملكة وأمنها وأمن مواطنيها للخطر ، مما يتطلب تحويل طاقمها إلى محكمة أمن الدولة ، وتطبيق قانون منع الإرهاب ، وايقاع أشد العقوبات عليهم!!

المحاكمة والمحاسبة يجب أن لا تقتصر على أعضاء الوزارة، وإنما يجب أن تشمل مدير مستشفى البشير الذي خرج علينا بتصريحات يتهم فيها وزير الصحة السابق بتنصله من المسؤولية بعبارة ” دبر حالك “.. لنعرف منه كيف ” دبر حاله ” خلال تلك الفترة ؟؟!! ومعرفة الأسباب التي أجبرته على السكوت وعدم مواجهة (جابر) عندما كان مسؤوله المباشر ؟!!..

مقالات ذات صلة

كما تجب محاسبة الحكومة السابقة على إهانة موتانا ، وعزلهم في مقابر خاصة بعيدة عن مسقط رأسهم ، وحرمان ذويهم من توديعهم والمشاركة في الدفن ، ليتبين لنا أن هذا الإجراء كان لا داعي له ، وتم التراجع عنه ، وسُمِح بدفن جثامين موتى الكورونا في أحضان قراهم ومسقط رأسهم .

علينا أن نعود إلى الوراء قليلا ، وتحديدا إلى ثالث أيام عيد الأضحى المبارك حيث كان على غير العادة يوم دوام رسمي ولم يكن عطلة ، وجاء بعد يومين من الحظر الشامل ، لنبدأ من وقتها حالة من الانفتاح التام، وإلغاء الحظر الشامل ، مع الإبقاء على الحظر الجزئي ، وكأن التاريخ توقف عند ذلك ، فالأمور بقيت تراوح مكانها ، لا مخططات ولا مشاريع لتحصين منظومتنا الصحية .

دعونا نحدد ما لنا وما علينا ، الحكومة تتهم المواطن بعدم الالتزام بالتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات ، متناسية أن الطاعة العمياء التي ابدوها لامتثالهم لأوامر” قرع الجرس”، الذي كان يجمد حركتهم من ساعة الصفر وحتى السماح لهم للانطلاق من جديد ، فيما الحكومة استمرت بالالتزام بالاستعراضات الإعلامية التي كانت توهم المواطن بأن الفيروس ” نشف ومات “،مع المحافظة- باعلاناتهم- على اعداد متواضعة للاصابات ، لنتفاجأ بعد خمسة شهور من الانفتاح التام ، والعودة شبه الطبيعية للحياة ، بأن الحالات وصلت إلى حدود غير مقبولة ، وبدأنا نسجل إصابات يومية بالآلاف ، وشهدت أرقام الوفيات ازديادا غير معقول ، لنصل إلى حقيقة مفادها أن الحكومة رحَّلت الأزمةَ ولم تحلها .

في هذه الفترة ، وبعد أيام من تشكيل الحكومة الجديدة بدأت الأصوات تتعالى وتطالب بمحاسبة حكومة الرزاز الراحلة ، وأهم أعضاء طاقمها الوزاري الذين صنعت منهم منصات التواصل الاجتماعي” نجوما” وهم: وزراء (الصحة ، والنقل، والصناعة والتجارة ، والعمل والاعلام )، اثر انشغالهم بالظهور الإعلامي والاهتمام بإجراء المقابلات واللقاءات الصحافية على حساب وضع الخطط التي تهدف إلى حماية المواطن ، وبالتالي حماية الوطن من خطر الوباء الذي تداعت له الإنسانية جمعاء ، حيث تركت الأمور على ما هي دون العمل على إنشاء مستشفيات ميدانية استعدادا للمرحلة الثانية من انتشار الفيروس، ولم تسد النقص في الكوادر الطبية ، وافتتحت مباني طبية كانت تحت الانشاء قبل الوباء وتركتها خاوية من الكوادر، والسؤال المطروح مادامت الحكومة السابقة كنت تحذرنا من المرحلة الثانية الأشد خطرا على المواطن ، لماذا لم تتخذ إجراءات بهذا الخصوص ؟؟!!

من باب أولى، قبل أن نقدم المستشفيات الميدانية ” اعطيات ” لدول صديقة ومجاورة كان علينا أن نؤمن أنفسننا وننشئ مستشفيات ميدانية ( كرافانات ) في جميع المحافظات، حتى لا نصل إلى حالة التردي الصحي التي اظهرتها صور نشرها الاعلام ، ولم تنكرها وزارة الصحة، حيث تظهر المواطنين المصابين بفيروس الكورونا يفترشون الارض انتظارا لسرير يستوعبهم ، أو لجهاز تنفس ينقذ رئتهم التي لم تعد تقوى على التنفس .. صور تقشعر لها الأبدان وتولد شعورا بالغضب لتقصير الحكومة السابقة في الاستعداد للمرحلة الكورونية الثانية ؛ الأشد فتكا بالإنسانية جمعاء ، بعد أن ثبت أن الفيروس لم ينشف ولم يمت ، وأن بيت العزاء الذي أقيم لا يعود له.

ومع ازدياد أرقام الإصابات التي نسجلها ، وارتفاع أعداد الوفيات ، ومن باب الشفافية وإزالة اللبس والمكاشفة والمصارحة، يجب أن يتم تضمين اجمالي الوفيات الكلي اليومي في الأردن عند الإفصاح عن اعداد الوفيات جراء الإصابة بالكورونا ، والتي يتم الإعلان عنها في الايجاز الصحفي اليومي .

ان بلوغ نسبة الإشغال في مستشفيات القطاع الخاص 90% ، واعتراف لجنة الأوبئة بوجود نقص في مختصي العناية الحثيثة ، وأن من يشرفون على رعاية العناية الحثيثة غير مؤهلين بصورة كافية ، يزيد القلق لدى الأهالي من حساسية استخدام أجهزة التنفس ، حيث ان أي زيادة أو نقصان في كمية الاكسجين يؤدي إلى الموت المؤكد .

قادم الأيام سيؤكد لنا محاكمة الحكومة السابقة، أم سينتهي الأمر بتوفير الحصانة لأفرادها المطلوبين للمحاكمة بتعيينهم بمواقع حساسة في الحكومة أو الديوان أو في مجلس الاعيان ، ليتمتعوا بالحصانة لسنوات يضمنون خلالها أن يكون فيروس كورونا حقيقة قد ” نشف ومات “!!

وبذلك بتكون راحت عليك ” يا مواطن “!!

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى